الأقباط متحدون - إحنا فين.. فى بلدنا ولا فين؟
أخر تحديث ١٨:٠٧ | الجمعة ٢١ اغسطس ٢٠١٥ | ١٥مسرى ١٧٣١ ش | العدد ٣٦٥٩السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

إحنا فين.. فى بلدنا ولا فين؟

د.محمود خليل
د.محمود خليل

هل تذكر هذا المقطع من أغنية «الذكريات» التى كتبها أحمد شفيق كامل، ولحنها محمد عبدالوهاب، وشدا بها العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ؟ يقول المقطع: «كنت تلميذ فى ابتدائى.. وأصدقائى.. يوم كده فى شارع جنب بيتنا.. كنا بنطيّر طيارتنا.. اللى صانعينها بإيدينا.. التقينا شلة من أولاد هناك.. إنجليز من سننا.. بيطيّروا هما كمان طيارتهم زينا.. طيارتنا وطيارتهم مرت النسمة خدتهم.. شبكتهم.. عقدتهم.. وقعتهم.. الولاد الخواجات بالضرب هات فينا.. ضربناهم برجلينا وإدينا.. وانتهينا.. فى البوليس راحوا اشتكونا.. وجرجرونا.. وبهدلونا.. التقينا فى قسمنا.. اللى اسمه عربى.. الشويش راجل أوروبى.. إنجليزى وشه أحمر قال: دول حماية.. ابتدى قلبى الصغير يدور عن جواب لسؤال يحير: إحنا فين.. فى بلدنا ولا فين؟».

أيام الاحتلال البريطانى كانت أى خصومة ما بين مصرى وأجنبى يتم النظر فيها أمام محكمة تابعة لقنصلية الأجنبى، وظل هذا الوضع قائماً حتى أنشأ الخديو إسماعيل ما يسمى بالمحاكم المختلطة التى كانت تتشكل من قضاة مصريين وأجانب للنظر فى القضايا التى يكون طرفا الخصومة فيها مصرياً وأجنبياً، وما أكثر ما كانت تنتصر للأجنبى على حساب المصرى، الأمر الذى كان يدفع المظلوم باستمرار إلى طرح هذا السؤال: إحنا فين.. فى بلدنا ولا فين؟! فالإحساس بأن القانون لا يطبق بصورة عادلة على الجميع، أو أن أحكامه تسرى على أناس دون آخرين إحساس شديد المرارة. فى هذا السياق ليس بإمكان الكثيرين استيعاب عمليات الإفراج التى تمت بحق شخصيات بعينها أدانها القضاء لمجرد تدخل شخصيات معينة. أشياء كثيرة يمكن أن يتوقعها الإنسان، لكن ذلك لا يمنع من وقوعه فى دوائر الحيرة والاستغراب إذا حدثت، تماماً مثلما توقع الكثيرون ألا يطبق حكم السجن على «توفيق عكاشة» بعد القبض عليه من بيته فجراً، لكنهم فوجئوا بأن ذلك حدث بالفعل.

لقد زعم أنصار عكاشة أن القبض عليه تم بسبب انتقاده لوزارة الداخلية، أى إن الموضوع جاء تطبيقاً لنظرية «قرصة ودن»، وهو ما نفاه بعد ذلك البعض. وحقيقة الأمر فإن كلام أنصار «عكاشة» يبدو معقولاً إذا أخذنا فى الاعتبار أن الإفراج عنه تم بعد ساعات من لقاء جمع المستشار مرتضى منصور والإعلامى مصطفى بكرى بوزير الداخلية. لو صح هذا التفسير فعلينا أن نسلم بأننا بصدد موقف خطير، وذلك من زاويتين، أولاهما أن السعى المشكور لأهل الخير ممن يتدخلون لحل المشكلات أصبح له تأثير على أمور لا ينبغى أن يكون له تأثير عليها، وثانيتهما أنه لو صح تخمين أنصار عكاشة بأن الداخلية كانت تمارس نوعاً من «قرص الودن» مع توفيق عكاشة، من خلال القبض عليه، وتنفيذ حكم حبسه، ولما قضت منه وطرها، سمحت بخروجه، فإننا أمام مشهد شديد الإزعاج، ويؤشر من جديد إلى ذلك السؤال العبقرى فى بساطته والذى طرحه الشاعر الرقيق أحمد شفيق كامل ذات يوم: «إحنا فين.. فى بلدنا ولا فين؟».

نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع