«إذا لم تستح فافعل ما شئت».. هذا هو المثال الدقيق الذى يعبر بصدق وواقعية عن موقف اتحاد الكرة وبعض الإعلام من قضية اللاعب أحمد الشيخ، المنتقل حديثاً للنادى الأهلى، وهى القضية التى شغلت الرأى العام طوال الأسبوع الماضى، وكشفت تفاصيلها عن عورة النظام الكروى، الذى يُدار بالصوت العالى تارة وبالفساد تارة أخرى وبالكراهية والتحزب تارة ثالثة.
هذه المرة نحن أمام جريمة مكتملة الأركان فى حق الرياضة وكرة القدم، ومؤامرة مكشوفة بسذاجة ضد النادى الأهلى، أصحابها أخرجوا لسانهم من فرط بجاحتهم ليقولوا لنا أيوه إحنا بنتآمر!
وعندما أختار فى أول كلامى كلمات من نوع (عورة، فساد، كراهية، تحزب، جريمة، مؤامرة، بجاحة)، فهذا ليس من قبيل الغضب أو الضيق أو الحزن على حالنا الأسود، بل هذه أبسط كلمات وجدتها فى القاموس، لتوصيف ما ارتكبه اتحاد الكرة من حماقة متعمَّدة أدان بها نفسه وفضح تعمده كسر أنف الأهلى، انتصاراً لأصحاب النفوس الضعيفة والأصوات القبيحة، الذين لا يقوون أن يروا مؤسسة تقف تعتز بنفسها وتحترم تاريخها وتقدر جماهيرها، فى وقت يقف فيه أغلبهم منبطحين أمام قوى الشر، التى ستسقط عاجلاً أم آجلاً، بعد أن يستكمل النظام الجديد بنيانه ويتخلص من الشوائب العالقة بجسده من أزمنة سابقة فاسدة.
وقضية اللاعب أحمد الشيخ تفضح نفسها منذ اللحظة الأولى، وتبدأ فصول القصة فى ديسمبر الماضى عندما وقَّع اللاعب عقوداً لنادى الزمالك دون علم ناديه الأصلى- وهو المقاصة- الذى قرر إيقاف اللاعب وتغريمه 10 آلاف جنيه عندما علم بالواقعة، ثم كان الفصل الثانى فى شهر يوليو الماضى عندما تفاوض نادى الزمالك مع المقاصة على شراء ثلاثة لاعبين وهم: أحمد الشيخ، وباسم عبدالعزيز، ووائل فراج مقابل 15 مليون جنيه يدفع منها الزمالك 7.5 مليون جنيه، أول أغسطس، وإلا يعتبر الاتفاق لاغياً، ولم يَفِ الزمالك بعهده، فقرر المقاصة قيد لاعبه يوم 4 أغسطس، وأغلق ملف الزمالك ليدخل الأهلى ويشترى اللاعب ويدفع المبلغ «كاش»، ويتوجه بأوراقه الرسمية التى لا تشوبها شائبة إلى اتحاد الكرة، ليفاجأ بلجنة شؤون اللاعبين- التى يرأسها محمود الشامى- ترفض قيد اللاعب، بدعوى أنه وقَّع لناديين، الأهلى والزمالك، فى واقعة أسقطت ورقة التوت عن اتحاد الكرة ليقف عارياً، فاضحاً تواطؤه بسذاجة، وهذا ما تثبته الوقائع الآتية:
أولاً: لا يحق لاتحاد الكرة- وفقاً للوائح- أن يمنع قيد لاعب لناد لديه عقد مع لاعب وناديه الأصلى واستمارة رغبة وإيصالات تسلم مبالغ مالية، حتى لو كان اللاعب قد وقَّع على عقود لعشرة أندية أخرى، لأن خطأ اللاعب لا يحول دون قيده، حيث يضر هذا بمصلحة النادى الجديد.
ثانياً: أما الواقعة القاطعة الدامغة، التى تثبت تورط اتحاد الكرة ورئيس لجنة شؤون اللاعبين فى المؤامرة، فهى ثبوت أن اتحاد الكرة تسلم من نادى الزمالك عقده مع أحمد الشيخ، يوم 3 يوليو الماضى، ما يعنى أن اتحاد الكرة كان على علم تام وباتّ بأن اللاعب وقَّع للزمالك الذى طلب الحق فى قيده، إلا أنه لم يقدم باقى المستندات المطلوبة لإتمام عملية القيد، وهى الاستغناء من المقاصة واستمارة الرغبة، وبعدها قامت لجنة شؤون اللاعبين بقيد أحمد الشيخ فى قائمة نادى المقاصة، صاحب اللاعب الأصلى، متجاهلة العقد المسلم من نادى الزمالك، حيث كان يتوجب عليها- وفقاً للائحة- قيده، ثم إيقافه فوراً، وتحويله للتحقيق هو ونادى الزمالك- الذى تعاقد مع لاعب فى فترة سريان عقده مع ناديه الأصلى- إلا أن اتحاد الكرة- من قبيل التواطؤ وليس أى شىء آخر- أهمل العقد المقدم من الزمالك، وهى جريمة يعاقب عليها القانون، وغضَّ الطرف عن التحقيق وإيقاف اللاعب الذى شارك مع نادى المقاصة فى مباراته مع بتروجت فى كأس مصر، يوم 4 أغسطس، ولكن بمجرد أن تقدم الأهلى بعقده السليم شكلاً وموضوعاً وقانوناً، فوجئنا برئيس لجنة شؤون اللاعبين- الذى أشرف على تنفيذ المؤامرة- يعلن رفضه قيد اللاعب للأهلى، لوجود عقد سابق مع الزمالك مودع كأمانة فى خزينة الاتحاد، لاستخدامه ضد الأهلى عند الطلب، فإذا كان اتحاد الكرة يعترف بهذا العقد، فلماذا لم يُوقف قيده للمقاصة؟ ولماذا لم يُحِل اللاعب ونادى الزمالك للتحقيق؟ ولماذا الاعتراف بهذا العقد الآن؟!!
وهذه الواقعة ليس المهم أنها تفضح تواطؤ اتحاد الكرة- أو بالأدق فى هذه الواقعة محمود الشامى- ضد الأهلى، فالأهلى نادٍ كبير ومجلس إدارته وجماهيره العريضة قادرون على حماية حقوقهم من العابثين، ولكن الخطر على الأندية الأخرى، فإذا كانوا تواطأوا على الأهلى، فماذا يفعلون مع الباقين، الذين ليس لهم ظهر أو سند جماهيرى، وكيف لنا أن نستأمنهم على إدارة اللعبة والمنتخبات؟
وواقعة أحمد الشيخ هى امتداد طبيعى ومنطقى لواقعة مشاركة طفل فى مباراة الأهلى والجونة، وهى المشاركة المخجلة لنا كمصريين بالإساءة إلى طفل واستخدامه فى معركة كيدية بين اتحاد الكرة ونادى الجونة، الذى يجب أن يُحاكم مسؤولوه على هذه الحركة الصبيانية، ولكنه زمن العبث والعابثين وأصحاب الأصوات القبيحة!
ويبقى السؤال المهم: هل تورط المهندس خالد عبدالعزيز، وزير الشباب والرياضة، ممثل الحكومة، المعروف عنه زملكاويته قلبا وقالبا، فى هذه المؤامرة التى أدارها اتحاد الكرة على الأهلى، خاصة أن المعلومات تفيد بأن الاتحاد اتخذ عقوبة إيقاف أحمد الشيخ 4 أشهر، وتغريمه 133 ألف جنيه، فى اجتماعه عصر الثلاثاء الماضى، ولم يعلنها إلا بعد أن توجه محمود الشامى، عضو مجلس إدارة الاتحاد، إلى وزير الرياضة، واجتمع معه فى مركز شباب الجزيرة، وعاد بعدها بنصف الساعة إلى مقر الجبلاية، وأعلن العقوبة رسمياً؟
وهو ما فسره البعض بأن الوزير بارك هذه العقوبة، وأعطى لمجلس إدارة الاتحاد الحماية من عدم الحل أو اتخاذ أى إجراءات عقابية ضده إذا ما تفاقمت الأزمة وانكشفت المؤامرة.
هذا السؤال يجب أن يجيب عنه الوزير بعيداً عن التصريحات الدبلوماسية أو ذكر أسباب واهية حول أن مقابلته مع الشامى كانت لمناقشة أزمة الشركة الراعية مع اتحاد الكرة، لأن هذا السبب أضعف من أن يُقنع العيل فى بطن أمه.
والله العظيم، ورغم هذه الإحباطات والمناخ الكئيب الذى تعيشه الكرة، فإن هناك أملا كبيرا وطاقة نور فى ألعاب أخرى، فالإنجاز الذى حققه لاعب منتخب مصر والنادى الأهلى أحمد أكرم- بإحرازه المركز الرابع فى نهائى سباق 1500 متر فى بطولة العالم، وهو الإنجاز الذى لم نصل إليه منذ ثلاثينيات القرن الماضى- يدفعنا للتفاؤل والثقة بأنفسنا، وهنا تجدر الإشادة بالدكتور أحمد سعيد، نائب رئيس النادى الأهلى، وعينه الثاقبة وموهبته كسباح أوليمبى وإصراره على دعم مجلس إدارة النادى للبطل أحمد أكرم وتحمل نفقات سفره إلى معسكرات تدريبية فى أمريكا وغيرها، وهكذا تكون صناعة الأبطال الأوليمبيين.
نقلا عن المصرى اليوم