منذ أن نشرت محاولة تقديم تفسير علمى منطقى لمسألة نزول زيت من صور العذراء فى الكنيسة وانتقاد ترويج أن هذا الزيت يعالج الأمراض من تليف الكبد إلى السرطان، قامت القيامة وفجأة أصبح نزول الزيت من هذه الصور كلاماً مقدساً من صلب العقيدة ومن يحاول التعليل واستخدام المنطق فهو يعد مزدرياً ملحداً لا يعرف طعم الإيمان الحقيقى، ولذلك أود أن أوضح بعض النقاط رداً على ما وصلنى من انتقادات من الإخوة المسيحيين:
1- العلم يؤخذ «باكيدج» على بعضه، لا ينفع فيه نظام القطاعى والتجزئة، لا ينفع أن أستخدم جهازاً أو دواءً دون الإيمان بالمنهج الذى أنتج وأفرز هذا الجهاز أو الدواء، والمنهج العلمى يقول إن نتيجة التجربة واحدة إذا ثبتنا نفس الظروف، الماء يغلى عند درجة 100 فى موزمبيق وفى أمريكا، لكن لما واحدة تُشفَى بالزيت المتدفق من الصورة مثلما يقال وخمسين واحدة لا تشفى، هذا ليس علماً إنما هو من قبيل الخرافة وأرجوك لا تقل لى بركة حتى تتهرب من الإجابة!!.
2- رد الكثيرون أن الإيمان اللى مش حتفهمه هو سر شفاء البعض وعدم شفاء البعض الآخر!!، وطبعًا هذه دائماً حجة من ليس لديهم منطق، ستجدهم يلقون فى وجهك بأن كذا لم يتحقق كما قلنا لك لأن إيمانك ناقص، من يقول هذا لا يفرق شيئاً عن أسلوب صفوت حجازى عندما قال للناس فى رابعة ادعوا أن الطيارة تقع فلما ماوقعتش قال لهم أصل إيمانكم ضعيف!!، وإذا كان هذا الزيت يحتاج لإيمان لكى يشفى الناس فلماذا يتجه القساوسة الكبار إلى لندن وأمريكا للعلاج ولديهم الزيت على بعد أمتار قليلة وإذا كانوا قد دهنوه فلماذا لم يُشفُوا!!، هل كان ينقصهم الإيمان؟! وهل الأطفال المسيحيون الأبرياء الأنقياء الذين لم تلوثهم بعد الدنيا والموجودون لتناول العلاج العلمى الحقيقى فى 57357 والذين لم يخففهم الزيت المزعوم الذى ينزل من الصور، هل كان ينقصهم الإيمان أيضاً؟!.
3- تحدانى معظم من أرسلوا ردودًا أن أطّلع على شهادات فلانة وعلانة ممن تم علاجهم بالزيت، يا سادة العلم لا يؤخذ بكلام فلانة ولا علانة ولا نميمة ولا قالوا أو قلنا، العلم تجارب عملية وإحصائية منضبطة، وهذا سر تقدمه وفيه حاجة اسمها البلاسيبو شوية نشا خادع لابد من مقارنته بالدواء وعمل مقارنة، ولو طلعت المقارنة فى صالح الدواء بنعترف به، وفيه نسبة من المرضى بتستجيب للبلاسيبو، ولكن رغم هذا فالدواء يكسب لأنه شىء منضبط علمياً وأرقامه ونتائجه لها دلالة، وعلى فكرة مليون شخص شاهدوا الساحر كوبرفيلد وهو ينقل تمثال الحرية ويخفى سور الصين العظيم، فهل تقبلون ذلك كمعجزة؟!، وأدعوكم إلى قراءة كتب السيكولوجى لتتعرفوا على ظواهر الهلاوس والضلالات الجماعية التى تنتقل كالعدوى، من ناس بتشوف أطباق طائرة وناس أقسمت أنها شافت فلان بيثنى المعادن عن بُعد وجراح تايلاندى شال المرارة والورم من غير جراحة... إلخ، هل ستعترفون بكل هذه الخرافات عشان فلان شاف أو سمع؟!!، أما الكلام شوف الطبيب الفلانى قال إيه فى تقريره عن الحالة التى شفاها الزيت، فممكن أجيب لكم أطباء كتير مؤمنين بالخرافة وللأسف لم تؤثر دراستهم فى كلية الطب فى ترسيخ نظرتهم العلمية إطلاقاً، وهل لأن ألف طبيب مسلم أقسموا أن الحجامة تشفى الشلل، هل هذا سيجعلنى أصدقهم؟!!!.
4- أتمنى أن يجيبنى أحد المعترضين عن سؤال ما هى المادة الفعالة فى هذا الزيت، وما هو الجزء الذى تضربه هذه المادة فى الخلية السرطانية أو فى تليف الكبد... إلخ.. هذا هو الكلام العملى، وهناك مؤسسة جيمس راندى الأمريكية التى تقدم جائزة مليون دولار لأى شخص يثبت أن هناك معجزة خارقة ويقدم أدلتها، وحتى الآن فشل الجميع فى إثبات ذلك، فياريت يتقدم شخص منكم ويسافر ويعرض معجزة الزيت الذى ينزل من الصور للمؤسسة حتى يحصل على المليون دولار ومبروك عليه.
5- الإنسان قديمًا عندما جهل سبب البرق والرعد والمطر... إلخ، عبدها وفسرها تفسيرات إعجاز، ولما اكتشف السبب صارت هذه الظواهر عادية بالنسبة له، العلم هو فك شفرة ومحاولة الوصول إلى السبب والتحكم فيه، وليس معنى أننى أجهل تفسير ظاهرة أن أردها إلى المعجزة وأستريح وخلاص، الشخص الذى أرسل رسالة تفسير الزيت لم يأخذ بحل المعجزة السهل وشغل عقله وحاول على الأقل أن يجد تفسيراً وممكن يكون تفسيره غلط، ليست مشكلة على الإطلاق، اعمل زيه وحاول تلاقى تفسير إنت كمان، لكن ليس الحل أن تركن للإجابات الجاهزة وتقول بركة ومعجزات!!، سأعطيكم أمثلة: شجرة الصفصاف كانت القبائل البدائية تجد فيها معجزة شفاء الآلام، ولكن عندما جاء العلماء الحقيقيون وقاموا بالأبحاث والدراسات، وجدوا أن لحاء شجرة الصفصاف فيه مادة الساليسلات، ومن هنا جاء اختراع الأسبرين!!، هى دى الناس اللى بتفكر بجد وبتجهد ذهنها بجد، وهناك قصة شهيرة عن ترويج مثل هذه الأساطير وهى عن عظام القديسة روزالينا فى باليرمو التى ظل الناس مئات السنين مقتنعين أن التبرك بها يشفى الأمراض، إلى أن جاء عالم حفريات وجيولوجى مهتم بالتشريح ليثبت لهم ويصرخ فيهم «أفيقوا.. هذه ليست عظام قديس أو قديسة، إنها عظام ماعز»!!.
6- ليس غرضى على الإطلاق سخرية من عقيدة أو إهانة دين، فمن يتبنى خرافة غير علمية هو الذى يهين الدين، تارة يدافع مسلم عن حجامة فيقول معلوم من الدين بالضرورة إوعى تقرب، وتارة أخرى يدافع مسيحى عن زيت ويقول من الأسرار إوعى تقرب إنت مش فاهم!!، من الذى وضع هذا فى خانة الثوابت والمعلوم بالضرورة والأسرار... إلخ، إنهم البشر الذين استفادوا من تحويل الدين إلى بيزنس وإمكانية السيطرة على الفرد كلما ازداد جهلاً وكبتاً لمخه وعلامات استفهامه، أفيقوا يا مسلمون ويا مسيحيون ويا كل المصريين من بعض الأوهام التى تتلبسكم ودافعوا عن دينكم أولاً بتنقيته من الخرافات ولا تبيعوا عقولكم وتؤجروها مفروشة لشخص لمجرد أنه أطال ذقنه، فمن الممكن أن يكون هذا الشخص المُلا عمر أو راسبوتين.
نقلا عن المصري اليوم