وكما أن أوروبا عندها جريمة كبرى ضد اضطهاد اليهود اسمها العداء للسامية.. يعاقب مرتكبها عقاباً مشدداً.. لماذا لا تنص القوانين فى مصر على تجريم العداء للمسيحية.. لأنها جريمة والله أن تجاهر بالعداء والتطرف ضد إخوتك بالوطن..؟!
والانتخابات تدق الأبواب.. ولعلها فرصة أن تقف الدولة وقفة رجالة.. للحد من جريمة التمييز ضد الأقباط وبالمرة وفوق البيعة التمييز ضد المرأة.. وأخشى فى موسم الانتخابات أن تتكرر الجريمة.. وأن يتعرض الأقباط كما هى العادة لما يتعرضون له من اضطهاد علنى وتهديد مسموع الصوت.. وعندنا قرى كاملة يسكنها أقباط تعيش حالة من الفزع والرعب والهستيريا خلال مواسم الانتخابات.. وممنوع عليها بقوة السلاح الإدلاء بأصواتها.. والمشكلة أننا نخضع للابتزاز.. وعندما اختارت الدولة ذات يوم محافظاً قبطياً.. خرجت الجماعات تستعرض قوتها وتعلن بالصوت العالى رفضها للمحافظ.. وهددت بالحرق والتدمير.. والوكسة أن الدولة لحست اختيارها.. ولم تكرر عملتها مرة أخرى..!
المسؤول عن حالة الاستقطاب الحادة هو البرامج الدينية التى لا تعرفها دول العالم كلها بحكم المنطق والأصول.. وعلى اعتبار أن وظيفة التليفزيون ليست الوعظ والإرشاد.. وإنما وظيفته هى صنع ضمائر الشعوب والتقريب بين أمزجة الشعب الواحد والتثقيف والمعرفة وحشد الأمة على أهداف نبيلة.
والخيبة أن تليفزيون الدولة وقد سمح بظهور أربعين قناة دينية ينشر معظمها الجهل والخرافة ويشيع السلبية والتعصب ولا يكتفى.. بل يزيد عليها بتلك الفقرات العجيبة فى برامج المساء والسهرة، يحشر شيوخ التليفزيون من غلاة التطرف بحيث صارت عادة أن يستفتى التليفزيون هؤلاء المشايخ فى الصغيرة والكبيرة.. ويا سلام لو قال الشيخ آراء غريبة أو صادمة.. تزيد من نسبة الإعلانات وترتفع شعبية المذيع..!
وتعظيم سلام للشيخ المحلاوى وقد قالها صريحة بالأمس.. إن القنوات الدينية هى المسؤولة عن حالة التعصب والتطرف بالمجتمع.. وطالب بإغلاقها فوراً.
ورحم الله خالتى الحاجة التى تعرف ربنا وزارت بيت الله الحرام.. كانت دائمة الزيارة لكنيستى مارجرجس وسانت تريزا للدعاء والتبرك والتحية والسلام.. وكأنها كانت ترد زيارات إخوتنا الأقباط للأضرحة وأولياء الله الصالحين كسيدنا الحسين والسيد البدوى.. قبل أن تظهر قنوات وشيوخ التطرف تؤكد أن ذلك كله حرام حرام..!!
واضطهاد المرأة لا يقل عن اضطهاد الأقباط.. وخلال العام الأسود الذى سيطرت فيه الجماعات الدينية على أصول الحكم.. لم تقدم خلاله مشروعاً للخروج من الأزمة الاقتصادية والسكانية والمواصلاتية والصحية والتعليمية.. واقتصرت جهودهم على تعليمنا أصول دخول الحمام.. وهل الأحوط الدخول بالقدم اليمنى أم اليسرى.. هم لم يمتلكوا مشروعاً بحق وحقيقى.. المشروع الوحيد عندهم كان جماعات الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.. هم متخصصون فى المعارضة والمزايدة على الحلول.. والخيبة أن جهودهم وأفكارهم اقتصرت فقط على النساء على اعتبار أنهن ناقصات عقل ودين!!
ولامؤاخذة المرأة المصرية لا تحتاج لمن يعلمها الأدب واحترام نفسها وبيتها.. المرأة المصرية مسؤولة بحكم تجارب التاريخ عن التربية والتعليم داخل البيت.. والمرأة هى التى تدافع عن التراث والحضارة والأصول والواجب والعادات والتقاليد.. وبحكم أن ثلث سيدات مصر يصرفن على بيوتهن.. يفتحن البيوت ويرسلن الأولاد والبنات للمدارس.. يتكفلن فوق البيعة بإعاشة الزوج خالى الشغل.. وبعد ذلك كله يأتى من يدعى أن المرأة حرام.. وأنه لا يجوز لها أن تتحدث فى العلم وتفتى فى أمور البيت.
ولعل هذا ما يفسر خروجها فى 30 يونيو بكثافة غير مسبوقة للاعتراض على حكم الجماعات الرجعية التى أرادت شد المرأة للوراء.. وهى ذاتها المرأة التى هتفت للخلاص فى 25 يناير.. وقفت إلى جانب الرجال تطالب بالتغيير والحرية والعدالة الاجتماعية.. هى ذاتها المرأة التى تعرضت للتشويه وإطلاق الشائعات عليها من جماعة الإخوان.. وهى الجماعة التى حرضت قوى الأمن ضدها.. هى الجماعة التى روجت للتشنيعات ضد النساء المشاركات فى الثورة.. وهى ذاتها المرأة التى ساندت السيسى بقوة عندما تحدث البعض عن مقاطعة الانتخابات والاستفتاء.. فإذا بها تشكل الغالبية فى الشارع.. لتستبعد بعد ذلك من حسابات السيسى ومعه جميع القوى السياسية الثورية وغير الثورية.. والتى تتفق على أن المرأة مكانها البيت لا تغادره وتلزمه طوال حياتها..!
وهل يجوز الحديث عن اضطهاد آخر.. وربما أكون ثقيلاً لو تحدثت عن اضطهاد الفقراء فى بلادى والتمييز ضدهم. ورحم الله جمال عبدالناصر عندما فتح أبواب الصعود والترقى أمام الفقراء عن طريق التعليم وتولى المناصب دون السؤال عن الأصل والفصل.. وأكاد أجزم أن جميع الوزراء والأطباء والقضاة وذوى السلك الدبلوماسى الآن من أولاد الفقراء زمان.. وكان زمان وجبر.. والآن لا يجوز لابن الزبال سوى تولى مناصب الزبالة.. ولا يمكن لابن الحداد سوى العمل حداداً.. أما مناصب الطب والقضاء والبوليس والسلك الذى يقبض بالعملة الصعبة.. فهى محجوزة للأبناء وحتى إشعار آخر..!!
نقلا عن المصري اليوم