الأقباط متحدون - النيل والتفكير خارج الصندوق
أخر تحديث ٠٢:٤٠ | الاربعاء ١٩ اغسطس ٢٠١٥ | ١٣مسرى ١٧٣١ ش | العدد ٣٦٥٧السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

النيل والتفكير خارج الصندوق

علي سالم
علي سالم

هذا التعبير جديد علينا، لم يكن على أيامنا، كنا نفكر بغير أن نعرف أننا محبوسون داخل صندوق. ثم جاء هذا العصر بتعبيراته الجديدة وعرفنا أن الإبداع الحقيقى وخاصة فى مجال السياسة لابد أن يكون خارج الصندوق. هو تعبير جميل غير أنه كاذب جملة وتفصيلا، لا أحد قادرا على الخروج من صندوقه ليفكر بعيدا عنه. كل منا راقد بداخل صندوقه، وهو صندوق صنعته التربية والتعليم والحواديت والمثل العليا والمثل الواطية. وحتى عندما يتمكن الإنسان من القفز خارج صندوقه فهو يدخل صندوقا آخر. ومع تسليمى بكل ذلك أرى أنه لابد أن أتخيل على الأقل أننى استطعت الخروج من الصندوق، كما استطعت تفادى كل الصناديق التى فتحت أفواهها لتشفط البشر، وذلك لكى أتمكن من التفكير خارج الصندوق.

لابد من تجديد الخطاب السياسى، ولما كانت السياسة ليست خطابا فقط بل هى فى الأساس أفعال، لذلك لابد من أفعال جديدة مبتكرة لم يسبقنا إليها أحد لحل مشاكلنا. عندك مثلا مشكلة أسميها المشكلة العبقرية، أى أن عباقرة تسببوا فى حدوثها وهى مشكلة المياه فى مصر. قرى بأكملها وأحياء سكنية فى عاصمة مصر بلد النيل، تشكو من انقطاع المياه بشكل دائم أو دورى. بالإضافة بالطبع للأرض التى تموت عطشا. ألا توافقنى على أن الأمر فى حاجة إلى عبقرية خاصة أوصلتنا أن نعيش فى حضن النيل ونموت عطشا؟.. ما هو الحل؟

اقتراحى الأول هو أن نصلى جميعا، الشعب كله، ونبتهل إلى الله سبحانه وتعالى، أن يخلق لنا نيلا آخر ونتعهد أمامه سبحانه وتعالى أن نحافظ عليه سليما ولا نلقى فيه بنفايات المصانع ولا نصرف فيه مياه المجارى.. اغفر لنا يارب ما فعلناه بالنيل، هو الآن مصدر للأمراض، حتى مؤلفو الأغانى والمطربون والملحنون لم يعد أحد منهم يغنى له.. من المستحيل الآن أن تغنى حبيبة لحبيبها، أنا وحبيبى يا نيل نشبهك.. من المستحيل أن يعترف أحد أن حبه ملوث مثل مياه النيل.. (راجع بردية آنى الفرعونية.. لم ألوث النهر، لم أقلل نذور المعبد). يارب اعمل لنا نيل تانى عشان إحنا أفسدنا الأولانى. نعم يا رب أعطنا فرصة أخرى ونحن نعدك بأننا سنحافظ عليه لكى نشرب وننظف أنفسنا ونستحم صباح يوم الجمعة.

هذا حل، ولكنه يستغرق عدة آلاف السنين لعمل النيل الجديد نكون متنا وشبعنا موت. هناك حل آخر.. عمل حكومة خاصة بالمياه، مياه النيل. ما هو العيب فى وجود حكومتين فى مصر، زيادة الخير خيرين. رئيس وزراء يهتم بكل شؤون مصر ورئيس وزراء مختص بكل ما له صلة بالمياه. هذه الحكومة الخاصة بالمياه ستكون لها وزارة داخلية مستقلة ولها اختصاصات واسعة بوسع السماوات والأرض. من حقها أن تغلق كل المصانع التى تلوث النهر ومن حقها أن تضع أى مسؤول فى السجن لمدة عشرين عاما كحد أدنى. نأتى الآن للموظفين المسؤولين فى المحليات والمحافظات. يتم توجيه الإنذار لهم فى البداية، وإذا لم تصل المياه للناس بعد ساعتين يتم القبض عليهم ويمنعون من الاستحمام لمدة ثلاثة أعوام على الأقل إلى أن تكون حالتهم مثل حال النيل. أو إلى أن يشكو الناس من رائحتهم على بعد خمسة كيلومترات.

لا تتصور أننى أبالغ فى القسوة، أبدا من يريد أن يتصدى للعمل العام عليه أن يعرف ما يتطلبه المنصب العام. هذه حلول عبقرية لمشكلة أكبر عبقرية، بذمتك شعب عنده النيل ولديه مشكلة شرب ورى، بعد أن تمكن بعبقريته من إفساد هذا النيل. هل هناك شىء على الأرض يفوق ذلك عبقرية؟
نقلا عن المصري اليوم


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع