الانتهاء من مشروع قناة السويس والاحتفال الكبير الذى صاحبه رفع الروح المعنوية للشعب لأنه مشروع قومى تم إنجازه بدقة وكفاءة فى الميعاد. بالإضافة إلى إحداث رواج فى تجارة وصناعة المعمار، أدى إلى حراك فى السوق والعمالة، وسعادة للمصريين.
أنا لا أريد إحباط المصريين الذين نادراً ما يفرحون ولا أريد انتقاد النظام فى ظروف صعبة، ولكن يجب أن يعرف الجميع أن هناك قرارات صدرت قد تضر بمستقبل مصر الاقتصادى والسياسى.
أولاً: لم يعرف أحد من المصريين وحتى الخبراء أى شىء عن دراسة جدوى معلنة لهذا المشروع. وهذا أمر فى منتهى الخطورة.
ثانياً: لا أحد يعلم بدقة ميزانية المشروع. قيل إنها 64 مليار جنيه، بالإضافة إلى قرضين من البنوك المصرية قيمة كل منهما 400 مليون دولار. ولا أحد يعلم كشف حساب المصروفات بدقة وما دفع لكل شركة أجنبية ومصرية. هذه أمور يجب أن تكون معلومة للجميع.
ثالثاً: تحدث رئيس الهيئة عن زيادة فى العوائد العاجلة والآجلة للقناة، وتقديره ليس مبنيا على حسابات اقتصادية وإنما تصورات. وكلامه عن أن الملائكة كانت تطوف حولهم وهم يعملون فى المشروع أمر غيبى لا يجب الحديث عنه فى مشروع هندسى ضخم.
رابعاً: أجمعت الدراسات التى نشرت فى العديد من الصحف العالمية والمجلات الدولية الاقتصادية المتخصصة والبحوث المصرية على أن المشروع به عيوب اقتصادية ضخمة ملخصها:
- أن زيادة عائد القناة مرتبط بزيادة التجارة الدولية وهو أمر لا يبدو أنه سوف يتحقق فى العشر سنوات القادمة.
- أن القناة دون المشروع تسمح بمرور أكثر من ثلاثين سفينة يومياً إضافة للعدد الذى يمر الآن لذا يعتبر الخبراء أنه لا جدوى اقتصادية للمشروع.
- سوف يقوم المشروع بتقليل مدة المرور بحوالى 7 ساعات، ولن يؤدى ذلك إلى زيادة ملموسة فى الإيرادات.
- هناك آراء تقول إن تكلفة المشروع زادت بدرجة كبيرة بسبب ضغط مدة الإنشاء إلى سنة واحدة، وبذلك يكون قد أضر باقتصادات المشروع.
خامساً: لا توجد دراسة واحدة منشورة من هيئة القناة أو الدولة المصرية أو الجيش، وهى الجهات التى أشرفت على المشروع، وهذا أمر مثير للدهشة والاستغراب فى دولة مفروض أنها مدنية حديثة بها شفافية.
سادساً: يقول الخبراء إن المشروع الأهم هو تنمية شرق القناة بإقامة مشروعات ضخمة، وكان يمكن أن تنفق الأموال فى البنية التحتية لهذا المشروع مع إقامة الأنفاق المذكورة فى مشروع إنشاء القناة.
سابعاً: ربما كان تعميق أجزاء من القناة يكون أكثر فائدة وأقل تكلفة بكثير.
ثامناً: الدروس المستفادة هى أنه يجب أن يكون هناك شفافية لا نراها الآن، كما أن استشارة الخبراء وإعلان دراسات الجدوى قبل البدء فى كل المشروعات العملاقة أصبحت ضرورة.
وأخيراً سعدنا جميعاً بافتتاح القناة، ولكننا نخاف من أن نخبط فى الحيط بسبب عدم الاستخدام الأمثل للأموال المحدودة التى يملكها الشعب المصرى.
قم يا مصرى مصر دايماً بتناديك.
نقلا عن المصرى اليوم