الأقباط متحدون - النيل نجاشي أسمر ملك روحي
أخر تحديث ٠٧:٢٥ | الثلاثاء ١١ اغسطس ٢٠١٥ | ٥مسرى ١٧٣١ ش | العدد ٣٦٤٩السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

النيل نجاشي أسمر ملك روحي

بقلم : فاروق عطية
¬¬¬¬   جلس الفرعون المبجل علي مقعده في قاعة محكمة العدل وفي الخلفية بانوراما لمشهد محاكمة الموتي حيث يظهر أوزير جالسا علي عرشه في ناووس قائم في صدر القاعة المكلل سقفها بالقناديل وعلامات الحق وأمامه أحفاده ابناء حور ( امستي - دواموت اف - قبح سنو اف - حابي ) وإلي

جانب ملك الموتي كان يجلس القرفصاء أثنان واربعون مارداً غريباً رؤسهم كهيئة الثعابين أو الصقور أو العقبان أو الكباش وامام هذه المخلوقات التي أطلق عليهم " آكلة الدماء " و " واسعي الخطي " و " آكلة الظلال " و "الرؤوس الملتوية " و " عين اللهب " أو الثعبان الأقرع أوغيرها من الألقاب،

وفي يد كلا منهم سيف لقتل الخاطئ ووظيفتهم ملاحظة ما يظهر في كفتي الميزان الذي يزن الحسنات والسيئات، وعلي محور الارتكاز يجلس قرد برأس كلب " رفيق تحوت كاتب الألهة والإله أنوبيس برأس أبن أوي يختبر لسان الميزان وفي مواجهة أنوبيس وعلي يسار الميزان يوجد الاله " شاي " إله الحظ و"مسخن " ( وهو عبارة عن ذراع مكعب برأس أدمي يعتقد البعض أن له صلة بمكان ميلاد الشخص ) والهتي الولادة وتربية الاطفال "

مسخنت " و" رننت " ويظهر روح المتوفي في هيئة طائر برأس انسان يقف علي بوابة والي اليمين وراء أنوبيس يقف تحوت ممسكا في يديه لوحة الكتابة والقلم حتي يسجل نتيجة المحاكمة وخلف تحوت تتربص الملتهمة " عميت " في صورة مخيفة وهذا الحيوان عبارة عن حيوان مركب له رأس تمساح وبدن أسد ومؤخرة فرس النهر. وهذه الخلفية المرعبة تمثل محاكمة الموتي التي سيلقاها الجميع من الملك لأقل فرد من أفراد عامة الشعب

وضعت في خلفية المحكمة حتي يحكم الملك بالعدل وماعت إلهة العدل تراقبه وإن أخطأ فحسابه أت عما قريب. كانت جلسة المحاكمة بسبب غرق أحد القوارب النيلية وبه إثنين من الشعب خرجا مثل باقي مجاميع العامة للتمتع بالنيل قي يوم الحصاد شم ـ ن ـ سيم الذي بحتفل به الشعب كل عام ولم يحدث ما يعكر الصفو قبل ذلك. سأل الفرعون المبجل وزير النقل النهري إذا ما كانت كل القوارب علي النيل مسجلة ومرقمة أجاب الوزير: نعم يا

مولاي لو نملة سارت علي سطح النيل حابي فهي قطعا مدونة في سجلاتنا. سأل الفرعون: وهل كل نملة.. أقصد قارب مسجل لديكم عدد ركابه ؟ أجاب الوزير نعم يا مولاي. سأل الفرعون وهل القارب الذي غرق مسجل لديكم عدد ركابه؟ أجاب الوزير: راكبين إضافة لسائق القارب. أردف الملك: إذن لماذا ركب القارب أربعة ركاب إضافة لسائق القارب؟ وهذا بالطبع مما أدى لغرق القارب ونحمد الأله أن بعض الناس علي الشط قد استطاعوا انقاذ

اثنين وهرب السائق. أجاب الوزير: هذا يقع في اختصاص وزير المسطحات المائية. انحني وزير النقل البحري خارجا مع إشارة الفرعون بالانصراف وأتى دور وزير المسطحات المائية للمحاسية. سأل الفرعون: أليس من اختصاصك أن يراقب رجالك المسطحات المالية ومعاينة المخالقات لتلافي الكوارث قبل وفوعها ؟ أجاب الوزير: أجل يا مولاي هذا هو اخنصاصنا وننفذه بكل دقة. سأل الفرعون مستعجبا: كيف تنفذ ذلك بكل دقة وفي نفس

الوقت حدثت كارثة غرق الفارب؟ أجاب الوزير: التعليمات المدونة علي كل شواطئ مصر في أماكن بارزة وواضحة بأن خروج القوارب إلي النيل لا يتم قبل الساعة السادسة صباحا, وهذا القارب الغارق خالف التعليمات وخرج بركابه قبل الساعة السادسة فلم يجد وحدات الانفاذ النهري. سأل

الفرعون: أتقسم أنك صادق فيما تقول ولديك شهود لما حدث ؟ أجاب الوزير أقسم بآمون وآتون ورع أني أقول الصدق وإن كنت كاذبا ألقي عذاب القبر عند موتي ويأكلني الثعبان الأقرع ولا أستحق جنة أوزوريس, والكثير من الفلاحين الذين خرجوا للحصاد ومنهم من أنقذوا الفردين الناجين يشهدون

بصدق ما أفول. وبعد المداولة بين الفرعون وحاشيته من القضاة ظهرت براءة الوزيرين وظهر أن الخطأ فردي يقع علي صاحب القارب لجشعه حتى يحصل علي أجر أربعه بدلا من اثنين. وأمر الفرعون المبجل بالقبض عليه ليحاكم محاكمة عادلة حتي ينال جزاء جشعه وتسببه في قتل روحين بريئين كانتا ترومان التمتع بعيد الحصاد فتسبب جشع صاحب القارب في موتهما.
 
   وبعد انحسار الحكم الفرعونى ووقوع مصر فريسة للاستعمار, خاصة الاستعمار العربي الصحراوي الاستيطاني الذي صار خلاله السيادة والتملك للمستعمر أما المصري فهو مجرد عامل أجير, مواطن من الدرجة الثالثة لا حقوق له, ولأكثر من 1400 عاما إذا غرقت سفينة أو فارب ومات من عليها فلا رقيب ولا حسيب إلا إذا كان هذا الفرد أو السفينة تخص المستعمر السيد.
 
  وفي نهاية خمسينيات القرن الماضي, في الوقت الذي كان الشعب المصري يعيش فيه في أجواء من السعادة بعد وحدة مصر وسوريا في 22 فبراير 1958، وبعد 9 أشهر من تشكيل جمال عبدالناصر لوزارته رقم 5 التي استمرت من 7 أكتوبر 1958، حتى 20 سبتمبر 1960. وفي يوم شم النسيم عام 1959، نظّم نادي نقابة المهن الزراعية رحلة نيلية من مرسى روض الفرج إلي مرسي القناطر الخيريةعلى ظهر الباخرة «دندرة», فكانت مصر

على موعد مع أبشع حادثة نهرية وهي غرق الباخرة «دندرة»، التي أطلق عليها الكثير من المؤرخين اسم «تايتانك مصر»، كان علي متنها أكثر من مائتي راكب, عائلات بأطفالهم, مأساة إنسانية مروعة ذهب ضحيتها معظم الذين كانوا على متنها، لعدم إجادتهم السباحة، أمام أعين الناس الذين كانوا

يقضون يوم شم النسيم في القناطر الخيرية، قفز بعض الناجين إلى الرصيف النهري نظرا إلى قربه من العبارة الغارقة. وقد هز الحادث، الوجدان الوطني باعتباره رمزا لأكبر كارثة نيلية عرفتها مصر‏، حتى أن كثيرين‏، ربما حتى يومنا هذا‏، يصفون أية حادث كبير بأنها «دندرة» أخرى‏،

وأصبحت «دندرة» كلمة مرادفة لكل حادث مهول، فكان الناس تقول، مثلا «قلبوها دندرة». يومها سيقت كثير من الأسباب غير المعقولة وغير المنطقية والمتعلقة بالأنظمة وقوانين النقل النهري. وقدمت توصيات وأنظمة لوزير النقل تنادي بضرورة حماية أرواح الركاب وأطقم المراكب والتأمين على العبارات والسفن، وأن تكون إجراءات السلامة كاملة. ومرت الأيام ونسي الناس كالعادة لحين كارثة جديدة.
 
   وتمر السنين والناس أبضا في أوج فرحتهم بتحقيق أعظم حلم بالانتهاء من ازدواج قتاة السويس والاستعداد الرسمي للافتتاح, وفي ليل من ليالي عيد رمضان حيث يخرج الناس للتنزه علي ضفاف نهر التيل وبين شاطئيه, وكأن القدر لا يريد لنا أن نفرح خاصة في المناسبات السعيدة, جاء الحادث

المفجع بغرق مركب الوراق مساء الاربعاء الماضى ووفاة أكثر من 40 مواطنا منهم أسر كاملة وعدد من الأطفال والأمهات والشباب ليفجر ملف مراكب ومعديات الموت المنتشرة بطول نهر النيل، والتى يتجاوزعددها تسعة آلاف و500 مركب وقارب ولنش ومعظمهاغبر مرخص، غرقت عبارة الوراق بعد أن اسطدم بها صندل محمل بالبضائع فغاصت العباروة وغرق ركابها وهرب سائقها ونجي بعض الركلب المجيدين للسباحة. وكما حدث

أيام فرعون حدث الآن فقد حاول وزير النقل تبرئة نفسه فقال أن مديرعام النقل النهري التابع للوزارة مسؤول عن أصدار التراخيص وتعليمات سير العبارات وعدم سير الصنادل ليلا ويتم التنفيذ كل في محافظته أما الرقابة فهي مسئولية مدير عام المسطحات المائية التابع لوزارة الداخلية, وظهر وأن هذه العبارة الغارقة بدون تراخيص من أصلة والصندل الصادم مخالف لتعليمات حظر السير ليلا, ولا أدري ما هي حجة المسطحات المائية, والحقيقة الكل مسؤؤل ومدان فلم تكن هذه الحادثة هي الأولي ولن تكون الأخيرة فهناك عشرات من المراكب النيلية التى تتحرك فى نهر النيل ويقصدها

المواطنون بهدف التنزه أو لإقامة حفلات الأفراح وأعياد ميلاد عليها، ومعظم هذه المراكب النيلية متهالكة وغير مرخصة وغير صالحة للاستخدام، فضلاً عن تحميلها بأعداد كبيرة من الأشخاص مما يعرضها للخطر, فإن لم تصلح المنظومة ككل ويقضي علي الفساد المستشري في كل مناح الحياة فكل هذه الاجتماعات والتوصيات حبر علي ورق وابشروا بالالكثير من المآسي ليس علي النيل فقط بل علي الطرقات والشوارع المتهالكة أيضا. والسيارات التي تسير بلا صيانة وأن أجريت صيانة فبقطع غيار مضروبة من انتاج بير السلم. 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter