بقلم : أبوالفتوح قلقيله | الاثنين ١٠ اغسطس ٢٠١٥ -
٤٥:
٠٨ م +02:00 EET
الرئيس عبد الفتاح السيسي
الحمد لله.. فقد مرت احتفالات القناة الصاخبة والمكلفة جدا دون ما يعكر صفو المصريين، الحمد لله فقد كانت الأمور هادئة ولم نرى انفجارا أو عملا إرهابيا خسيسا، الحمد لله فقد فرح من فرح وأنفق من أنفق ودافع عن (عظمة) القناة من يراها كذلك، وانتقد من يراها مجرد تفريعة مكملة ذلك دون أي مشاكل ولكن.. بقى لنا وللحكومة والنظام الآتي:
أولا: ما تم إنفاقه في كل محافظات الجمهورية بمدنها ومراكزها على تلك الاحتفالات، تحت دعوى الفرح وتحقيقا لهاشتاج #مصر_بتفرح، المال الكثير جدا الذي كان بإمكانه حل مشكلات كثيرة يمكنها إسعاد قطاعات كثيرة من فقراء المصريين، وخلق حالة من الفرح تبقى معهم العام كله، ولن أبالغ إن قلت العمر كله!
ألم يكن الأولى بنا أن ننفق تلك الملايين التي أهدرت على أصحاب محال الفراشة والأفراح وفرق الغناء والرقص بطول مصر وعرضها، على إقامة مشروعات صغيرة أو حتى متناهية في الصغر، من شأنها إعالة أسر كثيرة لم يحضر أحد منهم بالطبع الاحتفال الرسمي بجوار القناة، الذي حضره أناس لا علاقة لهم بالفقر أو بالمعاناة أو بمصر الحقيقية التي تفرح لرغيف عيش مدعم أو زجاجة زيت بسعر رخيص أو بزيادة طفل على بطاقة التموين!
ألم يكن الأحرى بنا أن نخلق حالة من السعادة حقيقية وليست مصطنعة أو مدفوعة الثمن، أبطالها من يرقصون على كل الموالد ويغنون ويمجدون كل الرؤساء، خاصة أن بعضهم كان يغني ويهذي أيضا على مر أكثر من نصف قرن، فقد عاصر بعض المهللين ناصر ثم السادات وبعده مبارك.. ومازال يتدنى حتى اليوم نفاقا فقط!
ثانيا: سببت تلك الاحتفالية الضخمة وغير المسبوقة، حملا ثقيلا وعبئا حقيقيا على الرئيس نفسه فقط؛ حيث الجميع يدرك أن الرئيس هو كل شيء في هذه الحقبة؛ حيث سلطة التشريع والتنفيذ والفصل بين السلطات.. من هنا سيطالب الكثيرون بحقهم في القناة الجديدة، كما يقول ذلك دوما البسطاء، أو الذين نحسبهم بسطاء في الفكر والوعي؛ ربطا بين بساطة حياتهم ودخلهم.. هؤلاء ينتظرون مردود للقناة (اقتصاديا) من الدرجة الأولى على حياتهم، أي تحسين ظروف معيشتهم بالرخاء وتخفيض الأسعار وقلة الضرائب وتحسين الخدمات دون زيادة سعرها كما حدث مع الكهرباء!
ثالثا: من حق الرئيس أن يقلق بحق.. نعم فالمتابع لجو الاحتفال في كل شوارع مصر ومدنها، يدرك أن كم الجماهير قد قل كثيرا وبدرجة ملحوظة، بالمقارنة بمن خرجوا قبل ذلك تأييدا للرئيس في يوم التفويض الشهير قبل أن يتولى المسئولية رسميا.. بالطبع الرئيس كرجل مخابرات سابق، لا يخفى عليه ذلك ولا يخفى على أجهزة المخابرات تضاؤل نسبة المحتفلين، وهم بكل صراحة أغلبهم من جمهور الرجل.. نعم الرجل ما زال له جمهوره الذي سيرضى بأى سياسة، حتى إن كانت تمس حياتهم كتقليل الدعم تدريجيا أو حتى إلغائه نهائيا!
هؤلاء مع الرجل ولن يتأثروا بشدة من أي قرار اقتصادي أو سياسي؛ لتيسير معيشتهم أو قربهم من دوائر حكومية تساندهم ماديا ومعنويا، فيحسبون أنفسهم جزءًا من النظام بمعناه الخاص والعام أيضا ولكن.. هؤلاء لا يكفون.. نعم هؤلاء لا يقيمون شعبية لرئيس قد مضى من عمر ولايته أكثر من ربعها، ومن حقه أن يتطلع لرئاسة أخرى، ولكن هؤلاء بتكوينهم وانتشارهم لا يصلحون كجمهور ناخبين لرئيس في دولة تعدادها 90 مليونا.. لذا من حق الرئيس أن يقلق ويتساءل أين الباقين؟، ولماذا لم يخرجوا مثل يوم التفويض؟، وما منعهم من المشاركة في الفرحة؟
من حق الرئيس أن يتساءل ويقلق ويفكر في حلول، بعيدا عن قناعات سابقة، فهي ليست ملزمة بأي حال، فلا يوجد في السياسة ثابت أو مطلق أبدا.
نقلا عن فيتو
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع