الأقباط متحدون - الجنس، البعبع الأول في مصر
أخر تحديث ٠٢:٥٩ | الاثنين ١٠ اغسطس ٢٠١٥ | ٤مسرى ١٧٣١ ش | العدد ٣٦٤٨السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الجنس، البعبع الأول في مصر

اَلاء الكسبانى
اَلاء الكسبانى
بقلم : اَلاء الكسبانى
(1) حينما اتتني دورتي الشهرية كنت في الصف الأول الإعدادي، و لا أفقه شيئا عن علم الأحياء سوى تكوين خلية النبات، ذهبت لأمى وجلة ابكى بكاء هستيري، صارخة: "ماما انا مش عايزة اموت". فما كان من أمي إلا أنها ضحكت بشدة و قالت لى: "ماتعيطيش، انتى خلاص كبرتي لازم تحافظي على

نفسك" لم افهم كيف أحافظ على نفسى، و مما يا ترى! لكن تساؤلاتي لم تدم طويلا فما لبثت أن وصلت للصف الثالث الإعدادي حتى بدأت حياتي تتغير تماما كان اول عهدي بالجنس هو قبلة ساخنة في فيلم على قناة "شاشة".. و كانت تلك القناة في وقتها طفرة، تذيع الأفلام العربية ذات المشاهد الجنسية و تكتب تنويه "للكبار فقط"، و قد كان لعابي يسيل على هذا التنويه، و الفضول يقتلني لأعرف ماذا يمكن ان يراه الكبار و لا استطيع ان اراه انا.. و بالفعل واتتني الفرصة:

كنت وحدى فى المنزل احس بملل جم، و فتحت التلفزيون و اذا بي اجد فيلم +18 على "شاشة".. فيلم "الباحثات عن الحرية" لـ "ايناس الدغيدي" لم افهم اغلب مشاهده، لم افهم سوى القبلة، و لم أرِد حتى ان افهم، فقد اصابتني القبلة اصابتني بتوتر خجل، انتفضت مسرعة على صوت جرس الباب و اغلقت التلفزيون بسرعة.

 
(2) يظن الناس أن أبناء المدارس المختلطة منذ الحضانة و حتى الثانوية العامة -سواء بنت او ولد- "مقطعين السمكة و ديلها"، و لكن اسمحوا لى أن احطم هذه الصورة الهشة البلهاء التي في عقولكم فلقد تربيت فى مدرسة مختلطة، يظن مدرس أول اللغة العربية بها ان جلوس الفتاة بجانب الولد عقابا له، فقد كان مستر أحمد يعاقب من يخطأ من الشباب بجلوس فتاة منا فى نفس "الديسك" معه، و اذا ما رأى احد المعلمين فتاة و شاب يقفان سويا فى الفسحة امسكهما

متلبسين و ارجعهما الى والديهما بـ استدعاء ولى امر للحضور و التحقيق فى هذه الجريمة البشعة و المنكر البيّن كان الشباب يتداولون الافلام الجنسية كأنها ثروة قومية و أرث يجب الحفاظ عليه و تمريره من جيل لآخر، و كانت الفتيات يتصنعن الحياء و الادب و خفوت الصوت، لكن فى جلساتهن السرية،

يفصحن عن معلومات منقولة بالسمع اغلبها مغلوط و يفضين بتجاربهن البسيطة الساذجة إلى بعضهن البعض، كل هذا في سرية تامة بالطبع لانه اذا أفتُضح أمر أحدنا قامت القيامة و لم تقعد! ظلت معلوماتنا الجنسية كفتيات محصورة في ان القُبل سببا في الحمل والانجاب، و أن الجنس الآخر هو عدو لنا يجب

تحاشى لمسه و النظر اليه و يجب مخاطبته فى اضيق الحدود و لا يجوز مطلقا السير معه او مواعدته خارج المدرسة لأى سببا كان زاد الطين بلة في فصلنا يوم شرح درس العلوم الخاص بالأجهزة التناسلية و العملية الجنسية، فقد تشجع شاب و سأل المدرسة: "هو يا ميس مش كل العلوم بتتدرس بتجارب عملية؟

طب انا عايز اجرب".. توترت المُدرسة للغاية و طردته، فما كان من المديرة إلا ان أمرت بفصل الفتيات و الشباب في فصول مختلفة اثناء شرح هذا الدرس فقط، كما أمرت بتعيين مدرسة للفتيات و مدرس للشباب. خرجت من الصف الثالث الإعدادي بمعلومات غير كافية عن الجنس بالمرة، لكن بالطبع عرفت أن أغلب ما اعلمه عنه هو معلومات مغلوطة و من ثم أخذت على عاتقي التثقًف و القراءة في هذا الموضوع على الإنترنت، لا أعرف ما الذى شجعني على هذا، ربما الفضول، و ربما رغبتي المُلحة فى أن أفهم، تلك الرغبة التي لطالما آمنت أمي إنها "هاتوديني في داهية"، و من هنا بدأت أدرك أن الجنس فى مصر خطوط حمراء كبيرة لا يمكن تجاوزها بسهولة!
 
(3) عندما دخلت الى الجامعة و انتقلت الى سكن الطالبات بالقاهرة، بدأت مرحلة جديدة فى حياتى، فقد دلفت إلى عالم جديد، رأيت فتيات القرى النائية و الصعيد، و بالعِشرة و جلسات شاي يوم الخميس في الشرفة الصغيرة في الدور الرابع حيث الهواء الطلق و صوت الست، عرفت أن أغلب الفتيات لا يدركن شيئا عن الجنس و لا يعرفن ماهيته، كل ما يعرفنه عنه إنه شئ محظور يجب تجنبه بكل الطرق حتى ليلة الزفاف، وقتها تُطالب الفتاة بأن تعرف كل شئ عن الجنس و أن تكتسب خبرة سنين لم تمارسها اصلا! و كانت من أحب الفتيات لقلبي حسناء المنوفية –كما كانت تُلقب نفسها نعمة- كانت بريئة للغاية او لنقُل ساذجة، لا تعرف شيئا عن الجنس، و هو كما ذكرت حال أغلب الفتيات، لكن ما أبهرني حقا، أن نعمة كانت فى كلية طب بشرى في السنة الخامسة و

مخطوبة!! وجدت نفسى انا الفتاة الغرة ذات ال 19 ربيعا التي لا تفقه شيئا عن الجنس سوى المعلومات الهامة الاساسية، اعرف اكثر من شابة مليحة في السنة النهائية في كلية الطب، جلست معها و شرحت لها بهدوء و برفق، و كنت أنبهر حقا بشكلها حين تفغر فاهها الصغير من فرط الإندهاش من المعلومات التى اسردها عليها. هاتفتني نعمة يوم زفافها و هي تبكى من شدة الخوف، هدأت من روعها و افهمتها إنه لا يوجد شئ يدعو للخوف و دعوت الله في سرى ان يكون رجلا عاقلا حكيما يعرف كيف يراود زوجته عن نفسها، دعوت لها الا تلقى نفس مصير سلوى..
 
(4) سلوى هي إحدى صديقات صديقتي المقربة، حضرت حفل زفافها بحكم الصداقة اللطيفة و الود الذى يجمعنى بها، كانت رقيقة بحق، حزنت جدا حين عرفت خبر وفاتها بعد عرُسها بيوم واحد، و حين سألت صديقتى فهمت أن زوجها كان "غشيم حبتين"، واقعها دون رضى منها معتقدا ان هذا دلال و دلع بنات، مُسببا لها تهتك و نزيف حد توفت على اثره. يومها ادركت اننا نعيش ف بقعة سيئة من العالم.. بقعة تُحرم العلم بأسم العيب و الاخلاق، بقعة ساهم كل من يعيش على أرضها في قتل سلوى بدم بارد..
 
(5) يخشى المصريون الجنس و كل ما يتعلق به من علم و معرفة، حقيقة لا أعرف لماذا يتربون منذ صغرهم على تناسيه و عدم رؤيته كحاجة اساسية من حاجات الانسان كالطعام و الشراب! يربون بناتهم على تجنبه، و يتركون أولادهم فريسة للأفلام الإباحية و المعرفة الجنسية المغلوطة، فينتج لنا جيل مشوه.. نساء لا يعرفن معنى النشوى الجنسية، تعيسات فى حياتهن. و رجال يفهمون "الرجولة" بمنظور خاطئ و يخلطون بين الجنس و بين الفحولة، يشعرون

بالنقص الدائم و يظلوا مراهقين مهما كبروا، ما الضرر اذا في المعرفة؟ ان عدم المعرفة لم يحول يوما دون حدوث ما يخشاه الأهل من علاقات جنسية خارج إطار الزواج.. على العكس فالمصريون لا يدركون ان الممنوع مرغوب، و انه كلما مُنع الانسان من المعرفة كلما بحث عنها في أماكن و بأساليب خاطئة.. لا يدركون أن إنعدام المعرفة يُكلف الإنسان ثمناً
 
نقلا عن نظاقى 

 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter