الأقباط متحدون | عفواً.. يا دكتور سرور!
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠١:٠٢ | الأحد ٢٢ اغسطس ٢٠١٠ | ١٦ مسري ١٧٢٦ ش | العدد ٢١٢٢ السنة الخامسة
الأرشيف
شريط الأخبار

عفواً.. يا دكتور سرور!

الأحد ٢٢ اغسطس ٢٠١٠ - ٢٧: ٠٤ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: يوسف سيدهم
الدكتور أحمد فتحي سرور ـ رئيس مجلس الشعب ـ شخصية اكتسبت محبة واحترام المصريين علي مدي تاريخها في العمل السياسي لأسباب عديدة من أهمها موضوعيته وحياده وعفة لسانه وقلمه علاوة علي مواقفه التي عبر فيها عن عدم انحيازه لطرف علي حساب الأطراف الأخري في الخريطة السياسية...فالمنصب الذي شغله طويلاً في رئاسة مجلس الشعب تطلب منه أن ينحاز فقط للدستور والقانون واللوائح وأن يبدي أكبر قدر من الحياد ينأي به عن مناصرة الحزب الوطني أو الحكومة علي حساب المواطن المصري.
 
لكن ما بالنا في الفترة الأخيرة نلحظ أن الدكتور سرور يتخلي عن الصرامة الشديدة التي اشتهر بها في معالجة الأمور الحساسة والقضايا الشائكة، وأصبح لا يتردد في الدفاع عن سياسات بعينها لمجرد أنها نابعة من الحزب الوطني والحكومة، كما أنه لم يعد يتمسك في بعض الأحيان باللغة العربية الرصينة التي اشتهر بها لتتسلل منه تصريحات تبدو قاسية بالنسبة للمرادفات السياسية التي اعتاد عليها...وأعجب وأتساءل: هل ذلك راجع إلي الثقة الزائدة وأن المنصب القيادي في منأي عن المراجعة والنقد؟...أم أن غياب المستشارين عن الدوائر اللصيقة بهذا المنصب يجعله يفقد ميزان التقييم لما يصدر عنه من تصريحات فينزلق في بعضها التي يجانبها الحياد وتغيب عنها اللغة الرزينة التي يفرضها وقار المنصب؟.
الدكتور سرور نزل ضيفاً هذا الشهر علي مكتبة الإسكندرية في احتفالية نظمتها المكتبة بمناسبة صدور الطبعة الإنجليزية من كتاب المواجهة القانونية للإرهاب الذي يتناول فيه تعريف الإرهاب وسبل مواجهته...وكان من الطبيعي أن تتضمن الاحتفالية لقاء مفتوحاً مع الدكتور سرور يتوجه خلاله الحاضرون بأسئلتهم إليه حول القضايا التي تشغل هذا الوطن وتقييمه لها ورأيه بالنسبة لكل منها، وطبعا لم تكن الأسئلة موجهة إليه باعتباره ممثل السلطة التنفيذية إنما لكونه الجالس علي مقعد رئاسة مجلس الشعب ورمز السلطة التشريعية والمدافع عن حرية الرأي والتعددية السياسية في الخريطة السياسية.
 
تم توجيه سؤال إلي الدكتور سرور حول تجديد كوتة في مجلس الشعب تمثل خمسين في المائة من المقاعد مخصصة للعمال والفلاحين عمرها قارب علي النصف قرن، علاوة علي إقرار كوتة في التعديل الدستوري الأخير عام2007 بتخصيص 64 مقعداً للمرأة لفترتين تشريعيتين. بينما يتم رفض مطلب إقرار كوتة للمسيحيين...وجاءت إجابة الدكتور سرور عن هذا السؤال صادمة لي من حيث الشكل والمضمون إذ قال:..أعتبر هذا المطلب تهريجا(!!!) ولا يجب أن يؤخذ علي محمل الجد؛ لأن المسيحيين جزء من النسيج المصري ومن الأزمة ككل، ومن يرغب في الوصول من خلال الانتخاب الحر فعليه التركيز علي الشباب من الجنسين...
هالني أن يصدر هذا التصريح من الدكتور سرور، فمن حيث الشكل لم نتعود من الدكتور سرور أن يصف مطلباً تعبر عنه أي شريحة من المصريين بأنه تهريج فذلك يحمل استخفافاً بمطلب هذه الشريحة وتطلعاتها وآمالها نحو المشاركة والتمكين بعد التهميش. وبالمناسبة عندما أتحدث عن هذه الشريحة لست أقصد شريحة المصريين المسيحيين وحدهم إنما يجمعهم هذا المطلب مع البعض من إخوتهم المسلمين لشعورهم أن ميراث الغبن والإبعاد عن المشاركة السياسية لأكثر من ثلاثة عقود يحتم التفكير في سبيل للتمكين والتعويض يحفزهم علي العودة لدائرة المشاركة ويتم تطبيقه بصفة مؤقتة كروشتة علاج لحالة مرضية إلي أن يبرأ الجسد السياسي المصري مما يعتريه من خلل.
 
كما أنني لست أجد أي غرابة في ذلك لأن هذا الفكر السياسي عينه هو الذي دعا إلي تخصيص كوتة العمال والفلاحين (50% منذ نصف قرن) وكوتة المرأة التي نحن بصدد تجربتها في دورتنا التشريعية المقبلة...وأجد غياباً مخلاً للمنطق السياسي واغتيالاً لحقوق المواطنة أن يتم عن دوائر صناعة القرار السياسي إلصاق الشرعية الوطنية علي كوتة العمال والفلاحين والمرأة في مقابل إلصاق الخيانة الوطنية علي كوتة الأقباط، ولا يفوتني أن أسجل أننا سئمنا تعلل تلك الدوائر في معرض رفضها كوتة الأقباط بأن آباءنا الأقباط المشاركين في الحركة الوطنية التي فجرتها 1923 رفضوا تحديد كوتة للأقباط في ذلك الدستور، مؤكدين أن ما يمكن أن يحصل عليه الأقباط بمشاركتهم يفوق أي كوتة محددة لهم سلفا في الدستور...ويتغافل هؤلاء وأولئك عن أن مناخ الحرية والليبرالية الذي كان سائداً آنذاك وحتم علي زعماء الأقباط اتخاذ ذلك الموقف الوطني العظيم كان مناخاً غير فارز بين المصريين تولي إرسال عدد من الأقباط إلي البرلمان وإلي المناصب العليا في مصر يفوق كثيراً نسبتهم إلي تعداد السكان ومحتكم فقط إلي استحقاقهم وعمق مشاركتهم...إذاً نحن عندما نطالب بكوتة للأقباط، لانتنكر لآبائنا واضعي دستور 1923 إنما نتحسر علي الزمن الجميل الذي عاشوا فيه ونتطلع إلي استعادته بروشتة علاجية ليست كفراً بل تم تقنينها بالنسبة للعمال والفلاحين والمرأة لرفع الغبن عنهم وتمكينهم.
 
لست أجد أمام الغبن الذي انطوي عليه تصريح الدكتور سرور إلا أن أعيد تسطير تصريحه بحيث ينطبق علي سائر الشرائح المهمشة، لعل قراءته تفضح كيف يتم الكيل بمكيالين في معالجة قضايانا السياسية والوطنية، فماذا يمنع الدكتور سرورمن أن يقول الآتي:
أعتبر تخصيص كوتة للعمال والفلاحين تهريجاً ولا يجب أن تؤخذ علي محمل الجد؛ لأن العمال والفلاحين جزء من النسيج المصري ومن الأمة ككل، ومن يرغب في الوصول من خلال الانتخاب الحر عليه التركيز علي الشباب من الجنسين.
أعتبر تخصيص كوتة للمرأة تهريجاً ولا يجب أن تؤخذ علي محمل الجد، لأن المرأة جزء من النسيج المصري ومن الأمة ككل، ومن يرغب في الوصول من خلال الانتخاب الحر عليه التركيز علي الشباب من الجنسين.
عفوا يا دكتور سرور... أجد التهريج علي الجميع دون تفرقة مهما تم تقنين جزء وتكفير الجزء الآخر..!!




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :