بقلم: القس بيمن الطحاوى
التنشئة الاجتماعية هي عملية غرس القيم والمهارات والاتجاهات الضرورية لدى الناشئ ليقوم بالدور المطلوب منه في المجتمع بالتعاون والتفاعل مع الآخرين.، كما إنها العملية التي من خلالها يستطيع الناشئ أن يتطور وينمو بحيث يصبح ناضجاً اجتماعياً في ضوء قيم ومعايير واتجاهات وعادات وتقاليد المجتمع.، ويرى البعض إنها عملية يتحول الإنسان من خلالها من كائن حي بيولوجي إلى كائن حي اجتماعي طبقاً لمعايير مجتمعه الذي يحيا فيه.
وانطلاقاً من التعريف السابق تهتم الكنيسة بالتنشئة الاجتماعية السليمة لأبنائها في كافة مراحلهم العمرية، منذ طفولة الإنسان إلى كهولته، بل حتى قبل ميلاده، من خلال اهتمامها بإعداد المُقبلين على الزواج، وعلى أساس هذا الإعداد تتحدد الخيوط الأولى التي تُنسج منها البيئة التي سيتربى فيها الطفل، كما تحرص الكنيسة على الاهتمام بصحة الجنين من كافة النواحي وهو بعد في بطن أمه من خلال المراكز الصحية والمستوصفات الخيرية الموجودة في كثير من الكنائس والإيبارشيات، كما تهتم بالاستقرار الأسرى ومعالجة أسباب المشاكل الزوجية حتى تضمن للأطفال وبخاصة في الخمس سنوات الأولى- وهى السنوات الحساسة التي تتشكل فيها صورة الطفل الداخلية- التنعم بجو من التماسك والترابط والمحبة والسلام مما يساهم في بناء مواطنين صالحين ايجابيين متحمسين للمشاركة في بناء المجتمع وتقدمه.
كما تقوم الكنيسة من خلال التربية الكنسية والأنشطة الكنسية المختلفة بتزويد أبنائها، تبعاً لأعمارهم وقدراتهم وميولهم، بما يمكنهم من الوصول إلى الأفكار التي تُفيدهم في التكيف مع المجتمع والمساهمة الجادة في تغيره إلى الأفضل.، ويمكن تلخيص وظيفة التربية الكنسية والأنشطة الكنسية المختلفة في أنها تقوم على الآتي:
- إعداد أعضاء الكنيسة للتكيف مع مجتمعاتهم وملاحقة التغيير السريع في المجتمع ومواجهة التحديات العديدة الناتجة عن ذلك.
- تأكيد شخصية الفرد والكشف عن قدراته وميوله ومواهبه واستعداداته.
- حماية الإنسان من طغيان المادة، وإيجاد التوازن الفكري والروحي بين الإنسان والمادة.
- تحقيق التفاهم الإنساني وتنمية العلاقات الإنسانية على كافة المستويات.
- الحفاظ على الجيد من التراث الثقافي وتنقيته وتبسيطه.
- تنمية هذا التراث وتطويره وتعميق أبعاده.
ولسر الاعتراف الكنسي ولا شك أهميته الكبيرة في توجيه المؤمنين أفراداً وعائلات، فأب الاعتراف يُبصر المُعترف بنواحي ضعفه، ويقّيم سلوكه الروحي ومن ثّم النفسي والاجتماعي، بعد أن يستمع له ولمشكلاته في اهتمام بالغ، وهذا الاهتمام هو في حد ذاته علاج، ففيه مشاركة للمعترف في همومه ومتاعبه، وبخاصة أنه مُقترن بالصلاة من أجله، والسؤال عنه لمتابعته، ولذا تحرص الكنيسة على تدريب أبنائها على ممارسة سر الاعتراف من سن مبكر، حتى إذا ما وصلوا إلى مرحلة المراهقة كانت لهم من صداقتهم بالأب الكاهن وسيلة فعالة في الصمود روحياً ونفسياً في هذه الفترة الحرجة من العمر، مما يُمكنهم من حياة روحية سليمة تضمن عدم استتار العقد النفسية وراء تدين شكلي مريض يسيء للدين نفسه وقد يكون عثرة للكثيرين.
كاهن كنيسة مار مينا الأثرية بطحا الأعمدة - المنيا