هى حكاية أسطورية، حكاية مجرم، نجح فى استغلال ظروف البلاد، واللعب على جميع الأحبال السياسية، حتى أصبح من أبرز رجالات الإخوان، مع كونه واحداً من أبرز تجار المخدرات. الرجل لم يتورّع عن فعل أى شىء، اشتغل بتجارة المخدرات والسلاح، موّل الجماعة بالذخائر والأسلحة، خاصة فى اعتصام «رابعة»، فضلاً عن تجهيز وجبات يومية للمعتصمين، ارتبط بعلاقات وثيقة بقيادات الجماعة وبشخصيات سياسية مؤثرة. إنها رحلة صعود وهبوط الرجل، الذى صدرت ضده أحكام بالسجن 22 عاماً، نرصدها فى السطور التالية:
اسمه سعد زينهم سعد حسن أبوالغيط، وشهرته «الشيخ الدب»، 37 سنة، من مدينة نبروه بالدقهلية، وحاصل على دبلوم ثانوى تجارى من مدرسة نبروه الثانوية التجارية، أعزب، يعانى سمنة مفرطة، متوسط الطول، أبيض البشرة، ذو لحية خفيفة، معروف عنه كثرة الثرثرة والكذب وحب الفتنة وإطلاق الشائعات منذ صباه، تمكن «أبوالغيط» من تكوين أكبر مافيا للتهريب وجلب «الترامادول» والسلاح والممنوعات، من ألعاب نارية وسجائر مسرطنة وأدوية مغشوشة ومنشطات جنسية رديئة إلى مصر والشرق الأوسط فى خلال فترة زمنية لم تتجاوز سبع سنوات، واستطاع جلب مليارات الأقراص المخدرة، بعلاقاته الوثيقة مع كبار المنتجين والمهربين فى 10 دول على الأقل، وتطورت مراحل هذه الرحلة الإجرامية إلى عدة محطات، كالتالى:
السقوط:
رصدته أجهزة الأمن بالداخلية فى بداية اعتصام «رابعة» وعزل محمد مرسى من منصبه، حيث تبين من خلال الرصد والمتابعة اليومية أن الشيخ سعد أبوالغيط يتردّد على المعتصمين ومعه سيارات تحمل وجبات 5 نجوم، وجميع أنواع الفاكهة، حيث يحظى إمبراطور «الترامادول» بترحيب كبير عند دخوله ميدان رابعة، وكان المسئول عن دخوله وخروجه هو مصطفى حسن، زوج حفصة ابنة خيرت الشاطر، المحبوس حالياً، وكان ذلك بتعليمات من «الشاطر» نفسه.
بعد دخول «أبوالغيط» تتولى مجموعة من أعضاء «المحظورة» توزيع الوجبات «فايف ستارز» على المعتصمين، ثم يجلس «أبوالغيط» على كنبة كبيرة معدة له خصيصاً بسبب حجمه، يتابع توزيع الوجبات وعلى وجهه علامات الفرح، ثم مكالمة لخيرت الشاطر قبل حبسه، يخبره بأن «كله تمام»، والغريب أنه كان يطلق عليه كلمة «الريس»، بعدها يُخرج «أبوالغيط» من سيارة «مرسيدس» عبوات كبيرة لمخدر «الترامادول» ويعطيها لشخص اسمه «بلال» لتوزيعها على بعض المعتصمين من الباعة الجائلين ومعتادى الإجرام الذين استقطبتهم الجماعة المحظورة بأموالها للاعتصام فى رابعة، وأيضاً كان يتعاطى «الترامادول» أعضاء «التنظيم»، بدليل ضبط الشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل فى سجن طرة بـ3 شرائط من «الترامادول» فى أوانى الطعام بعد انصراف أسرته من الزيارة.
الغريب فى الأمر أن أعز أصدقاء الشيخ سعد هو السياسى المزور بحكم محكمة النقض أيمن نور، حيث كان يتردّد إمبراطور «الترامادول» على أيمن نور فى منزله، وسبق أن حضر احتفاله بعيد ميلاده، وهو ما يردده «أبوالغيط» نفسه للمحيطين به. بعد تولى تنظيم الإخوان مقاليد الحكم فى مصر أقنعه «نور» بضرورة الاقتراب من الكبار لحماية مصالحه، واقترح عليه التعرّف على خيرت الشاطر، الرجل الأقوى فى التنظيم الإرهابى، خاصة أن «التنظيم» يتوقع إقصاء الرئيس الأسبق حسنى مبارك، فى أى وقت من جانب الشعب والجيش، بعد قيام الجماعة بجلب السلاح من الخارج، وكذلك الإفراج على الإرهابيين لتأمين «مرسى» إذا أصبح فى موقع «مبارك».
وبالفعل تقابلا فى فيلا بالتجمع الخامس يملكها أحد قيادات «التنظيم»، ووقتها أعجب خيرت الشاطر بتفكير الذئاب، ووضع حلولاً عديدة لإدخال كونتينرات السلاح من الموانئ المختلفة، التى اعتاد إمبراطور «الترامادول» إغراق البلاد بالسجائر المسرطنة والحبوب المخدرة عن طريقها، وكان ذلك مقابل تسهيل تجارة الشيخ سعد فى «الترامادول». حيث أكد «أبوالغيط» لـ«الشاطر» أن تأثير «الترامادول» ليس ضاراً على المصريين وأنه يحضره للرجال لمساعدتهم فى عملية التواصل الجنسى وعدم فضحهم، على حد قوله. وانتهى اللقاء على وعد بالمساعدة بعد ترتيب الأمور، وروى «أبوالغيط» لـ«الشاطر» كيفية دخول السلاح من الدروب الصحراوية وأنه على استعداد لجلب الأسلحة التى يحددها «التنظيم».
انتهت أسطورة الرجل بالقضية التى تحمل رقم 4706 جنايات ثانى أكتوبر لسنة 2013، التى أظهرت فيها أجهزة وطنية مع الإدارة العامة لمكافحة المخدرات نقطة مضيئة فى تعاون ويقظة المؤسسات المختصة فى حماية البلاد، واشتركت فى الضبط قوات متعددة بقيادة اللواء زكريا الغمرى واللواء محمود فاروق والعقداء علاء خليل وأحمد سكر ووليد السيسى وآخرون، فى كمين سرى وبعد تبادل إطلاق النيران تم ضبط المهرب الكبير وشقيقه وعصابته المكونة من 11 شخصاً تبين إصابة أحدهم، بطريق الواحات - 6 أكتوبر، ومعهم عدد 809 قطع سلاح خرطوش تركية الصنع، و6 سيارات فارهة ومبلغ 144 ألف دولار أمريكى، و92 ألف جنيه مصرى، وفى الوقت ذاته داهمت قوات أخرى المصنع غير المرخص بمدينة بدر مكان إعداد الوجبات للمعتصمين فى رابعة، وتم ضبط أطنان من اللحوم ولوازم التجهيزات، وتحرر عن ذلك المحضر رقم 3609 جنح قسم شرطة بدر لسنة 2013، وقررت النيابة العامة حبسهم جميعاً وإحالتهم إلى المحاكمة محبوسين، وأثناء تداول جلسات التحقيق والمحاكمة تحدد ميعاد جلسة محاكمته فى قضية مخدرات طنطا، حيث حكمت محكمة جنايات طنطا حضورياً عليه بالسجن المشدد لمدة خمسة عشر عاماً وغرامة 500000 جنيه، وهو أول حكم حبس حضورى واجب النفاذ ضده، وتداولت جلسات قضية السلاح الكبرى بحضور مجموعة من كبار المحامين معه، منهم المحامية هويدا سالم، حيث حكمت محكمة جنايات القاهرة الدائرة الثامنة الجنائية، برئاسة المستشار محمد محمود شكرى وعضوية المستشارين أحمد إبراهيم خليل وهشام عبدالسلام بدوى، على المهرب الكبير بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات، وبراءة شقيقه، والسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات لباقى المتهمين. وبعد الحكم رصدت الأجهزة حدوث ارتباك كبير لأعوانه من المنتفعين، حيث قاموا باستغلال حركة الشرطة السنوية الروتينية وإطلاق شائعات كاذبة وغير صحيحة ضد بعض الكفاءات النزيهة فى جهاز الشرطة التى أسهمت بقوة فى كشف مافيا الإمبراطور، بغرض الثأر والإضرار وتشويش الرأى العام والتغطية على علاقتهم الفعلية بالمهرب الخائن، وتم ذلك بمتابعة ودعم من كبار المنتفعين من أموال المهرب الطائلة، وكانت هذه نهاية إمبراطور «الترامادول» وبداية أخرى للملاحقة القانونية للأموال غير المشروعة له ولأعوانه.