سمعت أرقاماً كثيرة عن عائدات قناة السويس الجديدة.. الأرقام بمليارات الدولارات.. ناس تقول خمسة، وناس تقول عشرة.. مش مهم.. الحكاية مش حكاية أرقام أبداً.. الحكاية الحقيقية هى المعنى من حفر القناة.. كيف صنعنا المعجزة فى عام واحد؟.. أثرها النفسى والمعنوى.. فكرة قدرة مصر على التحدى.. هى دى الحكاية.. القيمة هنا فى المعنى.. اهتموا بالمعانى أولاً، لأن العائدات مسألة مفروغ منها بالفعل!
ورأيت ساطع النعمانى يهدى الرئيس سلسلة بالدم.. القيمة ليست فى السلسلة.. القيمة فى المعنى أيضاً.. اللى حفر القناة ناس بتحب مصر.. واللى قدم روحه فداء للوطن ناس بتحب مصر.. الكلمة التى قالها النعمانى للرئيس تعكس هذه المعانى.. قال للرئيس: «دى هدية من رجل بيحب مصر، لرجل بيعشق مصر».. هى دى الحكاية.. الشهداء لا يكذبون والمصابون لا ينافقون.. «لحظة الموت» لا يوجد نفاق!
الفارق كبير بين من يحفر القناة ومن يهددها بالخطر.. الفارق كبير بين من يقدم روحه فداء للوطن، ومن يفجر القنابل ويرتدى الأحزمة الناسفة.. الفارق أيضاً كبير بين من اشترى أسهم القناة، وشهادات الاستثمار فيها، وبين من قعد يسخر ويتريق، ويقول إنها تفريعة وإنها ترعة، وإنها طشت بتاع أمه.. الفارق أننا كنا فى لحظة اختبار.. كنا فى لحظة فرز.. من يحب مصر، ومن يكرهها، ويفخخ السيارات فيها!
لا تنشغلوا بتقديم دفوع عن القناة.. لا تنشغلوا بمأمأة الخرفان.. هؤلاء لا يفرحون مثلكم.. يحاولون التشكيك فى كل شىء.. من أول القناة حتى العاصمة الإدارية.. لا يفرحون مثلكم لتخرج الضباط فى الكليات العسكرية والشرطة.. لا لشىء إلا لأنهم يكرهون الجيش والشرطة.. عاوزينها تبقى فوضى.. عقدتهم الجيش.. وعقدتهم الشرطة.. كيف تنتظر أن يفرحوا؟.. أبناؤهم ليسوا ضمن الخريجين الجدد.. «خونة»!
هناك فارق بين ناس تحب الوطن، وناس تكره الوطن.. الفارق هو فكرة الوطن نفسها.. هناك من يؤمن بالوطن ويحافظ على ترابه.. وهناك من لا يؤمن به، ويرى أنه حفنة من تراب عفن.. هؤلاء معفنون.. ساطع النعمانى ورفاقه حين قدموا أرواحهم كانوا يؤمنون بالوطن.. مع ذلك يقول: الحمد لله إننى مصرى.. هى دى الحكاية.. المعنى وراء الأشياء.. فهل يستوى من يقدم روحه للوطن، ومن يحرق الوطن؟!
بالأمس أرسلت مصر رسالة قوية للعالم.. مصر آمنة.. ضباط جيش وشرطة مع بعض فى العرض العسكرى.. لأول مرة فى حفل تخرج دفعة ضباط شرطة.. طلاب حربية ومدرعات جيش، مع طلاب شرطة ومدرعات شرطة.. معنى جديد جداً.. رسالة بأن مصر تحمى أمنها.. مصر تقبض على زمام الأمور.. صف واحد وجيش واحد فى مقاومة الإرهاب.. معاً على الجبهة فى سيناء، ومعاً على الجبهة الداخلية أيضاً!
تخيل لو كان الإخوان المجرمون قد عاصروا حفر القناة الأم؟.. هل كانوا سيفرحون؟.. أم كانوا سيقولون ملهاش فايدة؟.. إيه العائد منها؟.. إحنا كده كويس.. ليه تحفر قناة لما ممكن تستريح؟.. تخيل ماذا كان الخديو سيفعل معهم؟.. هل كان يفعل معهم كما فعل محمد على مع المماليك فى القلعة؟!
نقلا عن المصري اليوم