ماجد سوس
دعاني احد الخدام لزيارته و تبادلنا اطراف الحديث عن حال الخدمة في مصر و في المهجر و قال لي انه يقود إجتماع عربي و لكنه لا يستطيع ان يدعي أي علماني ليعظ في الإجتماع لأن كاهن الكنيسة لا يفضل ان يقف علماني و يعظ ! و قال لي اخر و هو غاضب انه عندما كان يقود اجتماع الشباب في بلده كان يدعو وعاظ كثيرين من علمانيين و شبان و ان احد الشباب الذي كان يدعوه كثيرا ليعظ في الإجتماع ، حتى عرفه الشباب و الشعب ، سيم كاهنا على نفس الكنيسة و كانت اول قرارته عدم السماح للعلمانيين بالوعظ و آخر قال لي ان اسقف الزقازيق (المتنيح الأنبا ياكوبوس) كان يمنع العلمانيين من الوعظ و العجيب ان هذا الأسقف كان من وعاظ الصعيد العلمانيين الشهيرين لذا اشكفيهذهالمعلومةلأنهوهوعلمانيدعيللوعظوالخدمةفىابوتيج – جرجا – الفيوم – طهطاوكانيخدممعالانباموسى ، اطال الله عمره ،وهماعلمانيانلذااتمنىالايكونهذاصحيحا.
و كاهن اخر كان يرفض ان يعظ العالمانيون مستندا الى آية كتابية في العهد القديم تقول ، من فم الكاهن تؤخذ الشريعة!!
في الحقيقة ترددت كثيرا جدا قبل ان ابدأ في الكتابة في هذا الموضوعالغريب ليس خشية ان يغضب مني احد رجال الكنيسة الرافضين لإعطاء العلمانيين خدمة الوعظ و التعليمولا لجسامة الموضوع حيث انه موضوع محسومٌ روحيٌ وكتابيٌ و كنسيٌ.
و على الرغم من اننا امام تحديات اخرى اهم تواجه شبابنا و شعبنا أكبر من تلك الأمور و التي قد تبدوصغيرة ،الا أنني اؤمن ان ربما ثعالب صغيرة قد تفسد الكرم كله.
نعود لموضوعنا الرئيسي اليوم ، فمنذ نشأة المسيحية و التعليم و الوعظ غير مرتبط اطلاقا بالكهنوت او برتبة المتكلم او حتى بعمره بل هي موهبة و ملكة قد توجد لدى طفل صغير يستخدمه الله و يتكلم على لسانه .
لعل عظة الشماس اسطفانوس و الذي كان منوط به خدمة الموائد تعد ، كما قال احد الشراح ، من اعظم العظات التي قدمت في التاريخ وهو لم يكن من قادة الكنيسة او رعاتها .
اما العلامة الفذ الذي قدم للكنيسة نفائس الكتب و تفسيرات الكتاب المقدس ،اوريجانوس فقد اختاره بابا الكنيسة ، واعظا و عميدا لمدرسة الاسكندرية اللاهوتية و هو لم يزل علمانياً في الثامنة عشر من عمره و قد كان اساقفة الكنيسة يتهافتون عليه ليأتي الى كنائسهم ليعظ فيها و كان البابا بطرس يرسله في كل المسكونة ليعظ الشعب و يحارب البدع و الهرطقات حيث رأى فيه موهبة الوعظ و التعليم لا مثيل عند غيره من الرعاة و التي لم يسجل التاريخ اي اعتراض منهم بسبب كونه علمانيا !
اما الشاب الذي وقف وهو لم يزل شماسا امام اساقفة المسكونة يشرح لهم الايمان و يضع لهم قانونه فكان الشاب اثناسيوس الذي انار الكنيسة بتعاليمه و عظاته منذ صغره و لم يسجل التاريخ ايضا اعتراض بطاركة و اساقفة المسكونة ان يقف شماسا يتكلم امامهم.!
و الوقت و المساحة لا تسع لسرد كل قصص العالمانيين الذي ثبتوا ايمان الشعب القبطي على مدى واحد و عشرون قرنا من الزمان و يكفي في العصر الحديث ان تجد العلمانيين و قد ساهموا بشكل ملحوظ في نهضة الكنيسة الحديثة بعظاتهم وهم علمانيين كالقديس جبيب جرجس مؤسس خدمة مدارس الاحد القبطية و هناك العلمانيون و التي تسببت عظاتهم و خدمتهم في اختيار الشعب لبعضهم في خدمة الكهنوت لاحقاً كنظير جيد (البابا شنودة)وعظاته النارية للخدام و هو علماني و قد قالي لي احد الرهبان المسنين انه حضر عظة لنظير جيد عن الروح القدس الناري للكهنة و الخدام كانت قوية هزت نفوس الحاضرين
و هناك العلامة وهيب عطالله (الانبا اغريغوريوس) و سعد عزيز (الانبا صموئيل)و د. اميل عزيز (الأنبا موسى) و المحامي و الواعظ الشهير وهيب زكي سوريال (القمص صليب سوريال )و ماذا عن اشهر وعاظ الصعيد شاكر خليل الدويري (القمص مرقس خليل)
و الأكثر من هذا ان المتنيح القديس ابونا بيشوي كامل كان يهتم بالعلمانيين الوعاظ و كان يشجعهم على الوعظ و لا انسى على سبيل المثال لا الحصر الراحل عادل بسطوروس المحامي والدكتور المؤرخ نصحي عبد الشهيد و المهندس مجدي أنيس و غيرهم .
بل أكثر من ذلك كان ابونا بيشوي يأتي بالمؤرخة الشهيرة إيريس حبيب المصري و يجعلها تقدم محاضراتها في كل اجتماعات الكنيسة .
و قد حزا حزوه الأسقف المحبوب الأنبا موسى اسقف الشباب و الذي لم يكتفي بتشجيع العلمانيين و ارسالهم الى كل كنائس الكرازي للتعليم و تدريس الكتاب بل لن انسى اتضاعه الشديد حينما يدخل مكان و يجد علماني او شاب يعظ فيطلب منه ان يستمر في عظته و لا يقطعها بسبب وجوده و هو ايضا الذي قدم للكنيسة الأستاذة ايريس نسيم و التي ساعدت الكثير من الشباب بمحاضراتها بالكنائس في مجال علم النفس.
و لا استطيع ان انسى دور الواعظ العلماني المفوه الشهير الدكتور مجدي اسحق و عظاته المبهرة في شتى مجالات الحياة الروحية بخلاف علم النفس و الإجتماع و الدكتور رأفت قدري استاذ الكتاب المقدس مؤسس مركز القديس تيموثاوس لدراسة الكتاب بأسقفية الشباب و الراحل الاستاذ ممدوح شفيق صاحب الكتاب الجميل سياحة في العهد القديم و الارشيذياكون رمسيس نجيب و غيرهم من اخوتي العلمانينن المعلمين في كل مكان و كل كنيسة و الذين يصعب جمعهم في مقالة واحدة .
اما ما يقال عن ان تؤخذ الشريعة من فم الكاهن فعلينا اولا ان نعي ان هذه الاية قطعت من سياقها حيث كان الله يعاتب الكهنة في العهد القديم على تقصيرهم و فشلهم في قيادة الشعب فقال لهم لهم بدلا من ان تؤخذ الشريعة من فمكم و كان غاضبا جدا ولكن المقصود بالشريعة الآن هي اسرار الكنيسة و التي هي من وظيفة الكاهن فقط اما موهبة التعليم او الوعظ و قد وضعها بولس الرسول ضمن مواهب الروح القدس القدس و التي قد يعطيها لطفل صغير فنتعلم منه الكثير و اما دورالاب الاسقف المهم فهو الناظرعلى التعليم اي ان عليه ان يراقب التعليم و سلامته.
عزيزي القاريء الهدف الذي من أجله كتبت مقالي هذا، من ناحية كي نقدم الشكر لكل علماني معلم ، ساهم في نهضة الكنيسة و من جهة أخرى ان نفتح المجال امام شبابنا و خدامنا للوعظ و التعليم و التبشير فلربما نجد اثناسيوس و اريجانوس و ذهبي فم ، جديد فكنيستنا أم ولود و لديها الكثير و الكثير من الموهوبين المملوئين بالروح و المواهب للجميع و الواهب يعطي الجميع بسخاء بلا تعيير و الكنيسة تساع الكل و الحصاد كثير و الهدف وحيد و هو خلاص نفس الراعي و الرعية.