القرار تسبب في تجميد الأصول المالية لمصر في الخارج
التأميم تسبب في مؤامرة العدوان الثلاثي على مصر
كتب – نعيم يوسف
في مثل هذا اليوم السادس والعشرون من يوليو عام 1956، أي منذ 59 عاما اتخذ الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قرارا تاريخيا، نتج عنه فيما بعد أحداث تاريخية أثرت في تاريخ مصر ومستقبلها بعد ذلك.
قرار بتأييد جماهيري كبير
وسط تصفيق وتهليل جميع المصريين الحاضرين، أعلن عبدالناصر، من ميدان المنشية في الإسكندرية، تأميم -أي نقل ملكية قطاع معين إلى ملكية الدولة أي تحويله إلى القطاع العام- قناة السويس، وبدء تشغيلها من قبل المصريين في نفس اللحظة التي يلقي فيها الخطاب، وذلك ردا على انسحاب كل من الولايات المتحدة وبريطانيا، من عملية تمويل السد العالي.
قرار رئاسي بالتأميم
وتلا عبد الناصر خطابه التاريخي: " باسم الأمة.. باسم الأمة تؤمم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية شركة مساهمة مصرية، وينتقل إلى الدولة جميع ما لها من أموال وحقوق وما عليها من التزامات، وتحل جميع الهيئات واللجان القائمة حالياً على إداراتها، ويعوض المساهمون وحملة حصص التأسيس عما يملكونه من أسهم وحصص بقيمتها، مقدرة بحسب سعر الإقفال السابق على تاريخ العمل بهذا القانون فى بورصة الأوراق المالية بباريس، ويتم دفع هذا التعويض بعد إتمام استلام الدولة لجميع أموال وممتلكات الشركة المؤممة.
مادة ٢: يتولى إدارة مرفق المرور بقناة السويس مرفق عام ملك للدولة.. يتولى إدارة مرفق المرور بقناة السويس هيئة مستقلة تكون لها الشخصية الاعتبارية، وتلحق بوزارة التجارة، ويصدر بتشكيل هذه الهيئة قرار من رئيس الجمهورية، ويكون لها - فى سبيل إدارة المرفق - جميع السلطات اللازمة لهذا الغرض، دون التقيد بالنظم والأوضاع الحكومية.
ومع عدم الإخلال برقابة ديوان المحاسبة على الحساب الختامى، يكون للهيئة ميزانية مستقلة، يتبع فى وضعها القواعد المعمول بها فى المشروعات التجارية، وتبدأ السنة المالية فى أول يوليو، وتنتهى فى أخر يونيو من كل عام، وتعتمد الميزانية والحساب الختامى بقرار من رئيس الجمهورية. وتبدأ السنة المالية الأولى من تاريخ العمل بهذا القانون وتنتهى فى أخر يونيه سنة ١٩٥٧. ويجوز للهيئة أن تندب من بين أعضائها واحداً أو أكثر لتنفيذ قراراتها أو للقيام بما تعهد إليه من أعمال، كما يجوز لها أن تؤلف من بين أعضائها أو من غيرهم لجاناً فنية؛ للاستعانة بها فى البحوث والدراسات. يمثل الهيئة رئيسها أمام الهيئات القضائية والحكومية وغيرها، وينوب عنها فى معاملتها مع الغير.
مادة ٣: تجمد أموال الشركة المؤممة وحقوقها فى جمهورية مصر وفى الخارج، ويحظر على البنوك والهيئات والأفراد التصرف فى تلك الأموال بأى وجه من الوجوه، أو صرف أى مبالغ أو أداء أية مطالبات أو مستحقات عليها إلا بقرار من الهيئة المنصوص عليها فى المادة الثانية.
مادة ٤: تحتفظ الهيئة بجميع موظفى الشركة المؤممة ومستخدميها وعمالها الحاليين، وعليهم الاستمرار فى أداء أعمالهم، ولا يجوز لأى منهم ترك عمله أو التخلى عنه بأى وجه من الوجوه، أو لأى سبب من الأسباب؛ إلا بإذن من الهيئة المنصوص عليها فى المادة الثانية.
مادة ٥: كل مخالفة لأحكام المادة الثالثة يعاقب مرتكبها بالسجن والغرامة توازى ثلاثة أمثال قيمة المال موضوع المخالفة. وكل مخالفة لأحكام المادة الرابعة يعاقب مرتكبها بالسجن، فضلاً عن حرمانه من أى حق فى المكافأة أو المعاش أو التعويض.
مادة ٦: ينشر هذا القرار فى الجريدة الرسمية، ويكون له قوة القانون، ويعمل به من تاريخ نشره، ولوزير التجارة إصدار القرارات اللازمة لتنفيذه".
رد فعل هيئة قناة السويس
الدول العظمى صاحبة المصالح في القناة لم تسكت، وبدأت بالرد عندما قامت هيئة المنتفعين بقناة السويس بسحب المرشدين الأجانب بالقناة لإثبات أن مصر غير قادرة على إدارة القناة بمفردها، إلا أن مصر أثبتت عكس ذلك، وأدارتها، فقررت هذه الدول الرد بطرق أخرى.
تجميد أموال مصر في الخارج
قامت كلاً من فرنسا وإنجلترا بتجميد الأموال المصرية في بلادهما، وهو ما يقدر بنحو 135 مليون جنيه إسترليني، فيما قامت الولايات المتحدة بتجميد أموال شركة القناة لديها، وكذلك تجميد أموال الحكومة المصرية حتى تتضح الأمور فيما يتعلق بمستقبل شركة قناة السويس، وكانت أموال الحكومة المصرية هناك تقدر بنحو 43 مليون دولار، أي ما يعادل نحو 15 مليون جنيه مصري وقت التأميم. وبلغ مجموع الأموال المصرية التي تقرر تجميدها في إنجلترا وفرنسا والولايات المتحدة ما يزيد على القيمة المالية لشركة قناة السويس.
وقف المساعدات الأمريكية
وحسب موسوعة "ويكيبيديا" وأوقفت الولايات المتحدة تقديم أي مساعدة مالية أو فنية لمصر، وضغطت كلاً من فرنسا وإنجلترا على سويسرا لتتعاون معها عن طريق تجميد الأموال المصرية لديها، ولكنها لم تستجب لذلك.
العدوان الثلاثي
لم تكن هذه فقط نتاج التأميم، بل تآمرت كل من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على مصر بـ"العدوان الثلاثي" وأطلق عليها الغرب حرب السويس، ونتيجة للضغط الدولي توقف العدوان على مصر، وبدأت بعد ذلك عملية تطهير القناة التي انتهت في 11 أبريل 1957، وتكلفت 8.5 مليون دولار.