عصام نسيم
قرأت بعض الاقوال من البعض التي تدعي وتقول
ان وصية السيد المسيح للطلاق الا لعلة الزنا هي وصية روحية كوصايا كثيرة طلبها منا السيد المسيح ويجب ان لا نأخذها بالمعنى الحرفي لان السيد المسيح في وصايا كثيرة كانت يتكلم كلام رمزي روحي وليس حرفي !!!
ولكن هل هذه الادعاءات صحيحة وهل كان كلام السيد المسيح ووصاياه وصايا روحية رمزية ولم يكن يقصد المعنى الحرفي للوصية ؟!
بالطبع من يدعي ذلك كأنه يقول ان وصايا السيد المسيح وصايا بعيدة عن الحياة وصايا روحية او رمزية وكأن الرب كان يتحدث لنا عن حياة لا نحياها وعن أمور لا نعيشها !
وكأن الكنيسة لم تعي النصوص الانجيلية وفسرتها منذ القرون الاولى وعرفت المعنى والقصد الالهي من وصايا المسيح وفصلت بين ما هو روحي وما هو حرفي فمثلا وصية " وَإِنْ أَعْثَرَتْكَ عَيْنُكَ فَاقْلَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ. خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ أَعْوَرَ مِنْ أَنْ تُلْقَى فِي جَهَنَّمِ النَّارِ وَلَكَ عَيْنَانِ.(إنجيل متى 18: 9) فهمتها الكنيسة بالمعنى الروحي الرمزي وعلمت بذلك رغم ان البعض عاش الوصية حرفيا ولكن الكنيسة لم ترحب بالتفسير الحرفي عموما .
لكن ان يدعي البعض بلا اي دليل او برهان ان وصية السيد المسيح في الزواج والطلاق هي وصية روحية رمزية وليس وصية حرفية امرلم نيسمعه او نقرأه من قبل !
وسوف نعرض قوانين الكنيسة وتعاليم الآباء عن الوصية وكيف فهمتها الكنيسة وعاشتها لاحقا ولكننا اليوم سوف نقرا الوصية كما قالها السيد المسيح ودونها الرسل الأطهار في البشائر المختلفة حتى ندرك هل كان السيد المسيح يعني الوصية حرفيا وكان يتكلم عن تشريع وضعه لتعيش الكنيسة به وعليه ام مجرد وصايا روحية وكلام رمزي ؟!
اولا ما جاء في إنجيل متى الاصحاح 19
وَجَاءَ إِلَيْهِ الْفَرِّيسِيُّونَ لِيُجَرِّبُوهُ قَائِلِينَ لَهُ: «هَلْ يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ لِكُلِّ سَبَبٍ؟» فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «أَمَا قَرَأْتُمْ أَنَّ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْبَدْءِ خَلَقَهُمَا ذَكَرًا وَأُنْثَى؟ وَقَالَ: مِنْ أَجْلِ هذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، وَيَكُونُ الاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا. إِذًا لَيْسَا بَعْدُ اثْنَيْنِ بَلْ جَسَدٌ وَاحِدٌ. فَالَّذِي جَمَعَهُ اللهُ لاَ يُفَرِّقُهُ إِنْسَانٌ».
قَالُوا لَهُ: «فَلِمَاذَا أَوْصَى مُوسَى أَنْ يُعْطَى كِتَابُ طَلاَق فَتُطَلَّقُ؟»
قَالَ لَهُمْ: «إِنَّ مُوسَى مِنْ أَجْلِ قَسَاوَةِ قُلُوبِكُمْ أَذِنَ لَكُمْ أَنْ تُطَلِّقُوا نِسَاءَكُمْ. وَلكِنْ مِنَ الْبَدْءِ لَمْ يَكُنْ هكَذَا. وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إِلاَّ بِسَبَب الزِّنَا وَتَزَوَّجَ بِأُخْرَى يَزْنِي، وَالَّذِي يَتَزَوَّجُ بِمُطَلَّقَةٍ يَزْنِي». قَالَ لَهُ تَلاَمِيذُهُ: «إِنْ كَانَ هكَذَا أَمْرُ الرَّجُلِ مَعَ الْمَرْأَةِ، فَلاَ يُوافِقُ أَنْ يَتَزَوَّجَ!»
فَقَالَ لَهُمْ: «لَيْسَ الْجَمِيعُ يَقْبَلُونَ هذَا الْكَلاَمَ بَلِ الَّذِينَ أُعْطِيَ لَهُم،
لأَنَّهُ يُوجَدُ خِصْيَانٌ وُلِدُوا هكَذَا مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ، وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَاهُمُ النَّاسُ، وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَوْا أَنْفُسَهُمْ لأَجْلِ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَقْبَلَ فَلْيَقْبَلْ»
ونلاحظ من خلال النص الأتي :
أولا ان الفريسين جاءوا كعادتهم ليجربوا السيد المسيح وكان السيد في رده عليهم كان يقصد كل حرف وكل كلمة يقولها .
ثانيا كان الفريسين معلمين للناموس ويعرفون شريعة الزواج والطلاق لذلك ما قاله السيد المسيح في وصيته كان كانه تشريع جديد بوصية جديدة في امر قائم وهو شريعة الزواج والطلاق ووضح لهم المفهوم السليم والاصلي في كيفية الزواج ونظرة الزواج عند الله وقصد الله من الزواج .
ثالثا نلاحظ ان التلاميذ انفسهم لم يقبلوا وصية الإنجيل وكلامه كما جاء : إِنْ كَانَ هكَذَا أَمْرُ الرَّجُلِ مَعَ الْمَرْأَةِ، فَلاَ يُوافِقُ أَنْ يَتَزَوَّجَ حتى انهم فضلوا عدم الزواج من الوصية الصعبة التي قالها السيد المسيح ! فلو كان المعنى روحي ورمزي كان السيد المسيح قاله لهم ذلك ولكنه أصر على الوصية الجديدة ورد عليهم قائلا :
نرى ان الفريسين وحتى تلاميذ السيد المسيح لم يقبلوا كلامه عندما شرع لهم السيد المسيح امر الزوجة الواحدة وانه لا طلاق الا لعلة الزنا فيقول الكتاب : إِنْ كَانَ هكَذَا أَمْرُ الرَّجُلِ مَعَ الْمَرْأَةِ، فَلاَ يُوافِقُ أَنْ يَتَزَوَّجَ فلو كان المعنى والقصد من كلام السيد المسيح هو كلام روحي ورمزي وليس وصية إلهية كان السيد المسيح وضح لهم ذلك ولكن السيد المسيح رد عليهم قائلا : لَيْسَ الْجَمِيعُ يَقْبَلُونَ هذَا الْكَلاَمَ بَلِ الَّذِينَ أُعْطِيَ لَهُم
ثم كرر نفس العبارة في نهاية الحديث وقال لهم مرة اخرى : لَيْسَ الْجَمِيعُ يَقْبَلُونَ هذَا الْكَلاَمَ بَلِ الَّذِينَ أُعْطِيَ لَهُم
ومن خلال التأكيد مرتين على ان هذا الكلام صعب ان يقبله الجميع لن يقبله اليهود قساة القلوب ولا الكتبة والفريسين المرائين ولكنهم المؤمنين بالسيد المسيح وخلاصه كنيسته وهذا ما حدث في الكنيسة طوال القرون الماضية والي يومنا هذا !
اذن مجرد قراءة عميقة لكلمة الله نستطيع ان تستخلص القصد الالهي والمعنى الذي أراده رب المجد من خلال صايا وكلماته .
ثانيا ما جاء في إنجيل مرقس الإصحاح العاشر :
فَتَقَدَّمَ الْفَرِّيسِيُّونَ وَسَأَلُوهُ: «هَلْ يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ؟» لِيُجَرِّبُوهُ. فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «بِمَاذَا أَوْصَاكُمْ مُوسَى؟»
فَقَالُوا: «مُوسَى أَذِنَ أَنْ يُكْتَبَ كِتَابُ طَلاَق، فَتُطَلَّقُ».
فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «مِنْ أَجْلِ قَسَاوَةِ قُلُوبِكُمْ كَتَبَ لَكُمْ هذِهِ الْوَصِيَّةَ،
وَلكِنْ مِنْ بَدْءِ الْخَلِيقَةِ، ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمَا اللهُ.
مِنْ أَجْلِ هذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، وَيَكُونُ الاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا. إِذًا لَيْسَا بَعْدُ اثْنَيْنِ بَلْ جَسَدٌ وَاحِدٌ. فَالَّذِي جَمَعَهُ اللهُ لاَ يُفَرِّقْهُ إِنْسَانٌ». ثُمَّ فِي
الْبَيْتِ سَأَلَهُ تَلاَمِيذُهُ أَيْضًا عَنْ ذلِكَ، فَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَتَزَوَّجَ بِأُخْرَى يَزْنِي عَلَيْهَا. وَإِنْ طَلَّقَتِ امْرَأَةٌ زَوْجَهَا وَتَزَوَّجَتْ بِآخَرَ تَزْنِي
نلاحظ هنا نفس المعنى تقريبا الذي قصده الرب ولكن هنا نجد امر لم يذكرة متى البشير ذكرة القديس مرقس عندما قال : ثم في البيت ساله التلاميذ ايضا عن ذلك وكان رد السيد المسيح عليهم نفس الرد من طلق امراته وتزوج باخرى يزني عليها وان طلقت امراة زوجها وتزوجت باخر تزني !
ونلاحظ هنا ان السيد المسيح يقول يزني عليها لماذا لان زواجه بامراته الاولى مازال قائما امام الله ولم ينفك بطلاق لغير علة الزنا لذلك قال الرب يزني عليها ونفس الامر ذكره للزوجة التي طلقت لغير علة الزنا ,
ونلاحظ في سؤال التلاميذ للسيد المسيح على انفراد وفي البيت على الوصية مرة اخرى وكلام السيد المسيح بنفس الكلام انه تأكيدا عن المعنى الذي يقصده المسيح وتأكيدا ان الكلام كلام حرفي يقصد به ما فهموا ويضع به تشريع جديد للزواج في المسيحية والا كان قال لهم على انفراد : لقد كنت اقصد معنى روحي ورمزي للوصية فلا تأخذوها بالمعنى الحرفي ولا تعلمون بها في بشارتهم بالإنجيل !
طبعا كلام غير منطقي وغير عقلاني وغير كتابي بالمرة
ونكتفي بما ورد في انجيل متى وانجيل مرقس لنعرف ونفهم وندرك المعنى من الوصية فكلمة الله روح وحياة حياة نعيشها من خلال الوصية وبالوصية . كلمة الله ليست في حاجة الي تأويل او تفسيرات منحرفة بعد 2000 عام كلمة الله محتاجة خضوع واتضاع للوصية وكلمة الله لا ان نتعالى ونعتمد على فكرنا البشري ونفسر حسب اهوائنا البشرية المحدودة .
يتبع