الأقباط متحدون - عمر الشريف.. وداعاً صديقى!
أخر تحديث ١٣:٥٠ | الاثنين ١٣ يوليو ٢٠١٥ | ٦أبيب ١٧٣١ ش | العدد ٣٦٢٠السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

عمر الشريف.. وداعاً صديقى!

زاهي حواس
زاهي حواس

لم أكن أعلم أن لقائى الأخير بعمر الشريف هو لقاء الوداع! كان نائماً فى سلام.. وعلى وجهه كل علامات الرضا، وكأنه غارق فى عالم من الذكريات الخاصة به وحده وقد ماتت معه، ولن نعرف أبداً ماذا كان يجول بخاطره فى أيامه الأخيرة! مات عمر الشريف وفارقنا إلى دار الآخرة وترك لنا ميراثاً غالياً من الفن ومن الحب، وسيظل يحيا فى قلوب كل من أحبوه وعشقوا فنه. لقد آمن المصريون القدماء بأن الإنسان يموت مرتين.. الأولى عندما تفارق الروح جسده.. والثانية عندما يموت آخر من يتذكر اسمه! ولذلك كان عمل الإنسان مهماً لترك ذكرى طيبة تخلد اسمه بين الناس فيظل حياً إلى الأبد.. وأعتقد قياساً على هذا أن عمر الشريف سيظل حياً بيننا لأجيال وأجيال قادمة.

أصاب مرض ألزهايمر اللعين ذاكرة عمر الشريف لكنه أبداً لم يصب روحه أو إحساسه وحبه للناس والحياة.. كانت الذاكرة تخبو شيئاً فشيئاً حتى تلاشت الذكريات القريبة وبقيت له كل ذكريات الطفولة والشباب.. كان يحتفظ فى محفظته بصورته مع أمه وهو طفل لم يتعد الأعوام الأربعة على شاطئ الإسكندرية.. وكان فى كل لقاء معى فى الفترة الأخيرة من حياته يخرجها ليرينى إياها وليحكى لى عن أمه وكيف أثرت فى حياته بحزمها وحنانها. حكى لى كيف أصرت على إلحاقه بمدرسة إنجليزية داخلية بالإسكندرية لسببين الأول ليتعلم الإنجليزية بلكنتها الصحيحة، والسبب الثانى لكى يفقد وزنه الزائد ويحافظ على لياقته، عندما لاحظت أمه بوادر بدانة على جسده.

نسى عمر اسمى فى أيامه الأخيرة لكنه كان ينتظر كل يوم موعد لقائنا على العشاء، وحدث أننى سافرت خارج البلاد لإلقاء محاضرة فوجدته يتصل بى ويقول «إنت فين يا أخى؟ أنا منتظرك لنتعشى مع بعض!». لم أعرف فى حياتى أحدا يحمل فى قلبه كل هذا الحب للناس.. عمر الشريف كان إنسانا نادرا لا يعرف كيف يكره ولا كيف يحقد ولا كيف يضمر الشر لأحد، لم يكن له خصوم ولا أعداء، ولم يشغل نفسه بصراع مع أحد، كان يعيش حياته كما يراها، ورغم كل عشاقه ومحبيه فلقد عاش وحيداً مع نفسه ومع فنه متنقلاً بين أكثر من بلد، فلا تعرف إن كان مقيماً فى إيطاليا، أو فى فرنسا أو فى أمريكا حيث هوليوود التى خلدت اسمه.

منح الله عمر صوتاً ووسامة وحضوراً جعلته يأسر كل من يراه وكانت له ابتسامة براقة لم تفارقه إلى يوم رحيله.. سمعته فى مرات كثيرة يناجى ربه، وكان أحياناً يعلو صوته فأسمعه يقول: يا رب! وعندما سألته فى إحدى المرات عن السبب قال لى إنه منذ حوالى عشرين عاماً هاجمته أزمة قلبية فى منتصف الليل ولم يقدر على الحركة أو طلب المساعدة، فدعا الله وقال لو عشت إلى الصباح فلن أدخن أبداً، وكانت هذه نهاية علاقته بالتدخين. وقد لا يعرف كثير من المصريين أن عمر الشريف ساعد كثيرا من الناس، سواء ممن كان يعرفهم، أو ممن لم يعرفهم ولم يبخل يوماً على أحد، ولم يتوان عن تقديم العون لمحتاج.. رحمه الله من مرضه القاسى ولم يطل عليه الوقت.. واختار له العشر الأواخر من شهر الرحمة والمغفرة لتكون موعده لعودة الروح إلى خالقها.. رحم الله عمر الشريف وألهم أسرته ومحبيه الصبر على الفراق.. وإلى اللقاء يا صديق العمر.
نقلا عن المصرى اليوم


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع