«لافروف»: تحدثنا مع وزير الدفاع السعودى والرئيس التركى ومبادرتنا الأجدر بالتطبيق.. ومصدر سعودى لـ«الوطن»: الحديث عن تحالف مع «الأسد» حديث عن المستحيل.. وخبراء يستبعدون نجاحها.. و«المعلم»: ستكون معجزة بوتين الشرق أوسطية
أعلن وزير الخارجية الروسى، سيرجى لافروف، مساء أمس الأول، عن مبادرة لتشكيل تحالف جديد لمواجهة تنظيم «داعش» الإرهابى فى سوريا، من خلال توحيد جهود المملكة العربية السعودية وتركيا مع نظام الرئيس السورى بشار الأسد فى سوريا، لمواجهة التنظيم الإرهابى، وأكد أن مبادرة روسيا هى الأجدر بالتطبيق، بعد فشل التحالف الدولى لمواجهة «داعش»، الذى تقوده الولايات المتحدة.
وقال «لافروف»، فى مؤتمر صحفى بمدينة «أوفا» الروسية: «خطر تنظيم داعش الإرهابى يتوسع أكثر وبات من الضرورى أن تتوحد جهود دول المنطقة، خاصة السعودية، وتركيا مع سوريا، للوقوف فى جهة واحدة»، مؤكداً ضرورة تنحية الخلافات جانباً حتى ولو كان بشكل مؤقت لحين الانتهاء من القضاء على تنظيم «داعش» الإرهابى.
ورداً على سؤال حول إمكانية تطبيق تلك الفكرة واحتمالات توحد دول تعادى نظام «الأسد» جهودها معه فى التصدى لـ«داعش»، أجاب «لافروف»: «عندما التقينا مع وزير الدفاع السعودى محمد بن سلمان، على هامش منتدى بطرسبورج الاقتصادى الأخير قبل عدة أسابيع، تحدثنا معه عن خطر الإرهاب فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتحدث الرئيس الروسى فلاديمير بوتين فى نفس الأمر مع نظيره التركى رجب طيب أردوغان، عندما التقاه مؤخراً، ومن خلال تلك اللقاءات نعرف أنه ليس لدينا أجندات مخفية، ونحن نتعامل بوضوح كامل، ومستعدون دائماً للاستماع للرأى الآخر»، وتابع: «فى هذه المرحلة بالذات، نحن نرى أن هذه المبادرة قيّمة وهى الأجدر بالتطبيق، ودمشق والرئيس السورى بشار الأسد يدعمان تشكيل التحالف المذكور للوقوف فى وجه داعش»، وأضاف: «لقد أبلغتنا دمشق دعمها لاقتراح الرئيس بوتين بتشكيل تحالف يضم السعودية وتركيا والأردن وسوريا، ومن الممكن توسيع هذا التحالف ليضم كل الدول المعنية بالتصدى للإرهاب».
فى سياق متصل، قال مسئول تركى لصحيفة «حرييت» التركية، أمس، إن المسئولين الأتراك اتفقوا خلال لقائهم مع منسق الرئيس الأمريكى الخاص لحرب «داعش» على مزيد من التنسيق وتكثيف جهود التعاون فى مواجهة التنظيم.
وأكد عدد من الخبراء والمحللين السياسيين صعوبة تحقق المبادرة الروسية، وأشاروا إلى إمكانية وجود تعاون محدود فى هذا الاتجاه أو تقارب فى المواقف، ولو بشكل مؤقت إلى حين القضاء على تنظيم «داعش» الإرهابى، خاصة فى ظل تمدده بشكل كبير يكاد يهدد العالم.
وقال الخبير الروسى الدبلوماسى السابق فيتشسلاف ماتوزوف، فى اتصال لـ«الوطن»: «لا أعتقد أن المبادرة الروسية ستنجح فى التوصل إلى تقارب بين هذه الأطراف، إلا إذا قدمت تركيا والمملكة العربية السعودية تنازلات فى بعض شروطها الخاصة بالنظام السورى والمتمثلة فى إسقاطه بالقوة»، وأضاف: «هذه هى الحالة الوحيدة التى يمكن لهذا التحالف ضد داعش أن ينجح، لأن موسكو لن تقبل بإسقاط الأسد بالقوة لأنه بالنسبة لها نظام يعبر عن الإرادة الشعبية السورية ويكون إسقاطه بإرادة الشعب»، وتابع: «من ناحية أخرى، فإن الولايات المتحدة الأمريكية لن تقبل بوجود تحالف حقيقى لإسقاط تنظيم (داعش) الإرهابى، لأن روسيا تعتقد بالأساس أن هذا التنظيم الإرهابى صناعة أمريكية هدفه إسقاط النظام السورى، وبالتالى لا تريد إسقاط هذا التنظيم الإرهابى الآن».
ومن جهته، قال مسئول بلجنة الشئون الخارجية فى مجلس الشورى السعودى، رفض ذكر اسمه، فى اتصال بـ«الوطن»، إن الحديث عن تحالف يضم السعودية إلى جانب نظام الأسد الإجرامى القاتل، حديث عن المستحيل، يستحيل تماماً أن تقف السعودية فى خندق واحد مع الأسد حتى لو كان ذلك فى مواجهة تنظيم داعش، وأضاف: «من الممكن أن تكون هناك إمكانية لتعاون بين تركيا والسعودية وبعض الدول الأخرى، لكن دون نظام بشار الأسد بالتأكيد، وبعد كل ما ارتكب هذا النظام من جرائم فإن موسكو تريد أن تجد له مخرجاً عن طريقنا». وقالت أستاذة العلاقات الدولية الخبيرة فى الشئون الروسية الدكتورة نورهان الشيخ، إن المبادرة الروسية ليست جديدة وهى معروضة على وزير الخارجية السورى وليد المعلم، منذ أن كان فى زيارة إلى موسكو فى الشهر الماضى، لكن نظراً إلى صعوبة تحقيق تلك المبادرة الروسية، فإن «المعلم»، وصفها بأنها ستكون معجزة بوتين الشرق أوسطية، إذا نجح فى تحقيقها بالفعل.
وقال الخبير فى الشئون التركية بمركز «الأهرام» للدراسات السياسية والاستراتيجية محمد عبدالقادر خليل، إن «تركيا لن تكون طرفاً فى هذا التحالف، خاصة أنها منشغلة الآن بعدوها الأول وهو الميليشيات الكردية التى تتقدم إلى جوار حدودها فى سوريا، وهو مسعى نحو دويلة كردية فى هذه المنطقة، وبالتالى فإن أولوية تركيا الآن ليست محاربة تنظيم داعش الإرهابى أو حتى إسقاط نظام بشار الأسد، وإنما مواجهة حماسة الشعب الكردية».