بقلم : عاصم حنفي | الخميس ٩ يوليو ٢٠١٥ -
٥٥:
٠٨ م +02:00 EET
عاصم حنفي
وكما ابتكرت الإنسانية اليوم العالمى للمرأة.. واليوم العالمى للطفل.. ها هى تبتكر اليوم العالمى للشواذ فى 8 يوليو من كل عام.. والعجيب يا أخى أن هذا اليوم يقام تحت رعاية الحكومات والمنظمات الأهلية وجمعيات حقوق الإنسان والأمم المتحدة شخصياً.. وقد صار الشاذ فرخة بكشك عند الجماعة الخواجات.. بدليل تلك المسيرات والكرنفالات الصاخبة تجوب المدن والشوارع.. يستعرض فيها الشواذ شذوذهم ويخرجون لسانهم للمحافظين من أمثالنا الذين ينظرون للشذوذ نظرة استنكار واحتقار!
والنغمة السائدة الآن فى بلاد برة هى الحرية الشخصية والمتعة بأى وسيلة.. وبلا حدود وبلا ضوابط أو أعراف.. وحق الفرد فى ممارسة الجنس مع من يشاء.. سواء كان من نفس الجنس أو مع الجنس الآخر.. وهناك كنائس مخصوصة تسمح بزواج رجل من رجل آخر.. أو زواج المرأة من صديقتها.. بل وتسمح لهم بالحصول على شقة حكومية رخيصة من تلك الشقق المخصصة للعرسان الجدد.. وفوق البيعة تسمح لهم بتبنى الأطفال ليعلموهم الشذوذ على أصوله ومنذ الصغر.. ولا تنس أن الولايات المتحدة بجلالة قدرها وافقت فى الأسبوع الماضى وبعد ممانعة طويلة على زواج الشواذ والاعتراف بهم رسمياً.. وإصدار بطاقات عائلية للرجل وصديقه.. أو للمرأة ورفيقتها!!
مجتمع عجيب غريب.. مجتمع الوفرة والغنى الفاحش.. وقد حصل على كل شىء.. مستوى معيشى مرتفع.. وديمقراطية من النوع الأصلى.. وفلوس ورفاهية وتليفزيون طازة.. وتأمين ضد البطالة والعجز والمرض والشيخوخة.. ومع هذا أصيبت مجتمعاتهم بفيروس من النوع القاتل.. اسمه فيروس التطرف الجنسى.. وهو فيروس لا يصيب سوى المجتمعات الشبعانة التى جربت كل شىء وزهقت من كل شىء.. نوع من البطر يعنى..!
وسبحان مغير الأحوال.. وزمان كان الشاذ جنسياً يتعامل مع المجتمع على استحياء.. يطالب المجتمع بالاعتراف به.. وكانت الحكومات وجمعيات وجماعة حقوق الإنسان والكنيسة تحذر من الشذوذ.. على اعتبار أنه ضار جداً بالصحة.. بدليل مرض الإيدز.. أما الآن وبعد انقراض المرض من بلدان العالم الأول.. واستوطانه دول العالم الثالث.. لم يعد هناك من يحذر من الشذوذ.. وحصل بالتالى شواذ أوروبا على العديد من الحقوق.. ولم يعد المجتمع يعترف بهم فقط.. بل وسمح لهم بالتواجد الفعال فى مقار الشغل والإنتاج.. ولم يكتف، وهناك الآن مقاهٍ وبارات ونوادٍ خاصة بالشواذ.. رجالاً ونساءً، وعلى عينك يا تاجر.. وهم يتفاخرون بالشذوذ.. ويتعجبون من الذين يرفضونه.. والنساء بالذات صوتهن الأعلى.. ومعظمهن بالمناسبة من العاملات بالمهن الشاقة كالمناجم وسائقات القطارات والأتوبيسات.. ويا ويله ويا سواد ليله من يدخل من باب الخطأ إلى إحدى تجمعات الشواذ المغلقة عليهم..!
ولا تنس بالمناسبة أنه لم يعد من حقك وصفهم بالشواذ.. لأن جمعيات حقوق الإنسان عالية الصوت سوف تجرجرك من قفاك لأقرب محكمة.. وسوف تجرسك بجلاجل فى الصحافة والتليفزيون.. اسمهم الآن «المثليون»، وقد حصلوا على اعتراف الحكومات والأمم المتحدة بهم.. على اعتبار أنهم من جماعات الأقليات الذين من حقهم التعبير عن ثقافتهم وسلوكهم الخاص.
على أن مشكلة المشاكل هى إصرار بعض المجتمعات على تجاهلهم.. ولهذا تدخلت الحكومات لصالحهم وتطلب من مشاهير الشواذ الإعلان عن شذوذهم بلا خجل.. خصوصاً الفنانين والسياسيين ولاعبى الكرة.. على أساس أن اعترافهم بالشذوذ كفيل بجذب المترددين والنص نص من أفراد المجتمع..!!
ويا عينى على الحفل الصاخب.. أو «الديفيليه» الذى شهدته شوارع جنيف السويسرية يوم السبت الماضى.. حيث نظمت بلدية جنيف مسيرة ضخمة لشواذها وشواذ البلدان المجاورة.. ضمت عشرات الألوف.. طافت أنحاء جنيف.. ودارت حول بحيرتها المشهورة.. عزفت فيها موسيقاهم الراقصة.. ورفعت خلالها صور باراك أوباما، الذى يسمونه محرر العبيد الجديد.. والذى وافق على الاعتراف بهم فى الولايات المتحدة.. كما رفعت صور لاعب الكرة البرازيلى المعتزل رونالدو، الذى تحلى بالشجاعة فأعلن فى الأسبوع الماضى عن شذوذه الكامن والعميق.
فى المسيرة الضخمة استعرض الشواذ فنونهم الخاصة.. فنون تكبير الصدر وإبراز المؤخرات.. عرضوا بضاعتهم على المارة والمتفرجين من باروكات وكريمات وعرائس وأدوات جنسية.. يبيعونها بأسعار مخفضة وبسعر التكلفة.. لزوم تشجيع المترددين على الانضمام لهم.. ولأنه كان يوماً حاراً فوق العادة.. فقد تكفلت بلدية جنيف بتوزيع الحاجة الساقعة.. ورش المياه المعطرة على المتفرجين فى الشوارع والميادين لزوم التعطر ومواجهة الحر الرهيب.
حاجة غريبة يا أخى.. وقد تعاملت مجتمعات الخواجة مع جميع مشاكل المال والاقتصاد.. لكنها لم تتمكن من التعامل مع مشكلة الإنسان الباحث عن السعادة بلا حدود.. ولا تقل لى إن الشذوذ من فرط السعادة.. هو فى تقديرى حالة من حالات الاكتئاب الحاد.. وهو الاكتئاب الذى يدفع إنسان هذه المجتمعات لإدمان المخدرات أو الخمور.. أو قد يدفع صاحبه إلى الشذوذ أو الانتحار.. وهل عرفت أن الانتحار فى هذه المجتمعات قد سجل الأرقام القياسية على مستوى العالم؟!
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع