بقلم: مجدي جورج
قرات اليوم الاثنين ٢٠١٦/٧/٦ بجريدة القدس العربي ما نقله مراسل الجريدة من سوريا وتحديدا من ريف حمص حيث جاء في مقدمة ما نقله :-
غرفة عمليات تابعة للمعارضة السورية في ريف حمص تنتهي بالتفكك والانحلال عقب الصفقات السرية مع النظام السوري
«جبهة النصرة» و«أحرار الشام» و«فيلق حمص» اتهموا خصومهم بمبايعة تنظيم «الدولة» وصفوهم.
ويمكن متابعة التحقيق كاملا من خلال هذا الرابط
http://www.alquds.co.uk/?p=367924
واذا ركزنا في هذا الخبر ستجد ان هناك اكثر من سبعة عشر مجموعة معارضة مسلحة وهي :-
انصار تنظيم الدولة ، حركة أحرار الشام . كتائب من الجيش الحر ، جبهة النصرة ، اللواء ٣١٣ ، كتائب اتباع خالد بن الوليد ، كتائب اتباع الرسول . فوج الفاتحين ، جبهة الأصالة والتنمبة ، كتيبة ابو اسعد التمر ، كتيبة أحباب رسول الله ، كتيبة شهداء البياضة ، كتيبة شهداء الخالدية ، كتيبة طلاب الشهادة ، كتيبة أحرار الدار الكبيرة ، كتائب الزعيب ، جيش التوحيد .
كل هذه المجموعات تقاتل الجيش السوري من اجل إسقاط الاسد وإقامة دولة عدالة ومساواة ورخاء لكل سكان سوريا، فإذ بهذه المجموعات تتقاتل فيما بينها وتخون ونكفر بعضها البعض مع ملاحظة ان هذا العدد الكبير من المنظمات والجبهات يعمل في مساحة جغرافية صغيرة جداً من سوريا فكل هذا الاقتتال يتم في مجموعة قري تابعة لمدينة حمص فلو قسنا ذلك علي كافة التراب السوري لوجدنا انه ربما هناك مئات او الاف المجموعات التي لاهدف لها الا مصالحها الخاصة والتي تتقاتل فيما بينها ليس من اجل أسقاط الاسد ولكن من اجل مصالح خاصة بها وربما هي فرحي اكثر من غيرها باستمرار هذا الاقتتال مع الاسد ، لانه يحقق لامرائها ولافرداها مصالحهم الخاصة ، فهناك مجموعات تسيطر علي النفط وتعمل علي تهريبه لتركيا وبيعه بأبخس الأسعار بل وبيعه للنظام السوري أيضاً ، وهناك مجموعات وظيفتها تهريب السلع والبضائع ، ومجموعات اخري تتاجر في خطف البشر وهناك مجموعات مسلحة اخري تتاجر بالاسيرات واخري تتاجر بتوريد الجهاديين القادمين لسوريا للمجموعات المسلحة الاخري وهناك مجموعات اخري تختلس فيها القيادات معظم المساعدات خصوصا القطرية وتصعها في حسبانها في البنوك التركية والبنوك الغربية .
فإذا كان حالهم هكذا ايام النضال فكيف سيتحدوا لتكوين حكومة موحدة لو نجحوا في إسقاط الاسد .
واذا كانت ايام النضال والبذل والتضحية لم تستطع ان توحد هؤلاء ؟ فكيف ستوحدهم ايام جني الثمار ؟
واذا كانوا لم يستطيعوا ان يقيموا حكومة واحدة موحدة ايام القتال والهروب في الجبال والأودية فكيف سيقيمونها بعد ان يدخلوا الي المكاتب المكيفة ويشعرون بلذة وحلاوة السلطة ؟
ما يحدث في سوريا هو نموذج مكبر لما حدث في أفغانستان بل اسوا منه، لانه علي الاقل استطاعت الفصائل الأفغانية المعارضة للغرو السوفيتي ان تتوحد ولو مؤقتا ايام قتال السوفيت .
توحدوا سنتهم مع شيعتهم ، تالفوا وتعاضدا بجميع قومياتهم ومجموعاتهم العرقية والإثنية من بشتون لهزارة لطاجيك لاوزبك ، كلهم تعاضدوا وتالفوا لقتال السوفيت وان كانوا قد اختلفوا فيما بعد . الا ان المجموعات والجبهات المعارضة في سوريا الان لا تستطيع التوحد في جبهة واحدة ، ويغلب عليها لون واحد وطائفة واحدة ، فإذا كانوا لا يستطيعون ان يجمعوا كافة طوائف واثنيات السوريين خلفهم الان فكيفوا سيفعلون ذلك في الغد ؟
أين هم الشيعة وأين هم المسيحيين وأين هم الدروز وأين هم العلويين وأين هم الأكراد ؟
فالمجموعات التي تحمل السلاح معظمها ان لم يكن جميعها هي مجموعات سنية ولا يمكن تبرير هذا بالقول ان السنة عانوا من حكم الاسد وأبيه فمعظم السوريين عاشوا نفس الظروف وان قيل ان هناك معاناة فالمعاناة شملت الجميع ولكنها معاناة لا يمكن ان تقاس بمعاناة كل السوريين الان .
وحمل السنة السلاح لا يمكن تبريره بعنف الاسد ، فهذا السلاح حول الثورة من ثورة سلمية يشارك فيها جميع السوريين الي حالة اقتتال طائفي مذهبي بين السنة والعلويين ، وعنف هذه المجموعات السنية ابعد عنها باقي مكونات المجتمع السوري وهو ما نتج عنه بقاء نظام الاسد حتي اليوم .
عنف هذه المجموعات السنية ضد المسيحيين وضد الأكراد وضد الشيعه وضد الدروز جعل كل هذه المجموعات تقول : نار الاسد ولا جنة هؤلاء الارهابيين .
وأخيرا فمع كل فرحتنا في البداية بالثورة علي الاسد الا اننا الان لا نتمني سقوطه إطلاقا لان معني سقوطه هو القضاء علي ما تبقي من سورية ودخولها في حالة احتراب أهلي بين مختلف أطيافها سيستمر ربما لعشرات السنوات المقبلة ولن ينتهي الا بتدخل دولي كما حدث في أفغانستان .
باحث اقتصاد دولي