الأقباط متحدون - عملاقان حلقا فى سماء الكنيسة القبطية باسم ” شنودة ”
أخر تحديث ٠٤:٠٠ | الأحد ٥ يوليو ٢٠١٥ | ٢٨بؤونه ١٧٣١ ش | العدد ٣٦١٢السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

عملاقان حلقا فى سماء الكنيسة القبطية باسم ” شنودة ”

الأنبا شنودة رئيس المتوحدين ، والبابا شنودة الثالث

بقلم ايهاب رشدى
يفصل بينهما ستة عشر قرناً من الزمان ولكن تجمعهما الكثير من الصفات المشتركة ، فكلاهما خرج من صعيد مصر ، وكلاهما راهباً كرس حياته لله ، وكلاهما أحب التعليم ، وكلاهما عُرف باعتزازه بمصريته ، وانفردا أيضاً كلاهما عن غيرهما من قديسى الكنيسة المصرية بهذا الكم من الصفات التى نادراً ما تجتمع فى شخص واحد مثل الروحانية والحكمة والتعليم وحب الوحدة وحب الناس فى ذات الوقت ، وكذلك بتاريخ حافل من الانجازات تظل فى ذاكرة التاريخ إلى منتهى الأيام .

 وشنودة هو إسم قبطى أصيل يعنى " خادم الله " أو " المكرس لله " ، وعن الأنبا شنودة رئيس المتوحدين فقد عاش فى القرن الرابع الميلادى وعرف بالبلاغة والفصاحة ورغم كونه راهباً إلا أنه فتح أبواب أديرته للشعب فكان آلاف الناس يحضرون للصلاة بالدير و ينتهز الانبا شنودة هذه الفرصة ليعلمهم التعليم الصحيح وليخلصهم من الخرافات المسيطرة على عقولهم كالسحر ، والتفاؤل والتشاؤم الذى ارتبط لديهم بأنواع معينة من الطيور  .

كان معتزا بقوميته المصرية ولم يكن يتحدث الا اللغة القبطية المصرية فى لهجتها الصعيدية فى عظاته و كتاباته القوية  ، أيقظ الوعى القومى عند المصريين وجعلهم يدركون ما فى مصريتهم من كرامة . تقول عنه المؤرخة ايريس حبيب المصرى أنه كان زعيماً سياسياً إلى جانب زعامته الروحية وأنه أحب شعبه حباً عميقاً وكرس حياته من أجلهم ، كان جريئا فى الحق  يذهب بنفسه مع المظلوم من المصريين ليترافع عنه شخصياً أمام المحاكم ، فعلمهم بذلك  أن لا يستكينوا للظلم  . لم تعزله رهبنته عن هموم المصريين وحين  أغار الغزاة علي صعيد مصر وسبوا الآلاف من الشعب، قابلهم وأقنعهم أن يأخذوا الغنائم ويتركوا النفوس ثم فتح ديره للمسببين وكانوا بالآلاف ليعيشوا فيه عدة شهور قام خلالها رهبان الدير بخدمتهم .

ومن فرط حب هذه الشخصية العظيمة لمصر ولأبنائها لقبه المؤرخون بأبو المصريين ، ولكن بعد ستة عشرة قرناً ظهر فى مصر شنودة القرن العشرين والقرن الواحد والعشرين البطريرك الـ 117 ،  الذى عشق تراب مصر وهو الذى قال " إن مصر ليست وطناً نعيش فيه بل هى وطن يعيش فينا " ، وهو الوحيد فى بطاركة الاسكندرية الذى لُـقب بـ " بابا العرب " لأنه لم يكن مجرد قائداً روحياً للكنيسة بل وأيضاً زعيماً وطنياً و رمز من رموز مصر فى عصرها الحديث . أحب المسيحيين والمسلمين على السواء وعُرف عنه التسامح وعدم التعصب ، وفى أول لقاء جمعه بالشعب بعد عودته من العزلة بالدير- قال البابا : أننى مستعد ان أبذل حياتى من أجل كل قبطى ومن أجل كل مسلم على أرض مصر . كان البابا شنودة الثالث منفتحاً على جميع اطياف المجتمع المصرى وقد أخذ الكنيسة معه لتنفتح على المجتمع .

وشهدت الكنيسة القبطية فى عصره نهضة غير مسبوقة فى التعليم قادها الانبا شنودة الاسقف ثم البطريرك حيث حرص على مدار عشرات السنوات على أن يعظ اسبوعيا الالاف من الشعب وأسس مجلة " الكرازة"  المعبرة عن أخبار  الكنيسة المصرية ، واهتم بمدارس الأحد وعمل على فتح فروع كثيرة للكليات الاكليركية فى مصر وخارجها ، هذا غير المئات من المقالات الروحية والأدبية المعنية بعلاقة الله والانسان  ، وأكثر من مائة كتاب ترجم معظمها إلى عدة لغات ، فاستحق وبجدارة أن يدعى ذهبى الفم ومعلم الأجيال ، حيث ترك فكراً وأثراً فى وجدان  عدة أجيال تربت على تعاليمه الروحية والأدبية .


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter