الأقباط متحدون - تجديد الخطاب الدينى مهمة عاجلة (3/ 4)
أخر تحديث ١٧:٥٤ | السبت ٤ يوليو ٢٠١٥ | ٢٧بؤونه ١٧٣١ ش | العدد ٣٦١١السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

تجديد الخطاب الدينى مهمة عاجلة (3/ 4)

نهاد أبو القمصان
نهاد أبو القمصان

 دعا شيخ الأزهر عدداً من العلماء للمساعدة فى رأب الصدع الذى أحدثه صعود تيار الإسلام السياسى على السطح، أثمرت الجهود عن وثيقة الأزهر الأولى حول طبيعة الدولة ومنظومة الحريات الأساسية، ووثيقة الأزهر الثانية حول المرأة. رحبت بالوثيقة جميع الجهات المعنية بالمرأة والناشطات فى العمل النسوى، رغم بعض التحفظات، وذلك كخطوة أولى لتنظيف ما قامت به جماعة الإخوان والسلفيون وغيرهم من المتأسلمين من تخريب متعمد لعقول المصريين أفقد الكثير ثقتهم فى إيمانهم وفى الدين نفسه، من أهم التحفظات أن الوثيقة أوردت الكثير من الحقوق للمرأة لكنها لم تكن قاطعة وتركت الباب موارباً يمكن للمتشددين فتحه على مصراعيه، لذا نحتاج إلى مزيد من الجهد والاطلاع على الخبرات الإسلامية العالمية المستنيرة والمدارس الفقهية الحديثة، فمن غير المعقول أن نظل معلقين فى الزمن ونتقدم للأمام مكبلين بالخوف من السابقين، فى وقت كانت اجتهاداتهم متطورة مقارنة بظروفهم لكنها غير مناسبة لعصرنا، فمكانها لا بد أن يكون محفوظاً كتراث وليس أحكاماً حياتية نعيشها ونلتزم بها، وإلا نكون حكمنا على أنفسنا بالوضع فى أقفاص والغرق فى الماضى مثلما يضع الداعشيون المخالفين لهم فى أقفاص وإغراقهم فى البحر.

 
ويمكن استعراض بعض من الوثيقة كنقطة بداية تحتاج جهود العديد من العلماء من الرجال والنساء فى مجالات مختلفة فى العلوم الاجتماعية وليس الدينية فقط وذلك للبناء عليها، من أهم ما جاء فيها:
 
أولاً: يتأسس وضع المرأة فى الإسلام على المساواة مع الرجل، سواء فى مكانتها الإنسانية وعضويتها فى الأمة والمجتمع، أو مسئوليتها العليا فى الاستخلاف على الأرض لإعمارها وتحمل الأمانة التى تتطلب الاختيار والإرادة، والمرأة إنسان كامل الأهلية والمسئولية عن أعماله مثل الرجل كما ينص القرآن الكريم فى قوله تعالى «فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّى لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ» فمبدأ المساواة والمسئولية المشتركة بين الجنسين قررته آيات واضحة بحيث لا يجوز تحجيمها من خلال أحكام جزئية خاصة بسياقات معينة.
 
ثانياً: تمتد هذه المساواة لتشمل ما يتعلق بالنفس والروح والكرامة الإنسانية إلى جانب المشاركة فى المسئولية عن الكون وإعماره لتحدد طبيعة علاقة المرأة بالرجل، بحيث لا يمكن فهم «القوامة» من المنظور الإسلامى الصحيح باعتبارها تمييزاً للرجل على المرأة، بل تعنى فى الأساس «الالتزام المالى نحو الأسرة» بحيث يأخذ الزوج على عاتقه توفير حاجات الزوجة المادية والمعنوية بصورة تشعرها بالطمأنينة والسكن، بما يحقق المسئولية المشتركة بعيداً عن سلطة التصرف المطلقة والهيمنة من قبل الزوج أو الأب تجاه الزوجة والأولاد.
 
ثالثاً: تعتمد مسئولية المرأة الاجتماعية على الثوابت الإسلامية الكبرى فى مرحلة التأسيس، فقد كانت «بيعة النساء» التى حدثت فى صدر الدعوة الإسلامية حجر الزاوية فى بناء الأمة الإسلامية على ما يشبه «العقد الاجتماعى» الذى أعقبته البيعة العامة بين الرسول الكريم وسائر المسلمين، ولم تكن دلالة هذه البيعة دينية فحسب، بل كانت سياسية واجتماعية وثقافية بادرت بها النساء وسبقن الرجال، ومن ثم فإن إطلاق المساواة لتشمل الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية يعتمد على النصوص الصريحة والسوابق التاريخية الموثقة فى الإسلام، وقد أسهم تطور المجالات والأدوار والأنظمة فى تعزيز مكانة المرأة ومشاركتها المتصاعدة والفعالة تراعيها القوانين والتشريعات تحقيقاً للمصالح المرسلة، وأخذاً باجتهاد علماء الأمة فى التفسير والتأويل، وهى عملية تاريخية وثقافية مستمرة، من حق المرأة عندما تأخذ نصيبها الوفير من المعرفة والعلم والتأهيل، بل من واجبها أن تسهم فيها بكل طاقاتها وإمكاناتها.
نقلا عن الوطن

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع