- الإدمان مرض العصر لكثرة الضغوط النفسية وانهيار القيم الدينية والأخلاقية
- "فاضل سليمان": فرض الله الجهاد لندافع به عن الكنائس والمعابد التي يُذكر فيها اسم الله
- الوحدة الوطنية نعم أم لا؟.. كتاب لإيقاظ العقل وتنشيط الضمير
- آه يا بلدي وألف آه
- وقفة احتجاجية بالشموع والشارات السوداء. وأديب: الغضب القبطي يتفاقم
رشوة أم صدقة؟؟
بقلم: ميرفت عياد
مكاتب متهالكة ومتراصة بجانب بعضها البعض في حجرة ضيقة.. وهواء فاسد يعبق المكان من عدم التهوية الجيدة، وكثرة دخان السجائر المختلط برائحة البرفانات الممزوجة برائحة العرق الإنساني، وأرضية من البلاطات الشديدة الاتساخ.. وشبابيك متهالكة.. وفي هذا المكان تجلس سيدات تقبعن خلف المكاتب تمارسن العديد من الأنشطة.. منهن مَن تصنع كوبـًا من الشاي، وأخرى يلتف حولها ثلاث فتيات منكبات فوق كتالوج إحدى شركات مستحضرات التجميل، ويدور النقاش حول مدى جودة تلك المنتجات، وأخرى تتحدث في التليفون ويعلو صوتها بالضحكات و"الأفشات".
وهناك أيضا رجال منهم مَن يقرأ في إحدى الجرائد.. واثنين آخرون يتحدثون عن مشاكل الزوجة والأولاد ومتطلباتهم التي لا تنتهي، وهناك في ركن بعيد يقبع واحد آخر صامتـًا مهمومـًا "يبحلق" في كوب من الشاي؛ كانه يريد أن يستطلع المستقبل من خلاله.. هربـًا من مصير مظلم ينتظره.
فمن المؤكد عزيزى القارئ أنك تعرف تلك الصورة التي نراها جميعـًا في المصالح الحكومية عندما نذهب –مضطرين- لاستخراج بعض الأوراق الرسمية؛ فسلوك هؤلاء الموظفون والموظفات إنما يدل على أن الشعب المصري أصبح لا يدرك أن لكل شيئ تحت السماء وقت.. للراحة وقت، وللعمل وقت، وللترفيه وقت, ولكن امتزجت الأوقات، وتداخلت الأمور بشكل شَوّه كل المعاني والقيم وساعد على انتشار الفساد والرشوة.
ولا أخفيكم سرًا أن هذه الصورة الرتيبة والقاتمة التي تراها فور دخولك إلى تلك المكاتب غالبـًا ما تتبدد فور خروج محفظة نقودك من جيبك، فيهرول إليك الموظفون لتقديم خدماتهم إليك، ويدب في أجسادهم المتراخية النشاط والحركة؛ فيتحركون ذهابـًا وإيابـًا لإنهاء مصالحك باهتمام كبير يفوق اهتمامك، حقا.. فالنقود لها مفعول السحر، تجعل الأوراق الناقصة تكتمل، والامضاءات الكثيرة تتم في أسرع وقت، والأزمنة الطويلة تُختصر، والملفات الضائعة تُوجد.
بل أن النقود جعلت القيم والمسلمات تتغير؛ فأصبحت الرشوة في عُرف الراشي والمرتشي صدقة تُمنح لموظف غلبان من أجل تقديم خدماته للمواطنين، وكأن الدولة لا تعطي لهذا الموظف مرتبـًا ليقوم بعمله، ولعل هذا يقودنا إلى ضعف المرتبات، وارتفاع الأسعار، وكثرة المتطلبات، ومن هنا تأتي أهمية أن تقوم الدولة بصرف مرتبات مجزية لهؤلاء الموظفين ليقوموا بعملهم بضمير، وعدم تعيين أي موظف إلا إذا اقتضت حاجة العمل.
ولكنني أهمس في أذن المجتمع، ألا ترون أننا في حاجة إلى تعديل منظومة قيمنا وأفكارنا ومبادئنا وضمائرنا، والتي تلاشت في ظل غول المادة الذي يسيطر ويهيمن على جميع النفوس؟؟
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :