• أرفض إهانة مصر على شاشات الفضائيات من إداريي ولاعبي كرة القدم
• سيعذبك أمين الشرطة لو عطست بجانبه، فلماذا يسمح عمداء الشرطة بأن يدفعهم إداريو الأجهزة الفنية لفرق كرة القدم وأمام عدسات الفضائيات؟
• الإعلام الرياضي وغيره يعطون دروسًا في الكراهية للشعب
بقلم: د.يحيى الوكيل
قد يبدو أنني أبتعد اليوم عن الخط العام لكتاباتي، إذ أتناول مباراة كرة القدم الفائتة بين ناديي "الأهلي، والإسماعيلي" في بطولة أبطال الدوري الإفريقية، لكن الواقع غير ذلك؛ فأنا لن أتناول أحداث المباراة بالبحث والتحليل أو حتى بالسرد، ولكني مهتم بما حدث بعد المباراة و دلالاته المجتمعية.
فقط أرجو من القارئ أن يصبر ويقرأ المقال لنهايته؛ فالمقال لا يناقش مباراة في كرة القدم.
ما حدث من أفراد الجهاز الفني لنادي "الإسماعيلي" بعد إحراز النادي الأهلي لهدفه الثاني قبل نهاية المباراة بلحظات هو مهزلة بكل المقاييس، لأنه مهما كان الظلم الذي استشعروه فليس في الرياضة الاعتراض على الحكم و إهانته والتهجم عليه، خاصة وأن المباراة بين فريقين مصريين وعلى أرض مصرية.
ألم يُقدّر هؤلاء البلطجية -المحسوبين خطأ على الرياضة المصرية- مدى الضرر الذى ألحقوه بسمعة مصر على كل المستويات بأفعالهم الشنعاء المنقولة على القنوات الفضائية، ومنها العدو المترقب للشماتة؟
ماذا كانوا يتوقعون مما فعلوا؟ أن يسجد لهم الحكم معترفـًا بخطأه؛ فيأمر الجنرال العجوز بـ"مسرور" السياف؛ فإن شاء أطار رقبته وإن شاء عفا عنه؟ وعند العفو طبعـًا على الحكم أن يحتسب الهدف على "النادي الأهلي" وليس لصالحه، وطبعـًا ستكون عيناه مملوءتان بالدموع ندمـًا على الخطيئة التي اقترفها، وطلبـًا للغفران لإراحة روحه التي ستحرمه النوم بقية أيام عمره.
لقد أهانونا على كل المستويات، وحتى الغرامة التي ستُفرض على "النادي الإسماعيلي" فسنسددها من جيوبنا؛ لأن ميزانية هذا النادي مدعمة من الحكومة، ولو تكفل بسدادها رجال أعمال فهم يستردونها عن طريق زيادة أسعار السلع التي نشتريها نحن.
الأغرب من كل ذلك قبول رجال الشرطة لإهانتهم المذاعة على الهواء!! فكلنا رأى إداريو نادي "الإسماعيلي" يدفعون بأيديهم ضباط الشرطة، ومن الرتب العالية، ولا أحد يردعهم عن هذا، بينما لو عطس أي منا بجوار ملازم شرطة لرأى ليالٍ سوداء من التعذيب وأيامـًا أكثر سوادًا، وليست هذه أول مرة أو حتى أسوأها، فهل إداريو كرة القدم ولاعبوها فوق القانون؟!
ويا ليت ما سبق كان كل شيئ، فقد وصلت الأمور لأن يطالب موقع "النادي الإسماعيلي" بإقالة مدير مكتب محافظ الاسماعيلية لأنه من مشجعي "النادي الأهلي"، وهذه سابقة خطيرة وكارثة غير مسبوقة.
أنا أفهم أن يٌقال موظف لقلة الكفاءة أو غيرها من المثالب، أما أن يٌقال على الهوية فهذه مصيبة، والمصيبة الأعظم أن هذه الهوية هي ميوله لتشجيع فريق معين في لعبة رياضية، وليست انتماءًا لدولة معادية، ولا أدري ماذا سنرى بعد ذلك؟؟
فلو سمحنا بذلك فسنرى اليوم الذي يٌتهم فيه المنتمي إلى أي أقلية بالخيانة العظمى لمجرد انتمائه لهذه الأقلية؛ فاليوم تنصب جماهير "الإسماعيلي" المشانق لمشجع للأهلي، وغدًا ينصب الإخوان المسلمون المشانق لكل شيعي أو مسيحي أو مثقف مصري؛ فأي جنون هذا؟
فمَن السبب في كل هذا الجنون؟
يقول "أفلاطون" أن مَن يحكي القصص يحرك الشعوب، وهو ببساطة دور الإعلام اليوم وبكل أطيافه؛ حتى رجال الدين، فمواعظهم على المنابر هي رسالة إعلامية بكل المقاييس.
الإعلام يا سيداتي وسادتي -وبلا مواربة- هو المتهم الأول في هذه المهزلة، وسأسوق لكم الدليل.
بعد المباراة نشر موقع "إسماعيلي أون لاين" مقالة كانت صدمة لي، وبدأت بالعنوان "الاتحاد الدولي يكشف الحقائق: هدف "وائل جمعة" جاء من خطأ تحكيمي فادح"، ومضى المقال بعدها يصف كيف "أكد الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" في تقرير عبر موقعه الرسمي على شبكة الإنترنت أن الهدف الذي سجله "جمعة" -مدافع "النادي الأهلي" في مرمى "الإسماعيلي" جاء من خطأ تحكيمي فادح".
وتابع.. "وقال الموقع الرسمي للاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" في تقرير له بعد انتهاء مباراة "الأهلي والإسماعيلي" في دوري أبطال أفريقيا: إن مباراة "الأهلي والإسماعيلي" توصف "بالدرامية"، خصوصًا بعد الهدف الذي جاء في آخر ثواني المباراة بخطأ تحكيمي كبير للغاية".
وليتهم اكتفوا بذلك.
صَعدّت المقالة المنشورة في موقع "إسماعيلي أون لاين" ما هو منشور على الموقع الرسمي للاتحاد الدولي لكرة القدم، وارتفعت به من "تقرير" إلى "بيان"؛ ثم ادعت أن جاء فيه "أن "جمعة" استطاع قيادة فريقه للفوز في مباراة وصفها الموقع بالصعبة للغاية، خصوصًا لقوة "الإسماعيلي" الذي خسر اللقاء في آخر ثواني المباراة بخطأ تحكيمي واضح".
وواضح أن كاتب المقال لا يعرف الفرق بين البيان والتقرير والمقال، وهذا يدل على انعدام في الحرفية له خطورته.
المقال منشور لمَن يريد التأكد منه على الرابط التالي:أنقر هنا
في كل ما سبق اعتمد كاتب المقال في موقع "الإسماعيلي أون لاين" على أنه لن يراجع أحد ما كتب، لذلك أفرط في الرجوع في كل سطر تقريبـًا إلى ما هو منشور على الموقع الرسمي للاتحاد الدولي لكرة القدم، وذلك ليعطي لما يقول ثقلاً وبه يوْجد سببـًا لتهييج جماهير الكرة المشجعة للنادي "الإسماعيلي"؛ وكيف لا وهناك "اعتراف دولي"!! ومن المنظمة الأهم في اللعبة بالظلم الذي يتصورونه –حقـًا أو غير ذلك- قد حاق بفريقهم؟
وفاته أن هناك مَن لا يصدق كلمة تُكتب إلا أن يراجعها ويراجع مصدرها، كما هو واجب الصحفي الحق.
لقد راجعت ما هو منشور على الموقع الرسمي للاتحاد الدولي لكرة القدم، وهو منشور على الرابط التالي- أنقر هنا:
ولم أجد فيه أي إشارة لخطأ تحكيمي فادح أو قليل، وهو خط لا تحيد عنه "الفيفا" في ألا تنتقد التحكيم أبدًا مهما كانت الأخطاء، إلا إن كان خطأ يستوجب إعادة المباراة؛ كذلك لم أجد فيه أي إشارة إلى "قوة الإسماعيلي"، ولا أدري من أين أتى محرر موقع "إسماعيلي أون لاين" بكل ما حفل به مقاله مما يخالف الحقيقة ويدعي على الموقع الرسمي للاتحاد الدولي لكرة القدم ما لم ينشر؟!
إن ما نراه من تعصب في كل مناحي الحياة مسئول عنه مَن هم أمثال ذلك المحرر، بلغتهم التحريضية وأكاذيبهم التي يلجأون إليها لترويج بضاعتهم واستجلاب أموال الإعلانات والدعم المادي بكل صوره، أو التلميع الأدبي بكل مزايا النفوذ الذي يطمحون إليه.
الشعب بكل طوائفه هو مَن يدفع ثمن هذه اللغة التحريضية، والتي نسمعها من منابر الخطباء يوم الجمعة، كما نقرأها في مقالات "النقاد" الرياضيين، وهي لغة مليئة بكراهية الآخر -مهما كان هذا الآخر- فإن لم يكن من سكان مدينتك فهو "آخر"، وإن كان من نفس المدينة وعلى غير دينك فهو "آخر"، ولو كان أخوك نفسه ولكنه يشجع فريقـًا غير مَن تشجع فهو "آخر".
المهم وجود "آخر" لنكرهه.
هي ليست مجرد مباراة في كرة القدم أو مقالة للتعليق عليها نُشرت في موقع متعصب، بل هي دروس في الكراهية يدرسونها لشعب بأكمله لم يعرف الكراهية حتى تجاه غزاته.
فما تظنون الغرض من تدريس دروس الكراهية تلك؟
لذلك حديث آخر.