حالة عجيبة يمر بها "خالد" لم يعرف لها سبب أنها الليلة التي لا يعرف عددها بدون حلم ؛ بعد أن يأس من ممارسة العد اليومي، باتت الليالي المليئة بالرؤى المبهجة مجرد شيء بين النوم والأرق بلا حلم  ينام ويصحو دون أن يرى ولو طيف، "خالد" ظل طوال سنوات عمره الأولى يرى أحلاما كثيرة متنوعة ومتتالية معظمها وردي وجميل كان يخبر أهله يوميا قبل ذهابه للسرير أنه يجب النوم مبكرا حتى "يحضر" الحلم من أوله ولا يفوته أي لحظة من الحلم مرددا جملة بمنتهى السخرية المريرة في كل مرة قبل النوم: مش كفاية إنه حلم ومش هايتحقق كمان مش ها أشوفه من أوله.
 

تذكر خالد أن شقيقته وابن وعمه وابنة خاله وعدد من شباب العائلة حرصوا على النوم في سريره لمرات عديدة وأجمعوا على أن عليه تأجير السرير؛ فالنوم عليه غريب جدا يأتي سريعا ويأخد من ينام عليه لعالم غريب فوق السحاب عالم مختلف ملىء بالأحلام المختلفة المتنوعة وأن عليه أن يستثمر السرير لتحقيق فائدة مادية كبيرة منه، فهناك الكثير لايعرف جفنه النوم ولا يعرف الحلم مكانا لخياله مجرد كائن يأكل ويشرب ويعمل وينام دون حلم.
 

لا يعرف ما شاهده شباب عائلته حلمه أم حلمهم أو أحلام جيلهم التي يدرك تماما أنها لن تتعدى إلا مجرد أحلام بعيدة المنال مجرد حالة من "التنفيث" تخرجه وأبناء جيله من حالة فقدان كل شئ الحلم ربما يزيد الحمل على القلب والأكتاف لكنه يظل بصيص أمل، ثقب في حائط الحياة يتسرب منه الضوء فينير طريق حالك الظلام ؛ أخبره والده ذات مرة  أنه لا يوجد أي قلق من رؤية الأحلام وكثرتها بشكل يومي ولا أي خوف من تنوعها وألوانها وتكرراها كل ذلك  لا يثير أي خوف أو قلق لكن عليه – الكلام لازال لوالده – أن يشعر بالرعب فور عدم رؤيته لأحلام ، توقف الحلم وإلغاء عرضه أبشع أنواع القتل وقتها سيموت حتى لو أعتبر البعض أن استمراره يمشي ويفكر ويأكل ويشرب واستمرار قلبه في النبض ورئتيه في استقبال الشهيق وطرد الزفير بثمابة استمراره حي.
 

اكتب حلمك بالقلم الرصاص .. لأن الأيام ها تمسحه،  جملة سمعها خالد من بائع أقلام في مترو الأنفاق أثناء عودته للمنزل، الحلم مكتوب فقط بالقلم الرصاص حتى يسهل محيه أو مسحه من الوجود ليصبح مجرد ذكرى، يدرك خالد أنه من الصعب أن تكون الحياة بلا حلم أو أن قوى خارجية كل مسئوليتها في الحياة محو ومسح حلمك وربما سرقته فجأة تجد السنوات مرت ووصلت من العمر أرزله وتم الاستيلاء والسطو على حلمك ، عمليه سرقة متكاملة، ربما تكون سرقة الحلم  الجريمة الوحيدة الكاملة في الحياة الجريمة الوحيدة التي لايحق للمجني عليه عمل محضر في قسم الشرطة للقبض على الجاني.
 

الغريب أن البائع اسمه خالد أيضا وأخرج شهادته الجامعية أمام الجميع، بعدها ابتسم خالد البائع لخالد فاقد الحلم وأكد له الأزمة ليست في محو الحلم المكتوب أصلا بالرصاص الأزمة الأكبر في تحريم وتجريم الحلم وجعله حصريا لطبقة معينة الكارثة ياصديقي أننا الآن نعيش في زمن تشفير الحلم .