الأقباط متحدون - هل نِفسك فى مشروع جديد؟
أخر تحديث ٠١:٤٩ | الاربعاء ٢٤ يونيو ٢٠١٥ | ١٧بؤونه ١٧٣١ ش | العدد ٣٦٠١ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

هل نِفسك فى مشروع جديد؟

علي سالم
علي سالم

ذَكَّرتنى عناوين الصحف منذ يومين بمؤتمر شرم الشيخ الاقتصادى. ذلك المؤتمر الذى تعرض فيه دول العالم كله تقريبا التعاون مع مصر فى كل المجالات التى يتطلبها إنعاش مصر اقتصاديا. كانت لحظات مجيدة، فقد تم توقيع عشرات المشاريع، وشعرت بالخجل وقلت لنفسى مؤنبا: اسمع يا كاتب، أنت قليل الثقة فى موظفى حكومتك ويجب أن تشعر بالخجل من نفسك، فى كل لحظة يتم توقيع مشروع اقتصادى جديد.

ما معنى ذلك؟ معناه أن المسؤولين عملوا ليل نهار فى الشهور السابقة لإعداد الدراسات اللازمة لهذه المشاريع، وأنهم قاموا بغير إعلان أو طنطنة بالاتصال بهذه الشركات والدول والجهات وتفاهموا معها واتفقوا على أن يكون توقيع العقود فى مؤتمر شرم الشيخ.. ما رأيك الآن فى موظفى الحكومة المصرية؟ اتفضل اعتذر لهم وبوس راسهم.

وبعد ثلاثة شهور وتنفيذاً لخطة المتابعة، أحمدك يا رب إن فيه خطة متابعة، اتضح أن هذه المشاريع التى ملأت حياتى وحياة آخرين بالبهجة، 5% فقط منها بدأ فى اتخاذ طريقه للتنفيذ، تاركين مهمة تعطيله لآخرين فى مرحلة قادمة، وأن هناك مشاريع لم تصل حتى للتفاهم مع الجهات التى وُقعت معها. يعنى عجزوا عن التفاهم مع الأطراف الأخرى، ولست أرى أن هذا العجز راجع لهذه الأطراف، إنها مسألة تخصص، يبدو لى أننا نحن فقط مَن يعجز عن التفاهم مع الآخرين ليس لأننا أغبياء لا سمح الله، ولكن لأننا نعشق عدم فهم الآخرين، أو بمعنى أدق نخشى أن يفهمنا الآخرون.

بعد ثلاثة شهور لم تصل جهات كثيرة لوثيقة التفاهم المطلوبة، على ماذا وقَّعوا إذن؟

هل على خطابات نوايا أو رغبات مثل ذلك النوع المطلوب فى مكتب التنسيق، أو ذلك النوع الخاص بالاشتهاء؟ يعنى الخاص برغبات النفس، فتقول أنا نفسى آكل كباب وسلطة طحينة. إذا كان الأمر كذلك، فمن الطبيعى أن نوقع مع الآخرين وثيقة نقول فيها إن الطرف الأول نِفسه يزرع خمسين مليون فدان، وإن الطرف الثانى أقر بأن نِفسه يزرعهم له أو يساعده فى زراعتهم، وتعتبر هذه الوثيقة جزءا لا يتجزأ من العقد الذى سيوقعه الطرفان لما ربنا يسهل أو بحد أقصى عامان بعد ربنا ما يسهل.

لدينا مشكلة مع الزمن، وعلى أطباء النفس المعالجين فى مصر أن يتعاونوا معنا للتعرف على أبعادها وكيفية التعامل معها. نحن واقعون فى عداوة مع الزمن. نريد القضاء عليه، نريد التخلص منه. اترك الموظف لنفسه، كبر أم صغر، سيعمل جاهدا على ضياع الوقت بغير إنجاز. أريد أن تلاحظ تلك الحماسة التى يعمل بها الموظف عندما يتأكد أن عمله لا أهمية له. هل هى عقدة شعور بالذنب عندنا جميعا بسبب الفارق الهائل الذى لا يمكن قياسه بين إنجازنا ومنجزات الأجداد الفراعنة، أو حتى منجزات مصر المملوكية، أو حتى منجزات أسرة محمد على!؟

الثروة الوحيدة على الأرض هى الزمن. إنها العنصر الوحيد الذى نحن فى أشد الحاجة إليه للقيام بكل إنجازاتنا. لا أحد من حقه أن يكون سفيهاً فى إنفاق الوقت.
نقلا عن المصري اليوم


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع