هيئات التمريض تحتاج "لإنعاش"
الدكتور "محمد حسن خليل": هناك احتياج للاحتجاج
إحدى الممرضات: نعاني من النقص الشديد في عدد الممرضين
"سامية جابر": يجب الاستجابة لمطالب قطاع التمريض للخروج من هذه الأزمة
تحقيق: مادلين نادر- خاص الأقباط متحدون
"لقد طال صمتنا.. وبسبب هذا الصمت والخوف المتزايد داخلنا زادت مشاكلنا وساءت أحوالنا المادية والاجتماعية".
هذا هو شعار حركة "صوت التمريض" التي انطلقت مؤخرًا، بعد أن شهد المجتمع المصري في الآونة الأخيرة تصاعدًا شديدًا في وتيرة الاحتجاجات والإضرابات التي تقوم بها هيئات التمريض والعاملون في مختلف مستشفيات الدولة بوزارة الصحة والمستشفيات الجامعية.
فكانت هناك احتجاجات في مستشفيات "الهلال الأحمر"، و"إمبابة العام"، و"المستشفيات الجامعية بجامعتي قناة السويس والمنيا"، وتنوعت أسباب الاحتجاجات بين الاحتجاج بسبب ضعف الأجور وامتناع الكثير من المستشفيات والهيئات عن صرف البدلات المقررة، وعدم المساواة في صرف البدلات في الأماكن المختلفة...الخ.
مشكلات كثيرة وحقوق مهدرة يعاني منها قطاع التمريض في مصر، فما هي مشكلاتهم الأساسية؟ وما الذي جعل الأمور تتفاقم في الفترة الماضية إلى حد لا يمكنهم السكوت عليه؟
للتعرف على مشكلات الممرضين في مصر تحدثنا إلى بعض العاملين والمسؤولين في هيئات التمريض.
"مريم جمال" -ممرضة بإحدى المستشفيات الحكومية بطنطا- تقول: "نحن نعاني من مشكلات كثيرة، لكن أكبر مشكلة تواجهنا في الوقت الحالي هي النقص الشديد في عدد الممرضين والممرضات، خاصة في المستشفيات الحكومية.
فمعاهد التمريض أصبحت تقبل الطلاب ذوي المجاميع المرتفعة، فلم يعد الإقبال على التمريض مثلما كان عليه من قبل، وكل هذا يعني وجود عجز شديد وضغط شديد على الممرضين من الكبار في السن؛ فأصبحت الممرضة في بعض أيام العمل تجلس لمدة تتراوح بين 18و24 ساعة متواصلة داخل المستشفى، ويتم ذلك دون أجر إضافي مقابل ذلك.
وهذا سبب آخر يجعل الشباب والشابات لا يقبلوا على العمل في المستشفيات الحكومية؛ فيبحثون عن مستشفيات خاصة تعطيهم مرتبات جيدة بدلاً من أن يبذلوا جهدًا كبيرًا دون أي مقابل مجزي".
و اتفق معها في الرأي "محمود سالم" -ممرض بمستشفى أبو الريش بالمنيرة- وقال: "بالفعل نحن نعاني في المستشفيات الحكومية من نقض في عدد هيئة التمريض بها، حتى أنه في بعض الأحيان تكون الممرضة الواحدة مسئولة عن رعاية نحو 40 مريضًا في نفس الوقت، في مقابل أن مَن يعمل في أي مستشفى أو جهة خاصة يتقاضى راتبًا يعادل أضعاف راتبنا، ويقوم برعاية 5أو6 مرضى فقط.
هذا بالإضافة إلى أننا لا يتم تدريبنا على أحدث الأجهزة الحديثة بشكل جيد؛ فالدورات التدريبية التي تقيمها المستشفيات الحكومية لممرضيها تكون غير منظمة، وتفتقر إلى الترتيب الجيد لها للاستفادة منها بشكل فعلي، فهي تتم عادة بشكل سوري دون الاهتمام بمدى الاستفادة الحقيقية للعاملين بالمستشفى".
وتساءلت "أم الرزق محمد" -ممرضة بمستشفى جامعة المنوفية- لماذا لا يكون لنا مستشفيات يتم علاجنا فيها؟ وتكون تابعة لنقابة التمريض؟!
حيث قالت: "حتى الآن لا يوجد تحقيق لمطالبنا بشكل جيد؛ فبالرغم من أننا في المنوفية قمنا بإضراب لمدة 26 يومًا متواصلين، إلا أن مطالبنا لم تتحقق، خاصة فيما يتعلق بعلاج الممرضين عند إصابتهم بأمراض تستوجب الحجز والعلاج بالمستشفيات.
فهناك نسبة كبيرة من الممرضات حينما يصابوا بفيروس أو ما شابه، يتم علاجهم في الدرجات الاقتصادية وليست المميزة؛ لأنهم مجرد ممرضين وممرضات!! هذا إلى جانب أن سن المعاش ما يزال 65 عامًا، فكيف يكون ذلك مع المجهود البدني الذي تقوم به الممرضات في هذا العمل؟؟ فمن المفترض أن يكون المعاش لهيئة التمريض في سن 55 سنة بدلاً من 65 عامًا".
حول مشكلات الممرضات تحدثنا إلى "سامية جابر" -نقيبة التمريض بالأسكندرية- فقالت:
"إن التمريض والعاملين فيه على كافة المستويات بالقطاع الحكومي يعانون من عدة مشكلات، لذلك فهناك مطالب لنا يجب الاستجابة إليها للخروج من هذه الأزمة حتى لا يتدهور حال التمريض، مما يؤثر سلبـًا على القطاع الطبي بأكمله.
فنحن نطالب بزيادة بدل العدوى بنسبة من المرتب، وأن تضاف الحوافز بشكل أساسي على المرتب كل شهر، وتكون مماثله للراتب، خاصة وأن قرار وزيرالصحة بزيادة الحوافزإلى 75% لا يطبق سواء في مستشفيات التأمين الصحي أو المؤسسات العلاجية.
بالإضافة إلى أننا نطالب بشدة بحق الممرضين والممرضات في العلاج بدلاً من الاستغناء عنهم في حالة إصابتهم بالأمراض المزمنة.
وأضافت "سامية" نريد أن تكون هناك وجبات غذائية جيدة للممرضات، فالوجبات الآن عبارة عن "رغيف وبيضة أو قطعة حلاوة طحينية"!! كأنهم في سجن، وفي المقابل فإن وجبات الأطباء تكون وجبة غذائية متكاملة.
كما نطالب أيضًا بضرورة توفير حجرات ومرافق خاصة للممرضات في المستشفيات، ونطالب وزارة الصحة وكذلك وزارات التعليم بتطوير المنظومة التعليمية لمعاهد ومدارس التمريض، وكذلك الاهتمام بالتدريبات الدورية للممرضات، بالإضافة إلى التأكيد على أهمية تغيير الصورة النمطية الراسخة في الأذهان عن الممرضة المصرية، وذلك من خلال حملات مشتركة ما بين الممرضات ومؤسسات المجتمع المدني".
كما أوضح الدكتور "محمد حسن خليل" -مسؤول لجنة الحق في الصحة أن العلاج هو تمريض وأطباء، ومن خلال عملي في العناية المركزة كطبيب أعلم جيدًا أن خط الدفاع الأول بالعناية المركزة هو الممرضة؛ لأنها هي التي تتابع حالة المريض، خاصة إذا حدث أي تدهور أو ما شابه، لذلك فإنني أجد أن هناك احتياج للاحتجاج وهذا ما تم بالفعل.
ففي الستة أشهر الماضية خرجت 15 حركة احتجاج من قِبل التمريض في محافظات مصر المختلفة، كما قامت لجنة الدفاع عن الحق في الصحة بوقفة احتجاجية أمام مجلس الشعب في 18 مايو الماضي، وسنظل نطالب بحقوق التمريض والعاملين فيه حتى تتحقق مطالبهم المشروعة بحقوق تم إهدارها من قِبل المجتمع وصانعي القرار تجاه هذه الفئة.