نبيل المقدس
لم يأتي علي بالي في أي وقت , وخصوصا في أيام الهجوم الغادر علي كنائس الصعيد من هؤلاء الملتحين وذوي الجلاليب البيضاء " والبياض منهم براء " طيلة السنوات السابقة أن أميز نفسي مِنْ مصري إلي مسيحي , ومع ذلك لم يأتي لي الجرأة وأحض بعضا من إخوتي المسيحيين , ونطبق ما هو مدون في كتبكم في أية المائدة " وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ۚ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ ۚ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ "سورة المائدة .. لكن توجهنا نحن المسيحيون إلي ما دونه الوحي في سفر متي البشير «سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ وَتُبْغِضُ عَدُوَّكَ. 44وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ، 45لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، فَإِنَّهُ يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى الأَشْرَارِ وَالصَّالِحِينَ، وَيُمْطِرُ عَلَى الأَبْرَارِ وَالظَّالِمِينَ."
كثرة الفتاوي التي تخرج من شيوخ السلفيين , والتي لا يقبلها أغلب المسلمين غير المتشددين .. لكن الخوف من أغلب الأميين الذين يبتلعون هذه الفتاوي بإقتناع آملين بالجنة الموعودة لهم وبما تحويه الجنة من ملذات مادية بحتة وكأن بعد موته يظن أنه سوف يبقي جسد مادي , وهو يجهل تماما أن الله روح بلا حدود , لا يقدر ومن المستحيلات أن بروحه القدوس هذه يقابل جسدا ماديا ملطخا بجميع الخطايا ..
نحزن جدا أن من هذه الفتاوي كما تعودنا وعرفناها وحفظناها . تُحرم إلقاء المسلم التحية للأخر ما لم يبادر الأخر التحية أولا , وعدم تهنئتنا بفرحة أعيادنا التي تمس مناسبات روحية لنا .. حزنت أيضا أن هذه الفتاوي تمنع حب الوطن , ولا تعترف بعلم مصر , أندهش جدا لعدائهم للمرأة ويريدون تغطيتها جسديا وعقليا بوشاح إسود , كما انهم يكفرون الأخرين من ذوي العقائد الأخري, حتي الذين يؤمنون بنفس عقيدتهم طالما لن تتفق في ما يعتقدونه , لأن وحدهم أصحاب الحق من وجهة نظرهم .. وما أدهشني , ان كل يوم جديد تزداد صلاتهم مع مؤسسات الدولة وخصوصا الرئاسية , في غياب الأحزاب الأخري . هم فعلا مُجدين في عملهم ويعملون كل جهدهم في القري .. جميل هذا الجهد , لكن علينا أن نعرف خفايا هذا الإجتهاد ومبرر هذا العمل الجدى .. فهم في الأصل ومعهم النخبة الإرهابية كظهير لهم , مثصممين علي سلب الهوية المصرية , بل ايضا مُقررين تغيير إسم مصر إلي إسم آخر إسلامي , وكأن إسم مصر هو إسم كله كفر وإلحاد. فملعون مَنْ يمحو إسم مصر .. وملعون كل مَنْ يفكر في تغيير هويتنا و الموروثة مِنْ أجدادنا القدماء وملعون كل مَنْ يحاول يثير فتنة بين عنصري الأمة .. فقد مرت مصر عبر 7000 سنة واكثر علي عصور متوالية .. منها عصورا كانت مستقلة , ومنها عصور أخري كانت تحت حكم الإحتلال .. لكنها في وسط هذه الأحداث لم تُغيّر من هويتها .. كما فعلت شعوب أخري كثيرة حيث اكتسبوا لغاتهم وعاداتهم من الدول التي إحتلتها .. ! أما مصر إكتسبت منهم كل شيء حسن , و ألقت بكل شيء سيء , كما أنها لم تعطي لهم الفرصة في أن يغيروا ثوبها المصري العريق.
الآن وبعد وضوح الرؤية في عدم الشفافية من الرئاسة عن مكانة هذه الجماعات السلفية في التكوين المجتمع المصري , وها نحن علي ابواب إنتخابات النواب علي مستوي جميع الدوائر بمصر ولم تحسم الحكومة إن كان للأحزاب الدينية الحق في دخول الإنتخابات أو من عدمه .. ؟؟ وهل هي ملتزمة بتطبيق مواد الدستور الذي ينص علي إلغاء جميع الأحزاب والحركات والتشكيلات التي تتخذ الديانة ظهيرا لها ؟؟ واضح إن الإجابة بالنفي , وما يؤسفني أن المؤسسة الرئاسية والمؤسسة التنفيذية " الحكومة" لم يقدرا أن يتخذا أي خطوة نحو هذه الأحزاب الدينية وذيولها بقبولهم أو عدمه في المجلس النيابي الآتي متجاهلين الدستور تماما .. وطالما أنهما لم يصلا إلي مواجهتهما لأمور لا يعلمها الشعب .. فهذا يشير أن هذه الأحزاب باقية بقوة تجاهل الرئاسة والحكومة . والسماح في وجود فصيل مختلف سياسيا ودينيا وهوية .. إذاً فنحن أقباط مصر نضطر آسفين الا نشارك في عملية الإنتخابات .. فنحن اقباط مصر نرفض رفضا تاما المشاركة في إنتخابات المجلس النيابي وفيه من السلفيين ومن ورائهم جماعة الإخوان الإرهابية للصف الثالث من وراء الستار ... صحيح كمسيحيين نغفر لهم .. لكن علي الأقل لا وجود لقبولهم معنا في إتخاذ اي قرار .. اكيد سوف نختلف كثيرا معهم لأنهم مجردون من الوطنية المصرية .
نحن كأقباط مصر ليس عندنا الإستعداد أن نكون مساهمين في إنهيار مصر الغالية . لذا أقول للسيد الرئيس أن الأقباط علي شفا رفع اياديهم عن تأييدك لهم بتركهم يفعلون كل امر مخالف للطبيعة المصرية , كما ان معالجة امور الأقباط لم تتغير في اسلوبها منذ عشرات السنوات .. فقد كنا نأمل أن تنشر العدل بالقانون , فما زالت الجلسات العرفية باقية , والتعينات في الوظائف لغير دين الدولة قليلة و سائدة , بالإضافة علي الخطاب الديني الذي يحض علي الكراهية بمشاركة شيوخ السلفيين وإخوتهم الذين يختفون ورائهم . كما انى لا انسي أن أغلب السلفيين بقياداتهم كانوا من ضمن التجمعات التي إحتشدت بل وإستقروا في ميدان رابعة وميدان النهضة مساندةَ وتقويةَ للجماعات الإرهابية ... ولا ننسي ان كل الأعمال الإرهابية التي تحدث الأن يشتركون فيها .
لذلك نطالب الأحزاب الدينية أن تنشر مبادئها علنا في الصحف الرسمية , وإعلانا او بيانا حول موقفهم من مسيحيي مصر ومن هوية مصر .. لكي تنكشف وجوههم المستترة وراء ماسكات وأقنعة التقية التي يتقنونها . ولكي يكون كتاب شاهد علي اقوالهم تحت حُرمة قبة البرلمـــــــــان ..!! ونستطيع أن نحاسبهم في جميع الأمور لو حادوا عنها , ومنها أي محاولة في سلب إرادة وهوية القبطي المسيحي والمسلم معا. وفي نفس الوقت أطالب النخب السياسية ومراكز حقوق الأقباط , وموقع الأقباط المتحدون عمل منتديات تدعوا فيها قيادات الأحزاب الدينية لكي نتعرف علي ما في دواخلهم .. كما أدعو كل القنوات المصرية القيام بإستقبال هؤلاء في برامجهم لكي نتعرف علي مبادئهم علنا وأمام الجمهور ...!!! وهذا ليس عيب .. العيب أننا ندفس وجوهنا في الرمال تجنبا من رصاصة الصياد.
لك السلامة يا مصر من هؤلاء الذئاب الذين يريدون خطفك من أبنائك ويأتون بكِ إلي عصور ما قبل عصور النهضة , لكي يمحوا تاريح نهضتك من التاريخ .. ونحن كأقباط مصر فداكي , و نقسم لكِ أن كل مَنْ يريد نزع هويتك المصرية , سوف نقيم عليه الأكام والتلال .. فمصر صاحبة العلم والتاريخ والفلك والطب والزراعة وغيرها من أمور الحياة .. والتي إنتقلت شرقا وغربا . وسوف تصير من أهل البلدان أهمية بعد الإنتهاء من عملية مشروع قناة السويس الجديدة.
تعيشي يا مصـــــــــر مرفوعة الرأس بين الأمم المتحضرة فأنتِ مصدر إشعاع النهضة والتقدم والعلم والحضارة.... وأخيــــــــــرا فأبناؤ مصر كانوا أول من عرفوا الخالق بدون رسل بل بوجود الله في قلوبهم .. وإنتظرتم إلي ان جاءهم وحي الله بطرق مختلفة!