وصلتنى رسالة من الأستاذ عاطف خليل، أمين عام مركز الكلى والمسالك البولية بجامعة المنصورة سابقا، خبير إدارة المستشفيات، تعليقاً على المقال الذى استعرضت فيه تجربة د. هاشم فؤاد، رحمه الله، والتى كانت خارج الصندوق فعلاً عندما استطاع توفير أكياس الدم لمستشفى قصر العينى بفرض تبرع قريب من أقارب المريض بكيس دم للمستشفى، سواء كان المريض محتاجاً أم غير محتاج، الرسالة تتناول تجربة أخرى مميزة وهى تجربة د. محمد غنيم، هذا العبقرى المصرى الذى كانت أفكاره أيضاً خارج صندوق الروتين المصرى المحنط، يعاتبنى كاتب الرسالة على عدم تسليط الضوء على تجربة المنصورة الرائدة، وأنا أقدم اعتذارى ممثلاً فى رسالتك التى تشرح كيف تغلب د. غنيم على مشكلة نقص مخزون الدم، تقول الرسالة:
طالعت مقالكم تحت عنوان «كيف حل د. هاشم فؤاد مشكلة التبرع بالدم؟»، ومع احترامى الشديد لشخصكم الذى يحارب دوماً التخلف والجهل من خلال كتاباتكم المســــتنيرة التى تتمشى مع تيارات التجديد العالمية وتقاوم بعناد تاريخى كل صور التخلف العلمى والآراء والتيارات الدينية المتشددة، والتى لا تنظــــــر إلى المستقبل ولا ترى سوى الماضى كمرجعية أساسية لها. فإننى أعتب عليكم فى رسـالتى هذه وأقول:
أولاً: لا أحد ينكر الفكر العبقرى للمرحوم د. هاشم فؤاد فى إدارته العلمية لمستشفى قصــــر العينى بالقاهرة، وقد لمست ذلك بنفسى وتحققت منه وقت دراستى إدارة المستشـفيات بالجامعة الأمريكية بالقاهرة.
ثانياً: أتساءل لماذا تحصر اهتمامك فى مستشفيات قصــر العينى بالقاهرة كنموذج للتطـــور والتحديث، دون غيرها من النماذج
الأخــــــرى الإقليمية جغرافياً والعالمية علمياً وعملياً، والتى قد تفوق وتسبق مستشفيات قصر العينى بمراحل عديدة؟ ولست أدرى هل هذا نوع من التحزب لزملاء الدراسة والمهنة فى قصر العينى أم أنك تسوق هذا النموذج كمثال؟
ثالثاُ: ما أود أن أطرحه فى مشكلة نقص الدم ببنوك الدم فى المستشفيات هو الأسلوب الذى اتبعه العالم الكبيــر أ. د. محمد غنيم فى مركز الكلى والمسالك البولية بجامعة المنصورة، والذى يعد أول وأكبر صرح طبــى علمى وبحثى وعلاجى فى مصر والشرق الأوسط فى مجال جراحة وزراعة الكلى وجراحات سرطانات المسالك البولية، وشهد له بذلك العديد من العلماء والإعلاميين منذ افتتاحه فى بداية ثمانينيات القرن الماضى ووصفوه بأنه نقلة حضارية نقلت مصر إلى آفاق القرن الواحد والعشرين، وهو ما ينسب لهذا الرجـل الجليل الذى أوقف عمره على إنشاء وتطوير وتحديث هذا الصرح الضخم بفكر واعٍ مستنير، أو كما يقال انتقل به إلى مرحلة الحداثة العالمية فى فترة مبكرة.
وقد عالج د. غنيم هذه المشكلة التى أثرتموها بقرارات صادقة سابقة على قرارات قصر العينى بالقاهرة، تمثلت فى الآتى:
(1) تزويد بنك الدم بالمركز بثلاجات حفظ الدم وأجهزة فحص الدم ذات التكنولوجيا العالمية والعدد الملائم من الأطباء والفنيين المدربين والمؤهلين تأهيلاً علمياً عالمياً يعملون طوال الـ24 ساعة يوميا.
(2) عدم قبول أى أكياس دم يحضرها المريض أو يشتريها من أى مكان.
(3) وفقاً لنظام دخول المرضى بالمركز فإن كل مريض يحمل بطاقة يحددها تاريخ دخوله لإجراء الجراحة، ومدون بها ضرورة إحضار مجموعة من أهله وأقاربه أو أصدقائه لاختبار حالاتهم الصحية واختيار ثلاثة منهم للتبرع بالدم بغض النظر عن فصائلهم أو مدى حاجة المريض للدم من عدمها.
(4) دعوة جميع العاملين بالمركز للتبرع بالدم (كل خمسة أو ستة أشهر) على اختلاف فئاتهم، أطباء وفنيين وإداريين... إلخ، بغض النظر أيضاً عن فصائلهم.
(5) إعداد سجل بأسماء جميع العاملين بالمركز وعناوينهم وفصيلة دم كل منهم لاستدعاء من يتم احتياجه منهم فى حالات الطوارئ حال عدم توفر كميات من دم فصيلة نادرة.
وأخيراً.. أرجو ألا أكون قد أطلت عليكم ولكن لزم التوضيح والتنويه فقط، مع أطيب دعائى وتمنياتى لكم بموصول التوفيق، وتقبلوا وافر تحياتى.
نقلا عن المصري اليوم