الأقباط متحدون - ابدأ رمضان بكتاب «محمد رسول الحرية»
أخر تحديث ١٨:٤٥ | الخميس ١٨ يونيو ٢٠١٥ | ١١بؤونه ١٧٣١ ش | العدد ٣٥٩٥ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

ابدأ رمضان بكتاب «محمد رسول الحرية»

خالد منتصر
خالد منتصر

 أنصحكم بقراءة هذا الكتاب فى رمضان، الكتاب الوحيد الذى اتفق العملاقان العقاد وطه حسين على الإشادة به، وهو كتاب «محمد رسول الحرية» للراحل الباقى عبدالرحمن الشرقاوى، والمدهش أن أكثر كتاب تحدث عن النبى وتلقى هجوماً من بعض المشايخ وقتها كان نفس الكتاب، قادوا حملة شعواء ضده وصلت أصداؤها إلى الرئيس عبدالناصر شخصياً والذى سأل الشيخ شلتوت وقتها عنه فأبدى إعجابه به، فصرح عبدالناصر بتداوله وأفرج عنه، هذا التناقض هو ما يجعلنا نعيد السؤال الخالد: «لماذا نهاجم ونغتال ونجهض كل عمل أدبى وفنى يتحدث عن الرسول محمد، يبدعه مسلم موهوب، بأيدينا وبمنتهى الحماس وكأننا نعشق تشويه أنفسنا»؟!!، نفعل ذلك بالرغم من أن هذه الأعمال الأدبية والفنية هى الوسيلة الوحيدة لتعريف العالم ومن قبله تعريفنا نحن بمن هو الرسول محمد، عليه الصلاة والسلام، وإذا كان هناك تشويه من البعض هناك فلنفعل نحن ما يجب علينا من تقديم الحقيقة ولكن بالأسلوب الذى يعرفونه هم هناك ويؤثر وينفذ إلى القلوب.

 
أكاد أجزم بأن أفضل ما كُتب عن سيدنا محمد هو ما خطته أقلام الأدباء وليس رجال الدين، ما كتبه العقاد وطه حسين وهيكل وتوفيق الحكيم وأحمد أمين، وأفضل زاوية وأهمها من وجهة نظرى تناولت نبينا الكريم هى الزاوية التى تناولها والتقطها عبدالرحمن الشرقاوى، الرسول الإنسان، محمد البشر، كان المنطلق هو «إنما أنا بشر مثلكم»، وهذا هو سر كراهية بعض رجال الدين وقتها للكتاب، هم يريدون حبس الرسول فى خانة المعجزات، ويرون أن هذا هو قمة التقديم لشخصه العظيم، وجاء الشرقاوى لينظر من زاوية أخرى وهى أن معجزته تكمن فيه كإنسان، تتلخص فى بشريته وتعامله مع الناس والمتغيرات كبشر، جدال الصحابة معه وسؤالهم إياه «أهو الرأى أم الوحى» هى تلك البشرية والإنسانية التى يجب التأكيد عليها، سماح النبى بهذا الجدل الصحى واختلاف الرؤى التقدمى هو قمة الروعة والجمال، تعامله مع الفقراء بكل الحب ورغبته فى تحررهم ومساواتهم بوجهاء القوم، يختار منهم من يقود الجيوش ويتقدم الصفوف ويتولى الإمارة دون أن يفكر هل كان هذا عبداً أو ذاك فقيراً، تعامله مع المرأة والطفل بمنتهى البشرية والإنسانية بشكل استفز أحياناً المتزمتين الذين يحملون بداوة الأعراب، والذين كانوا يندهشون من تباسطه وسماحته مع المرأة ومداعبته للأطفال، قوله «أنتم أعلم بشؤون دنياكم» فى حادث تأبير النخل، لم يستخدم حينها فزاعة كيف لا تستمعون إلى نصيحتى بعدم التأبير فأنا النبى وأنتم مجرد رعايا عليكم عدم المناقشة والتعليق!
 
كتب الشرقاوى مقدمة تنضح بالمرارة من هجوم الشيوخ عليه وقتها وهو يكتب فصول هذا الكتاب فى جريدة المساء هادفاً إلى تعريف الرسول للمسلمين وغير المسلمين أيضاً، نقتبس منها ما يفتح شهيتكم للقراءة والمتابعة وسط ركام المسلسلات الرمضانية، يقول الشرقاوى: «لكننا حين نناقش من لا يؤمن بالجانب الدينى يتحتم علينا أن نناقشه بمنطقه، لا بمسلماتنا وعقائدنا، إنهم يناقشون الرجل والتعاليم فلا يجب أن نتحدث عن شىء آخر، لا يجب أن نواجههم بالنبى حين يتحدثون عن الرجل!، فلنواجههم بالرجل، وإن فى حياته لثروة لا تنفد من الرحمة والحب والحكمة والبساطة والقدرة الخارقة على التنظيم والإبداع وكسب القلوب، أكنا نخاف من الحديث عن الرجل لأن فى مجتمعاتنا كثيراً من الذين لا تروق لهم الحياة إلا إذا نصبوا فيها الفخاخ، أكنا نتهيب الذين يؤذيهم أن يجتهد الناس ليعالجوا فتح أبواب جديدة إلى المعرفة، أكنا نخشى من الاتهام بالكفر والخروج على الدين وعدم الاعتراف بالنبوة؟ ولكن من هو هذا الذى يملك أن يفتش فى قلب إنسان ليناقش معتقداته وإيمانه؟!».
 
جاء كلام الشرقاوى على الجرح وكأنه يتحدث فى 2015 وليس فى 1962، فعلاً محمد الإنسان هو الزاوية الجديدة التى يجب تقديمها للجميع شرقاً وغرباً، ولذلك أنادى بترجمة كتاب «محمد رسول الحرية» إلى اللغة الإنجليزية وإعادة طباعة الكتاب الأصلى وتوفيره فى كل المكتبات المدرسية وأيضاً فى المكتبات العامة وبيع طبعة شعبية بسعر زهيد، إنه كتاب عظيم نحتاجه الآن فى هذا الوقت العصيب، نحتاجه بلغته الأدبية الرفيعة وأفكاره التقدمية المستنيرة ووجهة نظره الطازجة الجديدة، نحتاج إلى أن نتعرف على النبى محمد وكأننا نكاد نلمسه ونجلس معه ونستمع إلى ضحكاته، وننصت إلى حديثه، ونتجول فى صحبته فى دروب مكة وشعابها، هناك كتب كثيرة تخيلت أنها تقربه منا بحديثها عن المعجزات وهى فى الحقيقة أبعدتنا عن حقيقته العظيمة التى تكمن فى إنسانيته وبشريته.
نقلا عن المصرى اليوم 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع