ماجد سوس
لا شك ان الموقف الذي قام به البعض من التظاهر داخل الكنيسة و الصياح في وجه قداسة البابا تواضروس هو امر مرفوض بلا جدال فببيتك تليق القداسة .
على ان هناك خلطا في الأمور علينا ان نعيه جيدا و ان نتمسك به و لا نرخيه و هو أن هناك ثوابت لا نقترب إليها و الذي لا يختلف عليه اثنين كمبدأ الزوجة الواحدة و مبدأ انه لا طلاق الإ لعلة الزنا
على أنه يجب علينا ان نفرق هنا بين الطلاق و التطليق فالأخير تقوم به المحكمة اذا شاب عقد الزوجية عيب او بطلان يستلزم فك الرابطة الزوجية و لا شأن للكنيسة بالتطليق ، و ان كانت تشترك مع القانونيين في وضع أسبابا للتطليق لتصدر بها الدولة قانونا ينظمها ، و لكن شأنها بالزواج الثاني فالكنيسة لا تطلق لكنها تزوج .
في البداية ليكن لدى القاريء رؤية واضحة أننا لا ننادي مطلقا ان نضيف او نزيد او ننقص من مبدأ المسيح له المجد الذي وضعه في السباب الطلاق و لكن علينا ان نضع نصب أعيننا اننا امام مشكلة ضخمة حقيقية و ان هناك أسر تنهار و تتفكك و علينا ان نواجهها بكل جرأة في ضوء الحق الكتابي الجلي الموضوع امام عيوننا مع الأخذ بالفهم المتناغم للنصوص الكتابية فلا نأخذ منها ما يحلو لنا و نترك الاخر و في ضوء السلطان الممنوح للكنيسة لتحل ما ربط على الارض اذا رأت خلاص الناس و في ضوء وصية الرب يسوع اذا اتفق اثنين او ثلاثة - في حالتنا الكنيسة - علي طلبة تكون لهم من قبل الاب السماوي وكلها تتناغم فينظر اليها في آن واحد والا صرنا كشخص يفتح الكتاب عشوائيا لينفذ الوصية فوجد "..ذهب و شنق نفسه" .. .
فتمسكنا بتشريع الطلاق الواضح الذي أعلنه السيد المسيح من انه لا طلاق الا لعلة الزنا يجب ان يفسر في ضوء تعريف المسيح لماهية الزنا حين قال ان كل من نظر الى إمرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه
فعلينا اذا ان نتفق ان احد أسباب الطلاق هو انحراف الطرف الاخر و بالطبع لا اقصد مجرد النظر و لكني اقصد الزوج الذي يجري وراء الأخريات او يضغط على الزوجة بكافة الطرق ليتخلص منها ليتزوج بأخرى أو لينحرف فإن لم تستطع الزوجة إثبات الزنا فهناك نطبق الزنا الحكمي الذي يعامل معاملة الزنا الفعلي
نعود لفكرة التطليق يا اخوتي و التي لا تتعارض - كما يظن البعض - مع مبدأ الطلاق في المسيحية فالتطليق يكون بقوة القانون و بحكم قضائي و هو اما ان يعود للبطلان المطلق التي تحكم فيه المحكمة من تلقاء نفسها او البطلان النسبي الذي يتمسك به احد الزوجين اذا كسر احدهم بنود عقد الزواج المبرم بينهما .
و هنا يتبادر الى الذهن تساؤل يغيب عن الكثيرين و هي الحالة التي آشار إليها السيد المسيح حينما قال من طلق إمرأته إلا لعلة الزنا فقد جعلها تزني ، إذا هناك حال اشار لها الرب و هي ان يقوم طرف واحد بكسر الوصية فنجد أنفسنا امام ضحية مسكينة يجب ان ننظر اليها بعين التحنن و الشفقة و من منظور كسر الاخر لعهد و رباط الزوجية الذي يستوجب معه فك الرباط الزوجي بحكم قضائي و قرار كنسي يستلزم مع على الكنيسة ان تسمح للطرف المغبون بالزواج الثاني و تباركه .
في تشنج البعض لا تجد من يأخذ هذه الحالة بعين الاعتبار فالكل ينظر للمطلِق - بكسر اللام - و لا احد ينظر للمطلٓق - بفتح اللام - وهو ما أسميناه بالضحية
و اتعجب ممن يصرخ في وجه الضحية دفاعا مقدسا عن حرفية الوصية كمن يستكتر على مريض أن يشفى لأنه سبت فيتسرع بالادانة للضحية و يتهمها بضعف الإيمان لأنها لا تقبل صليبها بشكر و صبر بل و هناك من يصرخ في وجهها قائلا لماذا لا تكوني كالقديسة فلانة او علانه التي إحتملت التجربة و المتكلم الديان يتصور ان صاحب التجربة عليه ان يكون من القامات الروحية التي يمكنها ان تحتمل العيش في مرار و يأس دون ان تصرخ لمن ينتشلها من الغرق
قبل كتابة هذه المقالة جاءتني مكالمة من طبيب ناجح قال لي ان زوجته طلقته مدنيا و تركت البيت و رفعت قضايا لتأخذ أمواله و تتصل به يوميا لتسبه ، قال لي أليست زوجتي من طلقتني و كسرت وصية المسيح و قد فعلت نفس الموقف الذي تكلم عنه المسيح من طلق بغير علة الزنا ، أفليست هي التي حلّت نفسها من الرباط الزوجي ، أليست هي التي أخلت بشروط العقد المبرم و الموقع بيننا يوم زفافنا !
على اننا ايضا حتى في موضوع تعريف الزاني والذي نعاقبه بعدم الزواج الثاني يجب ان نعرف و نحدد ، هل المسيح قال انه لا يتزوج مره اخرى كعقوبة له فنجعله يتخذ من الزنا طريقا لهلاكه ، ام انه أعطى رخصة للطرف ان ينحل من الرباط المقدس و علينا ان نعرف و نحدد أيضا ما إذا كان يسوع حينما تحدث عن الزاني او الزانية كان يقصد غير التائبين منهم المتمسكين بالعيش في الزنا و هو ما أميل إليه لأننا إن كنّا نعلم شبابنا ان التوبة تحول الزاني الى بتول و ان الكتاب يقول على لسان الله الغافر خطاياكم لا اعود و اذكرها فكيف نذكرها له او نقول له ان روحك تخلص بالتوبة لكن سنبقيك بلا زواج عقابا لك !! و ماذا عن قول بولس الروح ان التزوج أفضل من التحرق !!
أليس الزواج بالأسقفية او المذبح يحتاج نفس الطهارة او بمعنى صريح لو ان هناك زاني و تاب عن زناه و تقدم للكهنوت أو الأسقفية فهل نرسمه ام لا .. !! لقد كان اغسطينوس زانيا و لم تكتفِ الكنيسة برسامته كاهنا فحسب بل أيضا أسقفا بل و وضعته قديسا و أطلقت عليه قديس التائبين .
فلنترفق بالخطاه و الضعفاء و البائسين المتعبين لئلا يعطينا الله نفس التجربة في اولادنا و بناتنا فنقول ألعلنا نجد الرحمة على الارض كرحمة السماء.
هناك يا احبائي حالات كثيرة جداً لأزواج يضربون زوجاتهم ثم يفترقون عنهم أو ينفرون منهم و يتركونهم بلا سبب إعالة لسنوات كثيرة أفليس هذا كسر للرباط الزوجي المقدس يستوجب التطليق و يستوجب معه التصريح للضحية بالزواج الثاني
هل تعلمون ان حالات الإنفصال بالإرادة المنفردة و بالطلاق المدني قد ازداد جداً و لا ارغب في وضع نسب بعينها أمامكم حتى لا تصابون بالذهول و الذي يترتب عليها هلاك أولادنا في براثين الجنس و المخدرات و الإلحاد.
على الكنيسة بمجمعها و كل كهنتها و خدامها ان ينظروا الى شعبهم بعين التحنن و الرأفة واضعين نصب اعينهم خلاص الشعب و سلامه الاجتماعي ، مرتكزين على مراحم الرب و محبته للبشر و على سلطان الحل و الربط الممنوح لهم بالروح القدس حتى لا تتسبب دون قصد لإنحراف البعض او لتركهم المسيح و الكنيسة فتكون العثرة أشد ضررا من التمسك بآية و عدم فهمها في ضوء رسالة المسيح كلها