الأقباط متحدون - عبد الله كمال.. كاتب لم يتلون في عصر تلون الحرباء
أخر تحديث ٠٤:٥٢ | السبت ١٣ يونيو ٢٠١٥ | ٦بؤونه ١٧٣١ ش | العدد ٣٥٩٠ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

عبد الله كمال.. كاتب لم يتلون في عصر "تلون الحرباء"

عبد الله كمال
عبد الله كمال

كتبت – أماني موسى
في منتصف يونيو لعام 2014 رحل عن عالمنا الكاتب "عبد الله كمال" إثر إصابته بجلطة في القلب عن عمر يناهز 49 عامًا، رحل مخلفًا ورائه رصيد من الأعمال والكتابات، وزوجة وطفلتين، وبعد مرور عام على رحيله نرصد في بروفايل من هو عبد الله كمال الإنسان والكاتب والسياسي.. الذي ربما تختلف مع آرائه السياسية أو ربما تتفق لكنك بالنهاية لا تملك إلا أن تحترمه.

عبدالله كمال كان يلقبه البعض برجل دولة مبارك، ولكن المثير للاحترام والتقدير هو أن ذلك الرجل لم يتلون أو ينتقل من مكانه لمكان آخر إبان ثورة يناير 2011 التي أطاحت بنظام مبارك، ولم يفعل مثلما فعل كثر من رجال دولة مبارك، الذين تباروا في انتهاك الرجل وأسرته وأنه كان فاسدًا وكأنه فسد وحده دون شركاء وممولين ومتسترين ومهللين وإعلاميين وساسة يظللون على سقطاته وإخفاقاته بالحكم.

لم يثنه أو يرهبه يومًا المعارضين والمهددين ولم يتوقف عن الكتابة إلا حين توقف قلبه عن النبض بمستشفى كليوباترا في يوم 13 يونيو 2014.

لم يغير يومًا ما أعتنقه من مبادئ وأفكار، فبينما يتبارى جميع الكتاب في الهجوم على مبارك والتغزل بثورة يناير والثوار الأطهار الأشراف، وقف كمال وحده يسبح عكس التيار، يقف في وجه ثورة يناير في لج فورانها الغاضب، وبينما خنع الجموع للريح مطأطأ الرأس، وقف هو ثابتًا لم يتزحزح عن أرائه في زمن يغير فيه الساسة آرائهم بين ليلة وضحاها تماشيًا مع التيار العام.

وكان من دواعي الأسف والحزن هو شماتة البعض في موته وكأنه غضب السماء على عدم مباركته لثورة يناير الميمونة، لتجد "الشباب الثوار الأطهار" يروّجون عباراتهم الشامتة هنا وهناك فرحًا بموته ويمنعون في عبارات الشماتة والغيظ لزوجته وبناته!!

وعلى الجانب الآخر نعته صحفًا مصرية عديدة، وصحف عربية أيضًا طالبين الله أن يتغمده بواسع رحمته.

زوجته تنعيه وتكشف تفاصيل لحظاته الأخيرة
وقد نعته زوجته وحبيبة عمره السيدة ريهام حداد، واصفة كيف كان عبد الله كمال الإنسان، رقيقًا، مهذبًا، خلوقًا، حمولاً، كتومًا، وأبًا وزوجًا حاني رائعًا، وقالت كما جاء بجريدة "دوت مصر" التي أسسها كمال قبيل وفاته، أنه صبيحة يوم الجمعة الذي وافته المنية فيه، كانت تشعر بالإرهاق والتعب وأن قلبها يؤرقها.

فسألها كمال، وأجابته: "حاسة أن روحي هتطلع عندي هبوط شديد وقلبي واجعني".

عبد الله: خلاص تعالي البيت ارتاحي وبعدين نخرج.

ريهام: أوك نص ساعة ونخلص.

وبعد نصف ساعة، اتصل بها ولم تكن تعلم أنها المرة الأخيرة التي تسمع فيها صوته، وأخبرته أنه ستكون عنده بعد خمس دقائق، وأكد لها أنه بانتظارها هي والبنات بالمنزل.

وتستطرد: "وصلنا وعند مدخل العمارة شممنا رائحة عطره المُفضل بكثافة، فظننا أنه ذهب للكتابة ولم ينتظرنا، ولكن عندما صعدنا للشقة وجدناه ينتظرنا على كرسي قرب الباب.. واضعًا قربه موبايلاته وحقيبته وأدوات كتابته.. كان نائمًا في وضع الجلوس وحرصنا على عدم إيقاظه لينال قسطًا من الراحة.. ريثما تُغير البنات ثياب الباليه، ولكن حدث أن أقلقني عدم انتباهه لقدومنا مع أن نومه خفيف جدًا.. فاقتربت منه لأتفقده وناديت عليه بصوت مُنخفض لم يرد رفعت صوتي وناديت ولم يرد، خفت وناديت ولم يرد، وصرخت.. بناتي: بابا بابا.. و لم يرد ليثبت في ذاكرتنا مشهدا لن ننساه ما حيينا".

وأضافت: "صدق حبيبي فقد انتظرنا كما وعدنا وكان يضع أمامه هداياه الأخيرة صافًا إياها بالترتيب كعادته.. فحبيبي يعشق الترتيب والنظام والأصول. وفي لحظة خيم الحزن والألم على منزل كانت تملؤه السعادة والبهجة، وكان لا يخلو من الأحباب والأصحاب.. ليكتسي المنزل وأصحابه وضيوفه بسواد قاتم حزين، فتتحول الضحكات والاحتفالات إلى مأتم يغتال الروح وينهش الوجدان".

رحل عبد الله كمال وبقيت كلماته ومدرسته الصحفية التي أسسها وتلاميذه الذين لم يتنكروا لأفضاله عليهم، رحل كما يرحل جموع البشر ولكن مخلفًا ورائه بصمة إنسانية واجتماعية لا تنسى ولا تسقط بتقادم الزمن.
 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter