الأقباط متحدون - داعش ذريعة لتغيير النظام في العراق
أخر تحديث ٠٠:٤٥ | الخميس ١١ يونيو ٢٠١٥ | ٤بؤونه ١٧٣١ ش | العدد ٣٥٨٨ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

داعش ذريعة لتغيير النظام في العراق

بقلم- د. عبدالخالق حسين

مقدمة توضيحية
أدناه مقال للباحث الأمريكي إريك دريستر(Draitser Eric ) وهو محلل جيوسياسي مستقل مقره في مدينة نيويورك، ومؤسس StopImperialism.com. نشر في 15 أغسطس 2014 بعنوان
(داعش ذريعة لتغيير النظام الذي ترعاه الولايات المتحدة في العراق)
وكنت قد كتبت عدة مقالات أشرت فيها إلى دور أمريكا في خلق داعش، ودوافعها من ذلك. طبعاً شكك كثيرون بهذه "التهمة" بينهم عدد من الأصدقاء وبنوايا حسنة، واعتبروها من بنات نظرية المؤامرة. ولكن كما يبدو أن المسألة هي أكبر من ذلك بكثير. وهذا المقال رغم أنه نشر في العام الماضي إلا إنه مازال محتفظاً بأهميته وحيوته وكأنه كتب اليوم. وعليه رأيت من المفيد ترجمته بتصرف ونشره و ذلك لتعميم الفائدة.- عبدالخالق حسين
***************

داعش ذريعة لتغيير النظام الذي ترعاه الولايات المتحدة في العراق*
ISIS a pretext for US-sponsored regime change in Iraq
By Eric Draitser

إن خلع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي هو جزء من خطة أمريكية أوسع للعراق والشرق الأوسط ككل. فعلى خلفية الحرب ضد الدولة الإسلامية (داعش)(IS، سابقا ISIS / ISIL)، تمكنت واشنطن من ضرب عصفورين بحجر واحد، كما يقول المثل. فبهذه العملية حققت الولايات المتحدة ليس فقط إزاحة زعيم سياسي كان قد أثبت أنه مشكلة بسبب معارضته للوجود العسكري الأمريكي في العراق، فضلا عن دعمه القوي للرئيس السوري بشار الأسد، فإن هذه العملية [خلق داعش وشن الحرب عليها] قد خلقت أيضا الظروف لتقطيع أوصال العراق كدولة.

فالولايات المتحدة وحلفائها تدعم، بحكم الأمر الواقع، "إستقلال" كردستان في شمال البلاد، وذلك باستخدام داعش ذريعة مناسبة لتسليح وتدريب ودعم القوات الكردية علنا. وبطبيعة الحال، لا ينبغي لنا أن نبحث عن الإيثار والأعمال الخيرية في دوافع واشنطن. فهذه الاستراتيجية هي لفائدة شركات النفط الغربية مع وجود علامات الدولار في عيونهم، ولعق شفاههم تحسبا لأن تكون قادرة على التعامل مباشرة مع بارزاني رئيس اقليم كردستان مباشرة. بالإضافة إلى ذلك، فباستقالة المالكي يحرم الرئيس السوري بشار الأسد من حليف رئيسي، مما شجع الدواعش وغيرهم من المسلحين الذين يشنون الحرب ضد سوريا، فإنه يوفر المزيد من الأدلة، إذا كانت هناك حاجة أكثر من ذلك، أن المستقبل السياسي قاتم لأي زعيم عراقي يجرؤ على الخروج عن النص المكتوب له في واشنطن. وربما الأهم من ذلك، أنه يسمح للولايات المتحدة وحلفائها لتكون القوة الرائدة سياسيا في الحرب ضد داعش، وهي منظمة أنشأتها سياسة الولايات المتحدة والعمليات السرية في المنطقة.
ففي قطاع المبيعات والتسويق، هناك مصطلح 'البيع الحل"حيث يقوم مندوب التسويق بخلق المشكلة و المبالغة فيها، ثم يقدم بضاعته باعتبارها الحل الأنسب الذي لا يقدر بثمن. في الواقع، هذا النوع من استراتيجية التسويق هو بالضبط النهج الذي اتخذته واشنطن في المنطقة، وتحديدا في العراق.
أصبح داعش في الآونة الأخيرة فقط، وباءً معترفاً به دوليا، من التطرف الإسلامي المتشدد الذي لا بد من استئصاله ومهما كانت التكاليف. جاء هذا الاعتراف الدولي فقط عندما بدأت المنظمة بالسيطرة على أراض عراقية، مما يهدد المصالح النفطية والغازية الغربية. فلما كانت تشن حربا وحشية وشرسة ضد الشعب السوري والحكومة، كانت داعش مجرد فكرة طارئة، ببساطة مجموعة من المتطرفين الذين يقاتلون "ديكتاتور متوحش"، الأسد.
وبعد ذلك فقط أصبح القضاء على خطر داعش ضرورة ملازمة لمصالح الولايات المتحدة. وبعبارة أخرى، فإن داعش هو أداة مفيدة في سوريا وجنوب لبنان لأنه يخلق حالة من الفوضى على حساب الأسد وحزب الله على التوالي، في حين في العراق، داعش أمر خطير حيث يهدد النظام الموالي للولايات المتحدة في كردستان والمصالح النفطية الغربية فيه. ولكن بطبيعة الحال، فإن التفاصيل تقدم في التحليل النهائي أن مشكلة داعش أنها خلقت من قبل المخابرات الامريكية لشن الحرب السرية على سوريا.
في بداية عام 2011، شاركت وكالة المخابرات المركزية الامريكية (CIA) في برنامج معقد وواسع النطاق لتسليح المتطرفين المتشددين سراً في سوريا من أجل إسقاط حكومة الرئيس بشار الأسد. كما وذكرت نيويورك تايمز ووسائل اعلام اخرى في عام 2012، أن وكالة الاستخبارات المركزية كانت تعمل مع جماعة الإخوان المسلمين وغيرها من الجماعات على طول الحدود التركية السورية لنقل أسلحة، ومعدات الاتصالات وغيرها من العتاد العسكري إلى الجماعات الإرهابية التي في حالة حرب مع دمشق. وعلى الرغم من إدعاءات واشنطن أنها تدعم "المتمردين المعتدلين" فقط، إلا إنه لم يعد سرا أن الكثير من تلك الإمدادات انتهت في يد داعش، والتي بحلول عام 2012 كان بداية لترسيخ نفسها كقوة مقاتلة ومهيمنة في الحرب السورية.

ومن هنا يتضح لماذا أطلقت داعش هجومها "المفاجئ" على المدينة العراقية الموصل في شهر يونيو 2014، لأنها كانت مسلحة بشكل جيد ومجهزة بكل ما يمكن لشاحنات صغيرة نقل أسلحة مضادة للدبابات وقذائف الآر بي جي، ومجموعة من المعدات الأخرى التي قدمتها الولايات المتحدة لهم. وبطبيعة الحال، في الأيام والأسابيع التي تلت الهجوم، صادرت داعش المعدات العسكرية العراقية التي قدمتها الولايات المتحدة للجيش العراقي. لذلك من الانصاف القول، بوعي أو بدونه، أن الولايات المتحدة ساعدت على إنشاء وإطلاق العنان لداعش التي نعرفها اليوم.

فداعش لم تعد مجرد منظمة مسلحة اخرى بين كثيرين، بل نمت وتوسعت بفضل رعاية الولايات المتحدة، إلى قوة قتالية إرهابية رئيسية في المنطقة، قادرة على الانخراط في حروب مع الجيوش الوطنية (العراق، سوريا)، وجماعات مسلحة أخرى منظمة بشكل جيد مثل حزب الله. في الواقع، أصبحت داعش هي المنفذة للسياسة الخارجية الأمريكية، وهي القوة التي تحارب بالوكالة لتنفيذ أجندات الولايات المتحدة من دون الحاجة إلى أي وجود عسكري أمريكي كبير في المنطقة. وحتى الآن، أظهرت وسائل الإعلام داعش بوصفها أكبر تهديد في الشرق الأوسط. لماذا؟ لماذا لم تكن داعش تشكل أي تهديد على الإطلاق في سوريا، ولكن فجأة أصبحت خطرا كبيرا في العراق؟

لقد شنت الولايات المتحدة الحرب على العراق واحتلاله منذ ما يقرب من عقد من الزمان لعدة أغراض، منها: إقامة حكومة دمية عميلة تخدم المصالح الاقتصادية والجيوسياسية الغربية. وفي نواح كثيرة، فشل هذا المشروع عندما ظهر رئيس الوزراء نوري المالكي كزعيم وطني قوي رفض تلبية مطالب المحتلين.
فقد أرادت واشنطن أن تبني بشكل دائم قواعد عسكرية أميركية في البلاد، ورفض المالكي ذلك، مطالباً بانسحاب دائم لجميع القوات الامريكية بحلول نهاية عام 2011. كما وقام المالكي بتطهير العراق من المنظمة الإرهابية (مجاهدي خلق) التي ترعاها الولايات المتحدة، والتي كانت تشن لعقود طويلة حملات إرهابية ضد إيران. فقام المالكي بإغلاق معسكر أشرف، وهي القاعدة التي تنطلق منها منظمة مجاهدي خلق الإرهابية. كما أقال المالكي اثنين من الشخصيات الرئيسية في المؤسسات المصرفية في العراق، من المقربين المعززين إلى المحافظين الجدد، وفشل المرشح الرئاسي العراقي أحمد الجلبي، مما اكسبه حفيظة واشنطن التي كانت تسعى لإحكام قبضتها على الثروة العراقية.

ولكن بطبيعة الحال، لم تكن هذه "جرائم" المالكي الوحيدة في نظر الولايات المتحدة. إذ تحدى المالكي الشركات النفطية الغربية الساعية لتحقيق أرباح ضخمة من ثروات العراق النفطية الهائلة. ربما المثال الأكثر شهرة عندما وقعَّت شركة اكسون موبيل في عام 2012 صفقة للتنقيب عن النفط مع حكومة إقليم كردستان شبه المستقلة في شمال العراق. وطعن المالكي بشرعية هذه الصفقة ورفضها [لكونها مخالفة للدستور العراقي – المترجم]، مشيرا إلى أن عقود النفط يجب التفاوض عليها مع الحكومة المركزية في بغداد بدلا من حكومة بارزاني في اربيل، المدعومة من الولايات المتحدة. وأشار المتحدث باسم المالكي في ذلك الوقت:
"إن المالكي يعتبر هذه الصفقات تمثل مبادرة في غاية الخطورة قد تؤدي إلى اندلاع الحروب ... وتفتيت وحدة العراق ... والمالكي على استعداد للذهاب إلى أبعد ما يمكن من أجل الحفاظ على الثروة الوطنية، وضرورة الشفافية في استثمار ثروة العراقيين، وخصوصا النفط ... وقال أن المالكي بعث برسالة إلى الرئيس الأمريكي باراك أوباما يحثه على التدخل لمنع إكسون موبيل من الذهاب في هذا الاتجاه ".
[ نتذكر في وقتها تصريحات رئيس الإقليم، السيد مسعود بارزاني، مهدداً الحكومة المركزية أن وجود إكسون موبيل في كردستان يعادل 10 فرق عسكرية- المترجم].

وليس سرا أن الصمود القوي الذي وقفه المالكي في مقاومة الصفقة، بالإضافة إلى رفضه لدفع 50 مليون دولار إضافي لإكسون موبيل لتحسين الإنتاج في حقول النفط الجنوبية، مما أدى إلى انسحاب الشركة من حقل غرب القرنة 1 المربح .
ومن هنا نرى بوضوح تماما لماذا كانت الولايات المتحدة حريصة جدا على حماية الحكومة الكردية الموالية لأمريكا، والتي تركزت السلطة في يد الرئيس بارزاني والرئيس السابق للعراق طالباني، وعشائرهم، والمقربين منهم. فمنذ بداية عام 2011، سعت شركات النفط الغربية إلى عقد صفقات مستقلة مع الأكراد وتجاوز المالكي والحكومة الشرعية في بغداد. هذه الشركات ليس فقط لا تريد أن تدفع الضرائب التي ستستخدم لتمويل إعادة إعمار العراق الذي تعرض للحروب لأكثر من عقد من الزمن، وأنها حاولت أن تدفع السلطات العراقية والكردية في صراع ضد بعضهما البعض و خدعهما على نحو أكثر فعالية وكفاءة، واستغلال الفساد والتنافس المستشريين في الجانبين.

و تجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة وإسرائيل، وقوى غربية أخرى، حافظت لفترة طويلة على علاقات وثيقة جدا مع البرزاني والأكراد. ويمكن تقديم حجة صحيحة بأن كردستان تمثل قاعدة متقدمة للولايات المتحدة في استعراض القوة العسكرية في العراق، وخاصة ضد إيران. بالإضافة إلى ذلك، فقد حافظت اسرائيل منذ فترة طويلة على علاقات وثيقة مع السلطات الكردية، من حيث الدعم السياسي، فضلا عن العمليات الاستخبارية السرية، والأنشطة التجسسية. إذ نشر الباحث الإسرائيلي عوفرا بنغيو (Ofra Bengio)، مؤخرا بحثاً في فصلية الشرق الأوسط الموالية للولايات المتحدة، ولإسرائيل جاء فيه :
"منذ التسعينات من القرن الماضي فصاعداً، قامت لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (إيباك  AIPAC) بحفظ العلاقات مع المسؤولين الأكراد حيث رأى 'النشطاء اليهود المؤيدون لإسرائيل بضرورة تقديم الدعم للأكراد، وهي دولة صغيرة تكافح من أجل تقرير المصير، محاطة بجيران من العرب المعادين، وأن هذا الدعم للكرد يساعد إسرائيل للوصول إلى حليف طبيعي".
ووفقا لموريس أميتاي، المدير التنفيذي 1974-1980 لايباك" قال أن أصدقائنا الإسرائيليين دائما موضع تقدير صداقتنا مع الأكراد. "ابن أميتاي، مايك أميتاي، خدم أيضا بمنصب المدير التنفيذي للمعهد الكردي –الأمريكي في واشنطن (WKI) من عام 1996 إلى عام 2005."
وبطبيعة الحال، فإن الاتصال الإسرائيلي مع الكرد ليس من أجل الخير، فمصالح المخابرات الإسرائيلية والقوات الخاصة تتشابك بعمق مع مصالح نظرائهم الكرد بقدر ما يعود إلى عام 2003، وبدء الحرب الأميركية الثانية في العراق (ومن المحتمل أن تعود هذه العلاقة لعقود قبل ذلك). فقد أشار سيمور هيرش (الحائز على جائزة بوليتزر الصحفية) في عام 2004، قائلاً:
"لقد كان للإسرائيليين علاقات طويلة مع الطالباني والبارزاني، وأسرهما في كردستان، وهناك العديد من اليهود الأكراد هاجروا إلى إسرائيل ولا يزال هناك الكثير من الاتصالات بينهم. ولكن في وقت ما قبل نهاية السنة، وأنا لست متأكداً بالضبط متى، قبل ستة أو ثمانية أشهر، بدأت إسرائيل للعمل مع بعض الفدائيين الكرد المدربين، وكانت الفكرة في الظاهر إسرائيلية - بعض الوحدات من النخبة الإسرائيلية، ووحدات مكافحة الإرهاب أو الإرهاب، بدأت بتدريب الأكراد بسرعة ".

خلاصة القول:
لقد بات واضحاً، أن قرار واشنطن لاستخدام القوة العسكرية ضد داعش هو خدعة لحماية الاستخبارات، والمصالح الاقتصادية، وإنشاء دولة كردية مستقلة اسميا، والتي ستندمج في فضاء الولايات المتحدة وإسرائيل للنفوذ في المنطقة. ولتحقيق هذه الأهداف الاستراتيجية، أولا وقبل كل شيء، كان يجب التخلص من المالكي.
وهكذا، حان مرة أخرى تغيير النظام في العراق، وهذه المرة من خلال الباب الخلفي وذلك بتسليح داعش في سوريا، وبعملها هذا أطلقت الولايات المتحدة العنان لوحش رهيب في العراق، والذي تستخدمه الآن كذريعة لتحقيق هدف طويل الأمد لتقسيم فعلي للعراق. ومع استقلال الكرد ستتم سرقة الموارد النفطية الحيوية من العراق، فمن غير المرجح أن أي ائتلاف حاكم يتكون من السنة والشيعة سوف يحكم البلاد فعليا، بغض النظر عن الشخص الذي يرأس السلطة. وهذا بالتحديد هو بيت القصيد. وللأسف، ومن أجل مصالح الغرب، على العراق الآن أن يواجه حرباً أهلية أخرى، وفترة من البؤس واليأس. وسوف لا تكون هناك تنمية اقتصادية، أو أي تقدم سياسي ولا سلام. وهذا بالضبط ما تريده واشنطن.
abdulkhaliq.hussein@btinternet.com 
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/
ــــــــــــــــــــــــــ
* رابط النسخة الإنكليزية للمقال
Eric Draitser: ISIS a pretext for US-sponsored regime change' in Iraq'
http://rt.com/op-edge/180544-iraq-us-syria-maliki/

روابط ذات صلة
1- Seumas Milne: Now the truth emerges: how the US fuelled the rise of Isis in Syria and Iraq
http://www.theguardian.com/commentisfree/2015/jun/03/us-isis-syria-iraq

2- Jay-B: Pentagon To Bypass Iraqi Army And Supply ISIS Directly
http://www.duffelblog.com/2015/06/pentagon-to-supply-isis-directly/

3- Gorden Duff — New Eastern Outlook Dec 31, 2014
Had US Trained 3000 ISIS
http://www.thetruthseeker.co.uk/?p=109091

4- MICHAEL KNIGHTS: Doubling Down on a Doubtful Strategy - http://foreignpolicy.com/2015/06/05/doubling-down-on-a-doubtful-strategy-iraq-islamic-state-isis/




 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter