حتي اليوم أكون قد احتفظت بغشاء بكارتي ٢٤ عاما .. تبنيت فيهم أفكارا جريئه متحرره من القيود، لكن ساقي ظلتا مرتعشتان حول قطعة الجلد التي يرهن المجتمع قيمتي ومستقبلي وسمعتي بها
الجميع يسألني طوال الوقت بشكل مباشر أو غير مباشر هل لازلتي عذراء.. ولو لا؟ مع من ومتي فقدتي عذريتك؟ الجميع يمنح نفسه الحق ليتحكم في جهازي التناسلي.
تقدم لي عريسا تلقي تعليما عاليا بدولة أوروبية، يبدو عليه التحرر، في شكلة وآراءه، يقول لي أنه يحترمني ويحترم المرأة ويراها إنسان كامل وليست تابعة للرجل، صدقته لبعض الوقت، كدت أحسد نفسي لأنني محظوظة جدا إلي هذا الحد، محظوظة لدرجة أنني أجد رجلا من بيئتي ومجتمعي مع التعديلات الثقافية التي تمنيتها، رجل لن يقيمني بصوتي الخفيض أو أكمامي الطويلة، بل بعقلي، لكنه بعد مرور قليل من الوقت بدأ يسألني تدريجيا عن حياتي الماضيه، عن طفولتي، ثم مراهقتي، ثم شبابي، عن خفقات قلبي الماضية، ثم تسلل سهوا لسؤال عن حدود علاقتي بمن أحببت من قبل، وفضحته ابتسامة نصر واسعة و نفسيا عميقا استنشقه بقوة عندما علم أنني لم أمنح غشائي لأحد بعد! وأنه عندما سيتزوجني سيصبح سبع البرومبه الأول، أظهرت تعبيرات وجهه ما أخفاه بكلماته المتحرره.
أعطي لنفسه الحق في سنواتي الماضيه لأنه فقط أراد أن يتزوجني في سنواتي القادمة، لكن ليس هو فقط، فحتي المارة بالشارع يمنحون أنفسهم نفس الحق أيضا..
كنت أسير في الشارع منذ أيام، أحاول تجاهل كلمات التحرش المعتادة، أحاول تجاهل تلك الضحكة الرقيعة التي يطلقها شاب يجلس خلف صديقه فوق موتيسكل وهما يمران بي ثم يبطئان، وتلك النظرات اللاهثة التي تخترق صدري، وكلمات الإعجاب، والشتائم، والوصف الصريح لرغباتهم الجنسية، كل هذا حاولت أن أتجاهل أنني اسمعه، لأنه صار واقعا ثابتا كل يوم، لأنني صرت أتوقع كل كلمه، وأتوقع من يمكن أن يقول ماذا، إنه برنامج يومي متكرر، لكن هذه المرة كنت أعبر شارع ضيق، وشابان واقفان علي الجانب الآخر يشير أحدهم علي ويقول لصاحبه، ” بص المرة الجامدة دي” فرد صاحبه نافيا ” لا ياعم دي مش مره دي بنت بنوت” !
ذهلت .. كيف سمحا لنفسهما التدخل في خصوصية جسدي إلي هذا الحد، وتخمين إذا كنت عذراء أم لا، كيف سمحا لنفسهما أن يقيماني ويخترقاني.
فكرت كيف ومتي يمكن أن تنتهي علاقتي بهذا الغشاءبكارة . عذرية . غشاء . حزام العفة
ربما لزوج سيدفع لي مهرا لأنني عذراء، ويسألني ويسأل عني كثيرا، ليتأكد أنني عذراء، وسيضعني في اختبارات كثيرة ليتأكد أنني لست سهلة، وليس لدي ميل نحو الرجال، وأنني باردة مؤقتا حتي يفض بكارتي فأضغط علي زر التشغيل لأتوهج من أجله ! زوج لن يقبل بدفع نفس المهر لي لو كنت مطلقة، لأنه يدفع من أجل الغشاء، لأنه يري أن صاحبة الغشاء أضمن وأفضل، لأنه يراني علبة زبادي لابد أن يستلمها مغلفة جيدا. لكنني أحلم بليلة زفاف لا ليلة امتحان!
علي سبيل السخرية إذا كان الأمر كذلك وإذا كان بعض الرجال يتزوجون من أجل العذرية وليس من أجل المرأة ذاتها فكم سأطلب مهرا لعذريتي ؟
لنحسبها إذا .. السنة بها ٣٦٥ يوم واليوم به ٢٤ ساعة وقد عشت ٢٤ عام ولنعتبر كل ساعة حافظت فيها علي عذريتي من أجل أن يتسلمها رجل مجهول قيمتها ٦ جنيهات بواقع قرشا لكل دقيقة، كل دقيقة جلست فيها مغلقة ساقي بخوف، كل مرة ارتعبت من استخدام ” الشطافة” إذا اندفع الماء بقوة فيها، كل مرة حذرتني النساء من ممارسة أي رياضة تحتاج لأن أستخدم ساقي، كل مرة لم أجرؤ فيها علي ركوب العجل، وكل مرة داهمتني هرموناتي وملأت رعبا من قضاء حاجتي السرية، كل مرة أطلقت لساقي الريح إذا مررت بشارع هاديء خوفا من أن يغتصبني أحدهم ، فتتدمر حياتي، كل مرة نسيت فيها ميعاد دورتي الشهرية وسابت مفاصلي حينما رأيت قطرات دم علي ملابسي الداخلية، يظل قلبي يخفق حتي اليوم التالي، لأتأكد أنه دم متواصل للدورة الشهرية وليس قطرات البكارة!
أن تحتفظ بشيء لأجل أن ترضي نرجسية شخص مجهول لم يحتفظ بشيء مماثل، ولم يلزم نفسه بك إلا منذ عرفك في أحسن الأحوال إذا كان رجلا معتدلا، فهذا أمر لا يمكن أن تقبله علي نفسها حره، أمر لا يمكن أن يساوي مهرا، أمر مبالغ فيه، وإذا كان له مهرا يوازيه فلأطلب ٥ مليارات دولارات، !! نعم إنه رقم تعجيزي نرجسي، تماما كالطلب الذي يلزمني المجهول به!
لازالت هناك فتيات في أقاصي الصعيد تطقطقن أصابعهم هلعا يوم زفافهن، غارقات تحت عرق بارد، ورجل يحاول إثبات ذكاءه في الإختيار .. حياتهن مرهونة بقطعة قماش ملوثة بالدم، يكتب لهن عمر جديد حينما يخرج الزوج ويرفعها بفخر في وجه عائلتيهما والمعازيم الذين ينتظرون خارج الباب.. نعم رغم إدعائنا الدائم للحياء، لازالت هناك دخلة بلدي تخدش كل معني للحياء لدي إمرأة يطلب منها ممارسة الجنس جبرا، بينما الجميع يتربص وينتظر النتيجة بالباب!
لازال هناك عرسان يطلبون من خطيباتهم شهادات إثبات عذريه! لازالت هناك أسر تجري علي الطبيب عندما تتعرض فتياتهن للإغتصاب ليطلبوا منه فورا وقبل كل شيء شهادة تثبت آنها فقدتها في الطفوله دون شهوة ودون ذنب، يطلبون الشهادة قبل أن يطلبوا أنقاذها والإطمئنان علي صحتها. لازالت هناك فتيات تنتحر أو تقتل أو تعيش بلا حق في حياة طبيعية لأنها فقدت هذا الغشاء يوما ما، لأي سبب حتي لو كان لحظة من الضعف أو المتعه يفرض عليها المجتمع ثمناغير منطقي مهما تابت ومهما استقامت . لكنه يعتبر نفس اللحظة لدي الرجل نزوة خفيفة الظل، أو روشنه، أو طيش شباب أو حق وطبيعة جسد ! وكأن ما تحمله المرأة ليس جسدا لديه رغبات مثل الرجل. ولازالت ورغم تظاهرنا بأن كل شيء مثالي، فتيات تتحايلن علي فخ المجتمع المنصوب لهن إذا فقدن عذريتهن، بإبقاء الغشاء وفعل كل شيء، ليصبحن صاحبات عذرية إكلينيكية، ديكور لكنها لا ترمز لأي فضيلة، لأنها بالفعل كذلك ليست رمزا مرادفا للشرف .
لكني أيضا لا أستطيع أن أمنحه لعشيق يدعي التحرر ليحصل علي مراده، بينما لن يفكر قبل دفن أخته حية إن رآها في أحضان رجل مثله، رجل يدعي التحرر ويبجلني بصوت عالي بينما شرقيته الدفينة تحتقرني في داخله، رجل يدعي التحرر ليصنفني خليلة مناسبة للمعاشرة، بينما يختار زوجة بغشاء جديد لتناسب غروره وذكوريته.
لن أمنحه لأحد يساومني عليه كمفتاح يستلمه مني عند الزواج، لن أمنحه بإستسلام لزوج، ولا بضعف لعشيق..
سينزعج مني ذكور كثيرون .. لكن رجل أحلامي الذي أبحث عنه هو رجل سوي لا يجد لذة في فقأ قطرات من الدم ليلة عرسة، لا يجد لذة في جرح شريكته في ليلتهما الأولي ليتأكد أنه حصل علي ” بضاعة مغلفة بالسولوفانه” الرجل الذي أبحث عنه ينتظر امرأة لا تنظر إلي الأرض في إنكسار نحو ساقيها، ولا تستمد قيمتها من بقعة دم، الرجل الذي أبحث عنه سألتقيه وأنا حرة، لن يساومني ولن أساومه. لن يدعي لي أنه لم ير إمرأة من قبلي ولن أوهمه أنني قطة مغمضة.
لننهي مشاهد اللطم والولولة في الأفلام والمسلسلات، المشاهد التي تتكور فيها البطلة وتشعل في نفسها النار أو يقتلها أهلها بدم بارد أو تتشرد وتفقد مستقبلها وتتحول لبائعة هوي لأنها فقدت غشاء، لننهي أنفاس الفتيات اللاهثة خوفا في عيادات أطباء “بير السلم” وهن ينتظرن إجراء عملية ترقيع تنقذ حياتهن ! وتفتح لهن صفحة حياة جديده.
هذا ليس شرفي، هذا ليس دليلا أنني لم أضاجع أحد، هذا ليس مقياس لأي فضيلة، لأن العذرية الحقيقية أشياء كثيرة ترافق الروح والعقل لا الجسد، الشرف هو ألا تتخلي عن ضعيف يحتاج إليك، أن تكون أقوي من شهواتك عندما لا تمنعك عنها أية حواجز، أن تنتقي تصرفاتك، ألا تدعي الفضيلة، وألا تتسبب متعتك في إيذاء أحد، أن تلتزم بكلمتك دون سيف فوق رقبتك، فنحن لا نستطيع أن نحكم علي الذي يقول الصدق تحت تهديد السيف أنه صادق، ولا عن المرأة التي تحفظ جسدها خوفا من الرجم أنها شريفة، الشرف هو أن تلتزم بالفضائل دون أن يجبرك أحد عليها.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع