الأحد ٧ يونيو ٢٠١٥ -
٣٣:
١٠ م +02:00 EET
صورة تعبيرية
بقلم : نشــأت عــدلي
محير هذا الأب القديس .. كلما قرأت له كتابا أجد نفسي مشدودا لكتاب أخر وأقول لايوجد مثل هذا الكتاب فإذ بي أجد أن الكتاب الأخر أجمل وأحلي أكثر من الذي سبقة ...
أقرأ كتبة فأشعر بنعمة الله تسري في كل عظامي .. مع كل كلمة أقرأها أجدها ليس كلمات فقط بل روح يكتب وقلب يستمع بشغف وإشتياق وكلما أعدت القرأة مرة أجد نفسي أرجع لها مرات ومرات .. النعمة التي في كتاباته تجعلك لا تشبع منها .. يصف حالتك وأنت في وقت الفتور وكيفية التغلب عليه وحالتك وقت التعزية الروحية وكيف تستفيد منها .. كيف تقف أمام الله وكيف تصلي بنقاوة قلب .. كيف تقرأ الكتاب المقدس وكيف تتأمل في أياته .
كان بالفعل راهبا .. كانت حياته كلها عشق لما نذر نفسه له .. لم يكن يريد منصبا ولا سعي لأن يكون له منصبا .. وقت أن رشحوه للبابوية كان يصلي بدموع غزيرة .. وإستجاب الرب لإشتياقه ..
لقد عشت كثيرا جدا مع كـل كتاب قرأته وتعايشت مع كل كلمة كان يكتبها وكان الملاحظ أنه كان لايكتب بعقله أو فلسفته .. بل بروح الله كان يكتب .. قال هذا .. أنه كان يعيش مع كل شخصية من شخصيات الكتاب المقدس .. فعند قرائتها تشعر أن هذه الشخصية يعرف كل دقاقئها فيجعلك تعيش معها وتسير رحلتها بكل إشتياق وفهم .. فمثلا كتاب قصص مسيحية للحياة .. تعيش معه رحلة المربوطين علي رجاء قيامة الرب وإنتظارهم له ليعتق أسرهم وهم يرنمون لك القوة والمجد .. وياتي السيد المسيح فيطيرون إليه طيرانا ويمسح جباههم بدمه المسفوك إلي أن يتغيرو ويأخذوا شكل السيد نفسه بأسلوب شيق يجعل قلبك ينخلع من بين ضلوعك حبا وشوقا إلي نوال تلك النعمة .. ووصفه لكل شخصية وهي منتظرة الخلاص المرجو لهم فيقول عن لسانهم .. ( سرنا خلفه نستنير بنوره ، يحيط به ألوفٌ ألوفٍ من ملائكته يقدمون له تسبحة الغلبة والخلاص ...وفي الحال ارتجت أساسات الهاوية وهو قادم بسلطان من أعطى الدينونة ، ومَن أتى لفكِّ أسرى الرجاء .رأيت فى يده صَكّ غفران ، ممهور بختم من دم طرى ، أُعطى أن لا يجف أبدا ً ، وعليه أسماء كل الذين ماتوا على الرجاء وهم يطلبون وطناً أفضل.) وعندما يصف كل شخصية منهم لا تصدق أبدا أنه يكتب فقط عنهم بل عاش معهم ورأي كل ماحدث ..
لم تنجب الكنيسة مثلما أنجبت هذا الراهب القديس لقد أنار البرية بقداسته وبرهبنتة الحقيقية ... كان راهبا بكل ماتحمله هذه الكلمة من معاني .. قال عن شعوره .. ( دخلت عاشقا للرهبنة .. عاشقا الوجود مع الله .. لا أريد شيئا من الدنيا ولا من الرهبنة ولا من الكنيسة . لا أريد وظيفة .. ولا أريد حتي أن أكون شماسا ... لكني أريد الرب لأعيش معه ) فعن تجربته في وادي الريان ومعاناته مع أبنائة الرهبان الذي تحمل كل تعبهم وكان لهم أبا وأخا .. لقد ظُلم كثيرا ولكنه لم يدافع عن نفسه مرة واحدة ولكنه كان يرفع صوته إلي الله .. وكان يعاتب الله وكان الله معه دائما .. لم يكن يتحدث إلا مع الله ولم يكن له حديث إلا عن الله .. والعجيب أنه كلما هرب من الناس ومن المجد الباطل يجد الناس ورائه ومحبيه يزدادون .. هذا الأب القديس كان مثلا ومثالا للراهب الذي ترهب عشقا في الرب .. نحتاج لسنين عديدة نكتب فيها عن هذا الراهب العملاق لنعيش لمحة ضئيلة جدا في كتاباتة ..
لم يسعي الآب متي المسكين لشهرة على حساب الله ... وبعد نياحتة أصبح أشهر رجال الله .
لقد تعلم شاول الطرسوسي الناموس تحت أقدام غمالائيل أشهر معلميّ الناموس .. وظل بولس برسائلة .
وأبانا القديس تعلّم المسيحية تحت أقدام المسيح فظلت كتاباته منار يهفو إليها كل من دخلت نعمة الله قلبه .