الأقباط متحدون - لو سمحت يا «ريس».. حارب الفساد
أخر تحديث ١٣:٠٧ | الاثنين ١ يونيو ٢٠١٥ | ٢٤بشنس ١٧٣١ ش | العدد ٣٥٧٨ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

لو سمحت يا «ريس».. حارب الفساد

محمود خليل
محمود خليل

«لو سمحتم حاربوا الفساد».. تلك هى النصيحة التى توجّه بها الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى المسئولين، خلال افتتاحه مشروع تطوير الترسانة البحرية بالإسكندرية. النصيحة عند العرب بجمل، هكذا يقولون، ولأنها كذلك، أرجو أن يسمح الرئيس لى بأن أسدى إليه نصيحة: «لو سمحت يا ريس.. حارب الفساد»! الحكمة تقول إن أقرب أذن إلى هذا اللسان أذن هذا الإنسان، فالإنسان يسمع نفسه قبل أن يُسمع الآخرين. وأساس توجهى بهذه النصيحة إلى الرئيس يرتبط بتلك التقارير التى تصدر عن الجهاز المركزى للمحاسبات، والتى دأبت الصحف على نشرها على مدار عام بأكمله، وتكشف عن مخالفات فاضحة تقع فيها مؤسسات الدولة المختلفة وتستوجب التدخل من جانب الرئيس.

المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، يفتح كل حين ملفات فساد فى وزارات ومؤسسات من المفترض أنها تقع تحت السيطرة المباشرة لرئيس الجمهورية، ويكشف عن نهب مليارات الجنيهات داخلها، من ذلك مثلاً وزارة الداخلية التى رفضت قياداتها إفادة الجهاز بأى معلومات عن أجور العاملين بها أيام حدوتة الحد الأقصى للأجور، فى الوقت الذى استجابت فيه وزارة الدفاع وأفادت الجهاز بالبيانات المطلوبة فى هذا السياق! وأكد «جنينة» فى أكثر من مناسبة أن مخالفات «الداخلية» وحدها تقدر بالمليارات. وبعيداً عن هذه الوزارة هناك مليارات أخرى عديدة تذهب إلى أيدى الكبار والمتنفذين داخل مواقع وزارية مختلفة، كشفت تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات عنها، وأكدت أنها تُهدر بلا رقيب ولا حسيب. وأتصور أن تقارير «جنينة» جميعها متوافرة أمام الرئيس، كما أن ثمة جهات أخرى تمده بتقارير لا تقل عنها خطورة تكشف عن أوجه فساد لا يتطرق إليها الجهاز المركزى.

أنتظر من الرئيس أن يتحرك فى هذه الملفات، وأعلم فى الوقت نفسه أن المواجهة ليست سهلة، لكنها أصبحت حتمية، لأن استمرار حال الفساد على ما هو عليه سيوردنا فى النهاية موارد الهلاك. إن الحكومة تعانى هذه الأيام من أزمة كبرى فى إعداد موازنة العام المالى الجديد، وهى تشكو العجز الظاهر فيها، وتحاول أن تسده من طرق ومشارب عديدة، وفى تقديرى أن مواجهة الفساد، والقبض على المليارات الطائشة هنا وهناك، تُعد البوابة الأساسية التى يمكن أن نطرق عليها لنلتمس حلاً للمشكلة. فالرئيس يعلم أن قلوب المصريين بلغت الحناجر بسبب الارتفاعات المتوالية فى الأسعار، ولم يعد فى مقدور الفقراء أو أبناء الطبقة الوسطى تحمل المزيد، وبالتالى فلا بد من البحث عن حل نوعى آخر، يتمثل فى حصد المليارات التى تضيع جرّاء الفساد.

لو سمحت يا ريس حارب الفساد قبل أن يُضيّع البلاد والعباد. حربك الحقيقية لا بد أن تكون ضد الفساد، حربك العاجلة لا بد أن تتوجه إلى الفسدة والمفسدين. جميل أن تنصح مسئولى الدولة بمحاربة الفساد، لكن الأجمل أن تقدم لهم القدوة، لأن ذلك هو الذى سيدفعهم إلى التحرك. أولى خطوات حرب الفساد أن تتحرك أنت يا «ريس»، وثق أن كل الخطوات التالية ستكون سهلة بعد ذلك، الكرة فى ملعبك أنت ولا بد أن تتحرك من عندك، وستصل التمريرة إلى الآخرين بمنتهى السهولة واليسر، وإذا لم تفعل فسوف تظل الأمور محلك سر، ونكون بصدد «كلام ابن عم حديت»!
نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع