المجامع المسكونية والتقليد الكنسى الأرثوذكسى يؤكدان أن تثبيت عيد القيامة مخالف جملة وتفصيلاً لتعاليم وتقاليد الكنيسة القبطية فضلاً عن مخالفاته للمجامع المسكونية. لقد كان لكنيسة الإسكندرية الواعية موقف رائد نحو الخلاف الذى حدث فى تحديد موعد الاحتفال بعيد القيامة، فقد حدد البابا ديمتريوس الكرام «188 – 230م» البطريرك 12، بأن يكون عيد القيامة فى يوم الأحد التالى للفصح اليهودى. وكتب إلى روما وأنطاكية وأورشليم موضحاً لهم كيفية استخراج الحساب فلم يجد معارضة من أحد فى شىء البتة، وأوضح لهم ضرورة أن يكون عيد القيامة بعد الفصح اليهودى، لأن السيد المسيح عمل الفصح مع اليهود فى يوم 14 نسيان «أبريل» ثم تألم بعد ذلك. أما الرسائل الفصحية التى كان يبعث بها باباوات الإسكندرية فهى رسائل متضمنة تحديد موعد عيد القيامة اعتماداً على أن مدرسة الإسكندرية التى كانت تعتنى بالحساب الفلكى لتعيين موعد يوم 14 نسيان «أبريل» الذى يكون عادة فى الاعتدال الربيعى. ولذلك كان يحتفل المسيحيون جميعاً بالفصح فى يوم واحد.
حدث بعد أن أقر مجمع نيقية المسكونى الأول «المنعقد عام 325م» موضوع تحديد موعد عيد القيامة وأصدر الإمبراطور قسطنطين منشوراً بضرورة الاحتفال بالفصح فى وقت واحد كما حدده باباوات كنيسة الإسكندرية العظماء وظل المسيحيون يعتبرون هذا الحساب بقواعده إلى اليوم ماعدا من استعمل التقويم الغربى «الغريغورى» من التابعين لكنيسة روما إذ انفصلوا سنة 1582م فى أيام البابا الرومانى غريغوريوس 13 الذى أجرى تعديلاً للتقويم كما غيّر موعد عيد القيامة!! وبذلك انفرد الغربيون فى نظامهم – وصاروا مخالفين - إذ جعلوا حسابهم تابعاً لسنتهم المعروفة الآن بالسنة الإفرنجية، ولذلك يتقدم عيدهم غالباً على عيد الشرقيين. أى أن كنيسة روما أصبحت هى المُخالفة لقوانين المجامع. وطبقاً للتعديلات – غير الواعية – التى قام بها بابا روما، قد يأتى عيد القيامة قبل ذبح خروف فصح اليهود ويكون المرموز إليه قد جاء قبل الرمز!! أو قد يأتى عيد القيامة مع يوم ذبح خروف فصح اليهود وفى هذا اشتراك مع اليهود الذى لم تعد لنا معهم شركة «كما ورد فى كتاب تعاليم الرسل» وبهذه أو بتلك يكون ذلك خروجا عن القواعد المرعية منذ القديم عن قرارات المجامع المسكونية والمكانية.
بل وأقول أكثر من ذلك. حدث فى أوائل الستينيات – فى وقت حبرية البابا كيرلس السادس البطريرك 116 – أن أتصل البابا بولس السادس بابا الفاتيكان بالكاردينال أسطفانوس – بطريرك الأقباط الكاثوليك بمصر – وطلب منه أن تستخدم كنائس الأقباط الكاثوليك بمصر فى صلواتها نفس صلوات قداسات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بنفس الألحان ونفس اللغة القبطية، وأن يحتفل الأقباط الكاثوليك بمصر مع أخوتهم الأقباط الأرثوذكس معاً بعيد القيامة المجيد «أى لا يتبعون التقويم الذى تسير عليه الكنيسة الغربية». من هنا كانت مكانة بابا وبطريرك الإسكندرية فى العالم. فلم يكن فى يوم من الأيام تابعاً لأحد، بل بمكانته الدينية وقداسته ورئاسته لأقدم كرسى رسولى ألزم بابا روما وبطاركة بقية الكراسى الرسولية باتباع التقليد الصحيح. فلم تكن الكنيسة القبطية – فى يوم من الأيام – ولن تكون، تابعة لأحد، بل هى الرائدة والمُحافظة على التقاليد بكل أمانة.نرجو عدم مخالفة قوانين الكنيسة وقرارات المجامع وأعمال الآباء العظماء الذين سلكوا بكل طاعة للتقاليد الكنسية وكانوا قدوة للآخرين بشخصيتهم الكنسية الواعية.
■ أستاذ بكلية الهندسة ــ جامعة الإسكندرية
نقلا عن الدستور