بقلم: يحيى الوكيل
• النشيد الوطني التركي يُعزف في الكلية الحربية المصرية
• يعادينا المشرق العربى وإيران، فهل تنقذنا تركيا الشقيقة؟
• تحسين العلاقات مع تركيا من أجل ياميش رمضان
تفضل السيد رئيس تركيا بمشاركة رئيس جمهورية مصر العربية حضور حفل تخرج طلاب الكلية الحربية المصرية، الدفعة 104، و قد صاحب ذلك بالطبع عزف النشيد الوطني التركي على أرض تلك الكلية لأول مرة، ربما من أيام الملكية.
هذا حدث قبل يومين من الاحتفال بثورة 1952، وهي الإنقلاب العسكري الذي قاده ضباط لم يكن يُسمح بدخولهم إلى الكلية الحربية الا لغرض إنهاء سيطرة الضباط الأتراك والشراكسة على دخول الكلية والانخراط في صفوف ضباط الجيش؛ فهل هناك رسالة ما موجهة إلينا لم أستشفها؟
فهم رجل الشارع العادي لحضور رئيس دولة أجنبية لتخرج طلاب كلية عسكرية في دولة أخرى هو أن العلاقات بين هاتين الدولتين تتجاوز مرحلة التآخى إلى التحالف، والتحالف العسكري لا أقل؛ فهل هي عودة لحلف بغداد والذي قاومه "جمال عبد الناصر" –خريج نفس الكلية الحربية– ودفعنا في رفضه ثمنـًا سياسيـًاًباهظـًا؟
هل نحن على أبواب حلف عسكري مع تركيا، أم أنها ترضية لرئيس تركيا ليرسل لنا ياميش رمضان بأسعار زهيدة؟
المشهد السياسي شرق مصر يبدو وكأنه من مسرح العبث، ولا أحد يفهم شيئـًا مما يدور فيه.
اخترنا العداء مع إيران الشيعية بأوامر أمريكية وسعودية نفذها لهم "السادات"، ومع أحلاف إيران في جنوب لبنان فصار لنا أعداء في هذا البلد الجميل بلا لزوم
اخترنا حالة من "الأخوة الباردة" مع سوريا بأوامر سعودية أيضًا، ولم نستوعب درس التاريخ أن الدفاع عن مصر لا يتحقق إلا بالدفاع عن سوريا، وأن الخطر زال عن مصر في كل مرة استطعنا دحره في الشام –من أيام "تحتمس" لـ "إبراهيم باشا"، وأن المرة الوحيدة التي فشلنا فيها في ذلك كانت في معركة "مرج دابق"، والتي انتهت بالاحتلال العثماني لمصر.
حالتنا مع السعودية أيضًا ليست على خير ما يرام، ولن تكون أبدًا لأسباب كثيرة تبدأ منذ غزو "عمرو بن العاص"، و لا تنتهي بمعركة "الدرعية" التي دحر فيها "إبراهيم باشا" الوهابيين. الجالية المصرية هناك تعامل بشكل فيه غطرسة –كأقل تعبير مهذب أستطيع استعماله؛ حتى لاعبي الكرة اشتكوا من "الاستغلال"، وربما قصدوا "الاستعباد".
وعلى جوانب أخرى.. فالاستثمار السعودي في مصر مرتبط دائمًا ليس بالتنمية بل بالامتلاك، وكأنهم يريدون إعادة غزو البلاد بحد الدولار عوضًا عن حد السيف.
باختصار لا يمكننا اعتبار السعودية من الحلفاء المخلصين، وبخاصة بعد ما تواتر عن أن أحد أسباب بناء إثيوبيا للسدود على منابع النيل هو توفير المياه لمشاريع استثمارية سعودية عملاقة، ولو على حساب منع المياه عن مصر؛ وفي ذلك تحقيق لمقولة "عمر بن الخطاب" الشهيرة: "إن كان خراب مصر فىي عمار المدينة فذاك".
بيننا و بين اسرائيل حقـًا حالة من اللا سلم واللا حرب، ومَن لا يصدق فليعد إلى عناوين الصحف الأيام الماضية ويقرأ عن محاولة طرد السفير الاسرائيلي من مطعم في المعادي؛ كدلالة تفوق كل مثيلاتها على المشاعر العدوانية التي يغذيها إعلام فاسد وشيوخ أكثر فسادًا تحقيقـًا لمصالح فئات معينة على حساب عذاب الشعب المصري.
لا داعي للكتابة عن فلسطين، فبعد ما يقرب من شهرين من فتح معبر رفح، ما زال النباح يتصاعد حول "حصار غزة"، وما زلنا نقرأ عن أنفاق تُحفر ومنها ما يسمح بتهريب سيارات –تصوروا!
لقد زاد سعر الحشيش في مصر وقت بناء الستارة الفولاذية، فلما وجدوا حلولاً لحفر مزيد من الأنفاق وتم فتح المعبر عاد سعره للانخفاض، مما يثبت أن المورد الرئيسي للمخدرات يمر عبر "حماس"؛ فهل مَن يتصور عدم عداء حماس لمصر بعد ذلك؟
آخر القوى بالشرق هي العراق، ولا أدري أين نحن منها، إلا أن إعادة إعمارها قد تمت تنحية مصر عنه –وهذا عن تجربة شخصية مثبتة– ولا تواجد سياسي لمصر هناك بالسلب أو بالإيجاب.
لم يتبق لنا إلا تركيا إذن؟
في الحقيقة يبدو أن الإجابة هي نعم، فهذه علاقة مصلحة وقتية لكل طرف منها ما يفيده.
تركيا تستعمل مصر للضغط على الاتحاد الأوروبي بالتهديد بالركون إلى "المحور" الإسلامي، وعداء إسرائيل لو لم تنضم بشكل كامل للاتحاد الأوروبي، ومصر تستعمل تركيا للنكاية في سوريا وتصعير الخد للسعودية وتهديد العراق، ولا بأس من إخراج لسانها بشكل مستتر لإسرائيل.
و مثل كل الزيجات التي تقوم على المصالح ولا تستمر، فالإرتباط مع تركيا، والذي وصل إلى استعراض جيشنا أمام رئيس الدولة لن يدوم لزمن طويل، فالخلافات بيننا وبين تركيا أعمق من أن تسمح بشراكة كاملة، وإن كنت أعلم أن الإسلاميين على أتم استعداد لقسم يمين الولاء لتركيا إن أعادت الخلافة الإسلامية تطبيقـًا لمبدأهم الأهم وهو "طظ في مصر"، ووقتها سيضحون بكل مَن خالفهم و بدم بارد.
قبل أن نقرأ و نسمع الإسلاميين ومَن في حكمهم يطلبون إعادة الخلافة العثمانية، أرجو أن يقتصر التقرب بين مصر وتركيا على الحصول على ياميش رمضان بأسعار رخيصة تسمح بشرائها.
و قتها سيهتف كل سكان العشوائيات بطول عُمر الخليفة.