كتب ايهاب رشدى
" بعد إعلان محافظة المنيا إحدى محافظات صعيد مصر استقلالها عن جمهورية مصر العربية أقيمت خلال شهر أبريل الماضى عدة جلسات عرفية وفقا للقانون المنياوى ، تم على اثرها حل أزمة كنيسة العذراء بقرية الجلاء ، وانهاء مشكلة المدرس القبطى بقرية الناصرية المتهم بازدراء الدين الاسلامى وكذلك حل ازمة كنيسة قرية العور . "
عزيزى القارئ .. هذا هو نص الخبر الذى كان ينبغى أن تنشره الصحف والمواقع الالكترونية حينما تقوم بعرض مشاكل اقباط محافظة المنيا ، حيث يستحى القانون المصرى أن يظهر هناك ، لذا فهو يفضل الصمت ، ويوقر عباءات الاخوان والسلفيين والمتشددين الذين يضعون أحكامهم الخاصة و التى تخضع لها الدولة متمثلة فى مسئوليها التنفيذيين .
وها هى جلسة عرفية تتم برعاية محافظ المنيا تقضى بنقل موقع كنيسة الشهداء التى صدر بشأنها قرار من رئيس الجمهورية ، لمكان آخر داخل القرية بناء على أوامر المتشددين ، كما قام الأمن بالافراج عن سبعة أشخاص قاموا بالتعدى على أقباط القرية ومنازلهم لكى يعم السلام والهدوء فى القرية .
وفى قرية الجلاء ، جلسة أخرى برعاية مدير أمن المحافظة تقضى ببناء كنيسة مرخصة ولكن وفق الشروط التى وضعها السلفيون حيث لا يحق للاقباط بناء منارة أو وضع أجراس للكنيسة ولا ينبغى أن يزيد ارتفاعها عن 12 متر ، وفى مقابل هذا العرض السخى من السلفيين يتنازل الأقباط عن كافة المحاضر المقدمة منهم ضد الجانب الأخر وكذلك عن التعويضات في الخسائر التي لحقت بهم من جراء اعتداءات الجانب الآخر .
وفى جلسة عرفية ثالثة عقدت بقرية الناصرية التابعة لمركز بني مزار بحضور القيادات الأمنية والتنفيذية صدر قرار بتهجير المدرس القبطي الذي اتهم بنشر فيديو مسيء للدين الاسلامى ، وما كان ذلك الفيديو سوى مشهد صغير قام بتمثيله 4 من طلاب المرحلة الثانوية وذلك المدرس ، فى إحدى الرحلات ، على سبيل الدعابة سخروا فيه مما يقوم به تنظيم داعش ، وتم اتهامهم بازدراء الدين الاسلامى وهو نفس المشهد الذى شهدته منطقة محرم بك بالأسكندرية فى عام 2005 حينما قامت الدنيا على كنيسة هناك لانتاجها مسرحية ادعوا أنها تزدرى بالاسلام .
والوقائع كثيرة ومتكررة على أرض دولة المنيا الشقيقة ، وفى كل حادثة منها نرى أن القانون المصرى ينزوى جانبا ، ويترك الساحة لذوى الأفكار المتخلفة المتطرفة ، والتى يقوم أصحابها بارهاب الطرف المسيحى الأضعف وفرض السيطرة عليه بالقوة ، والأدهى أن كل ذلك يتم فى حضور الأمن وموافقته ، وكأنه يمنحهم الضوء الأخضر لمزيد من هذه السلوكيات الغوغائية . والعجيب أن يستقوى الأمن على الطرف الأضعف وهو الطرف العاقل الذى لا يملك سوى لغة الحوار ويراعى مصلحة بلده باستمرار فى كل الأحوال ولكنه يتنازل دائما عن الكثير من حقوقه التى كفلها له القانون و المواثيق الدولية ، ويقدم تضحيات لا يقدرها أحد لا فى أرض المحروسة ولا فى دولة المنيا المستقلة .
كاتب صحفى و مراسل لوكالة انباء مسيحى الشرق الأوسط