قراءة في ملف الأمور المسكوت عنها-(536)
بقلم: يوسف سيدهم
وطني صحيفة في العقد السادس من عمرها فمشوارها الصحفي يمتد من عام1958 حتي يومنا هذا-زهاء 57عاما-وهذا العمر لاينافسها فيه إلا عدد محدود من الصحف التي صدرت في الماضي أو تزال تصدر في وقتنا الراهن وعلي رأسها جميعاالأهرام مدرسة الصحافة العريقة التي تحتل موقع الصدارة محليا وعربيا كما تحتل مكانة متميزة بين الصحف العالمية بعمرها الذي بلغ139عاما.
طول عمر الصحيفة لايسبغ وحده عليها صفة العراقة,لكن الرسالة التي خدمتها وتخدمها عبر مسيرتها وخلال سنوات عمرها هي التي تضفي عليها العراقة,والتقاليد التي تتمسك بها تجعل منها مرجعا ونموذجا يحتذي,وعطاء الأجيال التي تعاقبت عليها وكيف انعكس ذلك علي تطوير رسالتها مع ترسيخ معايير الإرث المهني الذي ينتقل من جيل إلي جيل دون تآكل أو تفريط هو العطاء الجدير بالتسجيل وهو الذي يلتقطه ويسجله ويوثقة كل من يبحر عبر أرشيف الصحيفة وصفحاتها.
وطني تفخر بأنها صحيفة حملت رسالة….رسالة تنويرية وقبطية ووطنية…رسالة تجاوزت خدمة الخبر والتقرير الخبري والتحقيق والمقال والحوار إلي آخر ذلك من عناصر العمل الصحفي…تجاوزت ذلك حين كانت سباقة منذ سنوات عمرها الأولي في تقديم بابالمرأة-الأسرة-الطفل,وحين قدمت باب الطب والعلاج,وبابالعالم والعلم وهي أمثلة علي أبواب عدة قدمتها لقرائها حين كانت هذه الأبواب تنتمي إلي المجلات المتخصصة أكثر منها إلي الأبواب الصحفية.
وطني أيضا بادرت بتسليط الضوء علي الحضارة القبطية والتاريخ القبطي والدور الوطني للأقباط في شتي مجالات الحياة حين استشعرت أن هناك هجمة غير مسبوقة علي هذا التاريخ وذلك الإرث تبغي تهميشه ومحوه من الذاكرة المصرية…بل امتدت الهجمة إلي المناهج التعليمية تزيح كل ماهو قبطي بعيدا عن عقول النشء والدارسين والباحثين حتي كادت ذاكرة مصر تصدأ وتتآكل فيما يخص أقباطها وتاريخهم وحضارتهم…هنا حملتوطني تلك الرسالة وقدمت لقرائها أبوابا شتي قبطية الطابع والمضمون والعبق لتعويض الفاقد والمغيب من جراء تلك الهجمة.
وطني رفعت راية المواطنة وهي تتصدي للفرز الذي يتعرض له الأقباط…رفضت بكل إصرار أن تضع حقوقهم المهضومة أو مطالبهم المشروعة تحت رايةالطائفية أوالأقلية الدينية بل ناضلت من أجل إعلاء معايير المساواة بين المصريين تحت راية المواطنة إيمانا بأن الوطن هو الوعاء الذي ننصهر فيه جميعا وأن العلاقة الأزلية التي تربط أبناء الوطن لايمكن أن تنفصم وأن الأقباط مهما تعرضوا للتهميش أو الفرز أو الاضطهاد لايجب أن يخلطوا بين قلة مريضة والأحداث بالتعصب والكراهية وبين أقرانهم في الوطن…وها هي السنين تمضي تتلاحق ويعيد المصريون كتابة دستورهم بإعلاء معيار وقيمة وقيمالمواطنة في مادته الأولي.
كل هذا التاريخ وكل ذلك المسار الذي يشكل عمروطني منذ نشأتها إلي يومنا هذا رسخ تقليدا لعله استرعي انتباه قرائها وفاحصي رسالتها…وهو حرص وطني علي تسجيل أسماء روادها الأوائل علي الأبواب التي أسسوها والتي يستمر نشرها إلي الآن-حتي وإن كان بعضها خضع للتطوير في جزء من مضمونه أو في عنوانه الصحفي-وإذ تتمسك الصحيفة بهذا التقليد تشعر بالفخر والامتنان لروادها الأوائل وتعكس منهاج عمل للأجيال التالية لتحذو حذوه وتواصل رعايته.
وإذ أسجل كل ذلك اليوم أقول إن هدا الإرث العظيم طفا علي السطح حين رحلت عنا منذ نحو شهرين آخر عضوة في جيل الرواد الأستاذة ليلي الحناوي أوماما ليلي التي حملت مشعل قضايا المرأة وحقوقها ومتاعبها وتحدياتها في هذا المجتمع…رحلت واسمها يحتل مكانة علي بابالأسرة والمجتمع وريث بابالمرأة-الأسرة-الطفل الذي أسسته,وكان رحيلها باعثا لمراجعة موقعها من مقدمة باب أو مشرفة عليه إلي مؤسسة له…بل إنها كانت فرصة لمراجعة أشمل لكافة أبوابوطني التي تحمل رسالة مؤسسيها وبات عليها أن تذكرهم تخليدا لعطائهم.
وبناء عليه اتفقت أسرة التحرير من مشرفي ومقدمي الأبواب الأصيلة فيوطني علي توثيق أسماء مؤسيسها عليترويساتها بحيث تسبق أسماء مقدميها المعاصرين علي النحو التالي:
*وطني والأقباط…باب أسسه مسعد صادق.
*أخبار المسكونة…باب أسسه ماهر عياد.
*الأسرة والمجتمع…باب أسسته ليلي الحناوي.
*الرياضة…باب أسسه بنيامين باسيلي.
*فكر وأدب…باب أسسه صبحي شكري.
*بانوراما…باب أسسه عادل كامل.
*الاقتصاد والمال…باب أسسه د.صليب بطرس.
*من الصميم…باب أسسه مسعد صادق.
*حول العالم…باب أسسه فريد عبد السيد.
*فنون…باب أسسه رشدي إسكندر
***وطني إذ تفعل ذلك تعبر عن تكريمها وامتنانها للرواد الذين حملوا رسالتها وترسخ تقليدا عريقا تتمسك به وتحافظ عليه أسرة تحريرها.