بقلم: جرجس وهيب
الفرق بين الشرق (العالم العربى)، والغرب (العالم الغربى)،  كالفرق بين السماء والأرض، فالفرق كبير جدًا.
 فالدول الأوربية وصلت إلى ما وصلت إليه الآن، بفضل الجهد والعرق والإجتهاد والأمانة والإخلاص والإلتزام والمساواة والديمقراطية، والدول العربية وصلت إلى ما وصلت إلية الآن بفضل التعصب والإنحياز والتخلف والجهل والأمية والفساد والمحسوبية والكوسة ومحاربة الكفاءات.

 فلو استمر الدكتور "مجدى يعقوب"، أو الدكتور "أحمد زويل"، أو الدكتور "فاروق الباز" فى "مصر" ما وصلوا إلى ما وصلوا إليه من مكانات مرموقة. فالعالم الغربى يدعم المبتكرين والمخترعين، أما فى مصر فالكل يحارب المخترعين والمبتكرين والموهبين، بل يصل إلى سرقة جهودهم.

  فتقدم الغرب لم يكن من فراغ، وإنما من إلتزام وتطبيق صارم للقوانين على الجميع دون تفرقة بين أبيض وأسود، أو مسيحى ومسلم، أو بين إنسان مسنود وإنسان بسيط. فمنذ أيام قليلة قضت محكمة هولندية بمنع مواطن من أصل مصرى مسيحى، ويدعى "عزت عزيز"، من إرتداء الصليب أثناء العمل بإحدى الشركات التى كان يعمل بها كقاطع للتذاكر بشركة المواصلات البلدية بمدينة "أمستردام"، وقد أقام دعوى قضائية ضد الشركة بعد أن تم وقفه مؤقتًا عن العمل فى العام الماضى بسبب رفضه خلع قلادة تحمل صليبًا أثناء العمل.

وجاء فى وثيقة الدعوى التى أقامها "عزيز" إنه من غير الإنصاف أن يُـمنع من إرتداء قلادة تحمل رمزًا دينيًا أثناء العمل، بينما تسمح الشركة نفسها لأصحاب ديانات أخرى بإرتداء رموز دينية تعبر عن ديانتهم، مما يعنى أنه يتعرض للتمييز الدينى.

ورأت المحكمة أن "عزيز" لا يتعرض لأى تمييز دينى، حيث أن القضية تتعلق بتعليمات موحدة وضعتها الشركة بخصوص المظهر الخارجى للعاملين، تمنع الجميع من إرتداء القلادة فوق الزى الرسمى، حيث تستند الشركة إلى قاعدة عامة تطبقها على جميع العاملين، وسمحت الشركة له بأن يعبّر عن إنتمائه الدينى من خلال خاتم فى إصبعه، أو قرط للأذنين يحمل علامة الصليب.

هذا الحكم صدر فى بلد أوربى، الأغلبية العظمى من سكانه من المسيحيين، ومع هذا تم منعه من ارتداء الصليب، منتهى الصرامة والحيادية والموضوعية فى تطبيق القوانين.

 عندما قرأت هذا الخبر، تذكرت قرار الشيخ الراحل "محمد سيد طنطاوى"- شيخ الجامع الأزهر السابق- بمنع ارتداء الطالبات صغار السن النقاب داخل المدارس، وما حدث من هجوم حاد عليه، هو المرجع الدينى السنى، والأول فى العالم.  ولم يُنفذ القرار، وتذكرت أيضًا الهجوم الذى تعرّض له الفنان "فاروق حسنى"- وزير الثقافة- من قبل أعضاء البرلمان المصرى من الإخوان والوطنى والذان لم يجتمعا مطلقًا، ولكن اجتمعا هذه المرة للهجوم على وزير الثقافة.
 كما تذكرت قرار بعض رؤساء الجامعات منع دخول الطالبات المنتقبات للحرم الجامعى، وما تلى ذلك من مظاهرات وإحتجاجات، وقضايا أمام كبرى المحاكم فى "مصر"، على الرغم من أن النقاب كما قال كبار علماء الأزهر ليس من الإسلام، بل يتخفى خلفه بعض المجرمين، أو من يشرعون فى جرائم. ومع هذه فشلت الدولة فى منع المنتقاب من دخول الجامعات، وأصرت على دخول الجامعات، ونجحن فى ذلك بدعم من بعض القوى الموجودة فى مصر، على رأسها جماعة الإخوان المسلمين المحظورة، وبتخاذل الدولة فى تطبيق القرارات.

وبعذ ذلك نتساءل: لماذا الغرب متقدم ونحن متخلفين؟ لأن هناك فصل تام بين الدين والحياة العامة، فالدين فى الغرب علاقة بين الإنسان وربه، وأما فى مصر فالدين يظهر فى المظهر الخارجى، وفى الاسم، وفى البطاقة الشخصية، فالدين متغلغل فى كل شىء، بل أن الدولة ذاتها تساعد فى ذلك بقصر بعض الوظائف على طائفة دون الأخرى، ووضع خانة فى البطاقة تحدد الدين.
 فهل أدركنا لماذا نحن متخلفون ولماذا الغرب  متقدم؟!!