بقلم يوسف سيدهم
اعتاد القراء أن تكون القراءة في ملف الأمور المسكوت عنها خاصة بمشكلة أو قضية شائكة,لكن الحقيقة أن موضوع اليوم لاينتمي إلي مشاكل أو قضايا شائكة إنما هو موضوع في هذا الملف لأنه ظل مسكوتا عنه زهاء ثلاث سنوات…إنه موضوع ذو صبغة اجتماعية تنموية وطنية مرتبط بمجال تأهيل الشباب ورفع قدراته لتقديمه إلي سوق العمل,وبينما هناك جهود كثيرة في هذا المجال تتولاها أجهزة تابعة للدولة أو مؤسسات تابعة للمجتمع المدني,اليوم أتحدث عن واحدة من مؤسسات المجتمع المدني التي دخلت هذا المجال منذ نحو ثلاث سنوات لكنها آثرت العمل في صمت دون إعلان أو ضجيج مفضلة أن تقدم نفسها للمجتمع مصحوبة برصيد ملموس من الإنجاز..هكذا تأسست وأشهرت وعملتالمؤسسة الاجتماعية القبطية للتنمية-إيجيكوبت منذ يوليو2012 ولم تعلن عن نفسها إلا الأسبوع الماضي وهي تحتفل بالدفعات الأولي من خريجيها من الشباب والشابات الذين حصلوا علي برامج التدريب والتأهيل وبفضلها تمكنوا من اكتساب مهارات استحقوا بواسطتها اغتنام فرص عمل واعدة ما كانوا يشغلونها بمؤهلاتهم العلمية وحدها.
نرتقي بالشباب ليرتقي بالمجتمع…هذا هو شعارإيجيكوبت وهو ذاته الشعار الذي طالما شغلت به وطني وعملت من أجله وجعلني لا أتردد في الانضمام إلي مسيرة ورسالة إيجيكوبت لأنها تملأ مساحة لم يستطع عمل وطني مع الشباب أن يملأها…وتلك قصة آن أوان تسجيلها.
اهتمت وطني عبر سنوات عمرها بضم العناصر الشابة إلي كوادرها التحريرية ومختلف قطاعات العاملين فيها,حتي دعت الحاجة إلي مبادرةوطني بتأسيس برلمان الشباب المنبر السياسي الذي فتح أبوابه للشباب المصري من الجنسين -مسلمين ومسيحيين-للتفاعل مع واقعه والتعبير عن رأيه فيما يجري في بلده…كان ذلك عام2000 واستقطب برلمان الشباب أعدادا متزايدة من الراغبين في الالتحاق به وفجر طاقات هائلة من الحماس والمشاركة وسط الشباب وأفرز نتائج عظيمة في إطار قبول الآخر-في الجنس والدين-والتعايش مع الاختلاف,وأثبت بدرجة مذهلة أن إعطاء الفرصة للشباب غير مرتبط بالضرورة بنضجه إنما هو السبيل الفعال لإخراجه من يأسه وسخطه ولا مبالاته وتحويله إلي شعلة متفجرة من الجدية والنضج وتحمل المسئولية.
ذلك ما أثبتته تجربة برلمان الشباب التي لم تكن سوي محاكاة لواقع مفقود في زمن أزمة…واقع رافض للشباب متهما إياه بالعبث واللهو ومتنكرا لحقه في الفرصة وعازفا عن الاستماع إلي رأيه ورؤيته فيما يحدث في بلده…فكان برلمان الشباب تعويضا مؤقتا لتمكين الشباب من البحث عن ذاته ومعايشة واقع وطنه والتعبير عن رأيه…بالإضافة إلي ميزة سحرية أتاحتهاوطني هي نشر كل ذلك علي صفحاتها,الأمر الذي أضاف إلي سحر التجربة بعدا إضافيا عندما رأي وقرأ الشباب نتيجة عملهم ونتاج فكرهم وتوثيق رؤيتهم.
لكن بقدر سعادة الشباب بتجربة برلمان الشباب ولهفتهم علي المشاركة في فعالياته بقيت هناكغصة في الحلق…صرخة مكتومة سمعتها من الكثيرين منهم:أين لقمة العيش؟!!…تجربة البرلمان أخرجتنا من اليأس لكن ماذا عن الأمان والاستقرار والعمل من أجل المستقبل بكل آماله وطموحاته؟…وكنت أكتم مشاعر الضيق والعجز عن تحقيق ماصيبو إليه هذا الشباب.
صحيح أنني تمكنت من تقديم فرصة العمل للنذر اليسير منهم -سواء ف يوطني أو في مجالات عمل أخري-لكن السواد الأعظم منهم بقي بلا عمل…يؤرقني ويذكرني في كل لحظة أن ما فعلتهوطني بمنبر برلمان الشباب ساعد علي انتشال الشباب من مستنفع اليأس والانعزال لكنه لم يفلح في إخراجه من نفق البطالة والضياع!!
هنا جاءت إيجيكوبت لتملأ المساحة التي لم تستطع وطنيأن تملأها…جاءت لتقدم فرصة حقيقية للشباب لتمكينه من تحويل مؤهلاته العلمية المنقوصة إلي قدرات فعلية مقبولة في سوق العمل…جاءت لتحول حسرته بالبطالة إلي أمل مشفوع بفرصة عمل وتفاؤل بمستقبل طالما ظن الشباب أن المجتمع يضن به عليه.
لا أستطيع أن أنقل لكم سحر الإحساس بالذات الذي ينتاب الشباب عندما يري المجتمع مهموما بتمكينه وبمنحه الفرصة….وهذا عينه أمل مصر ودورها في إرساء العلاقة الأزلية الصحيحة بين الأجيال…جيل أكبر لايكتمل دوره إلا بتمكين الجيل الأصغر ليشغل مكانه.
نقلا عن وطنى