د. ممدوح حليم
بعد مرور 115 عاما ً على إنشائها يرى كثيرون أن حركة مدارس الأحد قد شاخت، وأنها بحاجة إلى من يجدد شبابها. إن الشيخوخة التي أصابتها لها أسباب كثيرة.
أحد أسباب شيخوختها أن الانتماء لها مؤقت، إذ يلتحق الشاب أو الشابة للخدمة بها، وما أن يتخرج أو يلتحق بعمل أو يخطب حتى يترك الخدمة. إن انتماءه لها غالبا ما يكون من باب الوجاهة الاجتماعية أو الفراغ.
كنت أتمنى أن يكون الانتماء لمدارس الأحد لمدى الحياة. انظر إلى حركة الشبيبة الأرثوذكسية التي نشأت نحو منتصف القرن الماضي في كنيسة الروم الأرثوذكس بلبنان على يد الشهير الارشيمندريت جورج خضر، وكيف أن الانتماء لها لا حدود عمرية له. إن حاجة الإنسان للتعلم لا تتوقف على سن معين.
انظر إلى حركة كشافة وادي النيل في الكنيسة الكاثوليكية في مصر، وكيف أنه لا حدود عمرية لأعضائها.
لقد كانت حركة مدارس الأحد منذ نشأتها كيانا هلاميا غير محدد، الأمر الذي جعل رجال الإكليروس يستولون عليها بالتمام، ولقد ترك حبيب جرجس الحركة لقمة سائغة لرجال الدين، وصرنا نرى الآن أحد الكهنة مشرفا ً عليها في الكنيسة بل وأمينا للخدمة رغم أنها نشأت بالأساس كحركة علمانية من غير رجال الدين.
ومنذ نشأتها جعل حبيب جرجس حركة مدارس الأحد تحت رئاسة البابا، ربما لأنه يفهم قواعد اللعبة والحسابات داخل الكنيسة، وربما لكي يكتب لها الانتشار والثبات. وفي كل الأحوال خسرت الحركة استقلاليتها و لم تجد من يهتم بها. لقد انتقلت تبعية مدارس الأحد من أسقفية التعليم في الستينات لتؤول تبعيتها لأسقفية الشباب ، وهكذا تنقلت الحركة من بيت لبيت كطفل يتيم لا يجد من يرعاه. لقد ذابت الحركة في الكيان الكنسي كأحد أنشطتها ولم يعد لها كيان محدد مما عرضها للإهمال والضياع وسط المشغوليات.
كنت أتمنى أن يكون لحركة مدارس الأحد كيان مستقل يرأسه شخص علماني يكون خليفة لحبيب جرجس مؤسسها ، ولها مجلس إدارة وقادة فروع. إن هذا الحلم كان من شأنه أن يثير المتاعب مع رجال الكنيسة، الذين يرغبون بصفة عامة أن يكون كل شيء تحت أيديهم. كما أن ذاك الحلم كان من شأنه أن يجعل مدارس الأحد كيانا تنظيميا الأمر الذي كان سيثير المتاعب مع الأجهزة الأمنية. وفي كل الأحوال أدت هذه الأسباب إلى ضعف حركة مدارس الأحد وشيخوختها.
انظر إلى مجلة مدارس الأحد التي أنشأها إدوراد بنيامين أحد آباء حركة مدارس الأحد، وكيف أنها صارت كطفل بلا أب بعد رحيله الأمر الذي أدى إلى استيلاء بيت مدارس الأحد عليها وهو بيت لرعاية الأيتام ، وهكذا صارت المجلة لا ترتبط بحركة مدارس الأحد سوى بالاسم.
لقد تحالفت عوامل كنسية واجتماعية وأمنية لاحتواء حركة مدارس الأحد مما أدى إلى خنقها وضعفها بل وشيخوختها، وهكذا ضاع كيان جميل اسمه "مدارس الأحد"