السبت ٩ مايو ٢٠١٥ -
٠٠:
٠١ م +02:00 EET
صورة تعبيرية
مدحت بشاي
أشارك صديقي العزيز ثروت صموئيل مدير تحرير جريدة" الطريق والحق " التفاؤل والأمل في ما جاء في مقاله بالعدد الأخير حول تقارب وتعاون الكنائس المصرية ..
كتب "ما يحدث في مصر بين الكنائس المسيحية يفرح القلب ويبهج الصدر، فبعد تشكيل مجلس الكنائس المصرية أقيمت روابط للشركة بين الطوائف المختلفة في كثير من المناطق وليالي وأيام الصلاة. هذا جميل، لكن أخشى ما أخشاه أن يتوقف الأمر عند هذا الأمر، فمجلس الكنائس لم يعقد اجتماعات ولم يصدر قرارات أو توصيات.
الوحدة بين الكنائس تحتاج إلى نيات حسنة، وقلوب صافية وثقة في الإيمان والعقيدة، وقبول الآخر حتى لو كان مختلفًا عني وإقرار هذا الاختلاف - أو كما يحلو للبعض تسميته التنوع – وقبوله، دون مطالبة الآخر بتغيير هويته أو عقيدته".وسأل : فهل تنجح الكنيسة في هذا الاختبار؟
والحقيقة إنني أطمح أن يكون لذلك المجلس في الفترة القادمة الدور الأهم في دعم العمل المشترك مع كنائسنا عبر النطاق الإقليمي ، وما يواجه أبناء المسيح في العالم العربي ومنطقة الشرق بصفة عامة وما يتم من جرائم تستهدف التهجير القسري لهم من المنطقة لتكون منطقة بلا مسيحيين ..
لقد أقامت كنيسة سيدة النجاة ببغداد قداساً يوم 31 أكتوبر الماضي ، بمناسبة الذكرى السنوية الثالثة للهجوم الانتحاري الذي تعرضت له عام 2010، وشكل الحضور موكب طويل من رجال الدين والكهنة والشمامسة والمرتلين، ودخلوا كنيستهم ، مرنمين بحزن بالغ ومصلين على أرواح من ماتوا بالهجوم.
وكانت كنيسة سيدة النجاة في بغداد قد شهدت في ذات التاريخ من عام 2010 ، هجوما مسلحا من قبل تنظيم القاعدة أثناء قداس الأحد،وتم احتجاز 120 مواطناً من المصلين والكهنة، كرهائن ، وطالبوا بالإفراج عن سجناء من القاعدة في العراق ومصر.
وعلى مدار ساعتين، وسط ضجة طائرات الهليكوبتر الأميركية والعراقية ودوي الرصاص، حررت قوات الجيش والشرطة إلى جانب قوة يطلق عليها "الفرقة الذهبية" ، الرهائن ، بعد إغلاق تام لمنطقة الكرادة حيث الكنيسة.وكان المسلحون قد قتلوا أحد القساوسة ، وهددوا بقتل الرهائن مالم تلبى مطالبهم ، وانتهت العملية بتفجير الانتحاريين أنفسهم داخل الكنيسة متسببين بقتل العشرات ولم يبق منهم سوى صور جمعت في لوحة كبيرة أمام الكنيسة توقد لهم الشموع بين الحين والآخر وفي الأعياد وأيام الأحاد..
وأثناء احتفال أقباط كنيسة القديسين بالأسكندرية بقدوم عام ميلادي جديد مساء 31 ديسمبر من نفس العام ، كانت العملية الإرهابية البشعة الشهيرة وسالت الدماء على جدران الكنيسة ، وكان ضحيتها 21 شهيد و97 مصاباً ، ورغم إعلان جماعة إرهابية قبل الكارثة بإسبوعين بحدوث تفجيرات مماثلة لما حدث لكنيسة سيدة النجاه على الأراضي المصرية ، إلا أن الجهات الأمنية لم تتخذ الإجراءات الواجبة .. وتوالت الأحداث الإرهابية
والاعتداءات على الكنائس .. حرق وتدمير وهدم وصولاً لحادث الوراق ، وكوارث التهجير القسري وفرض الإتاوات على المواطنين المسيحيين.
ثم ، كانت التوجيهات التي يُجمع أهل التحليل السياسي لوضع المسيحيين في الشرق أنها تأتي في سياق مؤامرة غربية أمريكية ، ليكون الذهاب هذه المرة إلى مدينة "معلولا"وشرق سوريا ، والمعروف أنها المنطقة التي يتحدث أهلها اللغة الأرامية التي كان يتحدث بها السيد المسيح ،
فكان الهجوم على الكنائس والمواقع التراثية التاريخية الرائعة ، وكأنه المطلوب القضاء على ذلك التراث الحضاري النادر ( وهو ما يذكرنا بما حدث لمتحف ملوي من تدمير وسرقة وتبديد لمحتوياته ) ، وتم سرقة الأيقونات المسيحية والاتجار فيها في الأسواق التركية ، ولعله توجه أمريكي للنيل من وجه الحضارة في المشرق ، بالإضافة لتحقيق هدف إخلاء سوريا من المسيحيين حيث يرونهم أصحاب بأس ، ففي "معلولا" أكثر من مليون مسيحى يرفضون سياسات الولايات المتحدة الأمريكية و ينتمون للعرب فكان دعم احتجاز الراهبات ، ومن قبلهم كان اختطاف كهنة !!
و كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد قطعت علاقتها بدولة الفاتيكان غضباً من إعلان تعاطف قداسة بابا الفاتيكان مع ضحايا العنف الطائفي في "معلولا" وغيرها ، وهو ما يدعم فكرة المخطط الأمريكي المحفز لجماعات التطرف في المنطقة لتحقيق الفوضى والتقسيم وإضعاف الجيوش العربية ، وتحقق لهم ما أرادوا في العراق ، والأن يؤكد معظم المحللين السياسيين أن الجيش الحر في سوريا تم تشكيله من ميلشيات التطرف أتت من دول حاضنة وراعية للإرهاب.
وهذا اليقين من صحة التوجه الأمريكي يتأكد لنا من الموقف السلبي من جانب الإدارة الأمريكية إزاء أحداث حرق وهدم وتدمير العشرات من الكنائس المصرية ، بينما هاجت وماجت وأعلنت عن عظيم غضبها من إصدار الحكومة المصرية لقانون التظاهر ، وأعربت عن قلقها البالغ من قمع المعارضة على أبواب مجلس الشورى ، أما حوادث التهجير القسري للمسيحيين واستهداف أمنهم ، فيبدو أنه من مصادر سعادتهم !!!
وفي هذا الإطار أود الإشارة لانعقاد مؤتمر تحت عنوان " مسيحيي المشرق.. هواجس وتحديات" ..قال عنه الصحفي " علي سعد" حين انعقد منذ اكثر من عام.. لقد حمل المسيحيون المشرقيون همومهم وهواجسهم إلى لبنان حيث عُقد المؤتمر العام الأول لمسيحيي المشرق في مركز حوار الحضارات العالمي بالربوة. المؤتمر بحجم الحضور والمشاركة الفاعلة بدا كأنه انعكاس واضح لقلق المسيحيين من تناقص وجودهم في الشرق، نتيجة المشاكل المتراكمة التي تعاني منها المنطقة.
ومن منا ينسى ماحدث في تطور نوعي ومخيف ، عندما رصدت كاميرا "الفجر" اعتداء أعضاء ينتمون لجماعة الإخوان على قبطي وزوجته أثناء مرورهم بجانب المدينة الجامعية بالقاهرة . وقال الناجي وزوجته إنهم بمجرد رؤية الصليب معلق بالسيارة، قالوا يا كفرة يا بتوع السيسي ،وأنهالوا عليهم بالحجارة ، بينما استطاع الرجل الفراربعد إصابة الزوجة وتهشم زجاج السيارة !!..ماذا بعد ؟..هل بات على المسيحيين في الشرق البحث عن أوطان بديلة ؟!!!
medhatbe@gmail.com