الأقباط متحدون - الخيال الرابع .. وغرقت في صحراء عينيه
أخر تحديث ٠٤:٥٩ | الجمعة ٨ مايو ٢٠١٥ | ٣٠برمودة ١٧٣١ ش | العدد ٣٥٥٤ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الخيال الرابع .." وغرقت في صحراء عينيه "

غادة كريم
غادة كريم

حنان المرأة لا يصمد أمام لامبالاة الرجل ..فيذوب !! حتى أنها لا تدرك ذات صباح من أين أتت هذه القسوة على رجل كان يوما يملك جميع جزيئات قلبها ويذوبها فماذا حدث لها ؟ ظلت تتذكر ذات صباح مؤلم التفاصيل البعيدة، هي تلك المرأة التي يحلم الجميع بامتلاكها رغم انها تملك نصف وزنها شجن الماضي البعيد والنصف الاخر قلق المستقبل القريب، تعمل في مجال تصميم الأزياء وابداعها بلا حدود، وطموحها ايضا.

لم تكن تدرى أنه سيكون حلم حياتها المعلق عندما هاتفته من أجل تصوير مجموعتها الخريفية الجديدة، خطفها الرجل بحضوره وفنه فهو مصور فوتوغرافي محترف يهوى الجميع لقطاته، فاقتربت من النار بخفة الفراشات المعهودة ولكنها في النهاية احترقت في بدايات الشتاء.

 هذا الرجل العنيد الكتوم انسانيا ومهنيا منذ الوهلة الاولى حولته الايام هو الاخر الى طفل يبوح لها بأي سر، أصبحت صديقته حتى النخاع ثم تطور الامر لتنتهي على أطراف السحاب لتدرك أنها لم تعشق من قبل ولم يكن كل الرجال قبله الا أطياف بشر ولن يكونوا بعده الا بحثا عنه في أعينهم عسى ان تلقاه من جديد.

 كان حلمها معه أن تستكشف لذة تشابك ايديهما على طاولة نهارية يحيطها نور الشمس ونور الحب من كل اتجاه وكأن مذاق شكولاها المفضلة سيتحول الى نكهة أخرى تبدو بمذاق عينيه العاشقة .

تفاصيل قصتهما الممتدة لسنوات تؤكد أنها علاقة قدرية كلما قررا ان ينسجا كلمة النهاية مرة بالخلاف ومرة بالاتفاق يأبى القدر أن يتحول إلى موجة تمحو أثار القصة كأن لم تكن، كانت تخبره ستمر السنوات وفي عيد ميلاده الستين سيتناولان افطارهما سويا وسيشرب قهوته بمذاق عينيها .. فيضحك على طفولة أحلامها ويحبها اكثر. تراها حقا كانت ستبقى حتى هذا العمر !!

 الصراع داخلها قويا فما يحدث ليس بالتأكيد نزوة فهو يحتاجها بصدق ولكن الحياة ألقت بهما سويا على شاطئ يفصلهما عن أرض الواقع بالكثير من القرارات والمسافات التي ربما لا يقوى أحدهما على اتخاذها ولا يقوى الاخر على اثبات فعاليتها مع الزمن فهو يعشق حريته كما ان غروره يريد سيطرة كاملة على كبرياءها كأنثى جامحة ..يحيا في بلد اخر ويريدها ان تذهب اليه، يعمل طوال الوقت ويريدها ان تتفرغ له، لا يهاتفها كثيرا ويريدها ان تطير شوقا على الهاتف منذ رنته الاولى .. ما هذه الكتلة الغرورية المسماة مجازا انسان وتحمل اسم رجل !!

وظل " الزمن "هو بطل القصة وبطل القرارت وهو الذى يقرر متى اللقاء ومتى الحنين ولكنها تمردت فجأة واقتربت لعلها تجد النهاية لأجمل قصة معلقة ومع كل خطوة للقرب منه كانت تكتشف أنها أضافت الكثير من رتوشها الملونة على قلب هذا الرجل اللامبالي حتى بأهم الأشياء في حياته مع كل مكالمة هاتفية بينهما كان يحلو له أن يأكل اهماله لمشاعرها قطعة جديدة من قلبها، حتى استيقظت في يوما من الأيام لتجد روحها غارقة في صحراء عينيه، منتهى الصحراء الذى ظلت تهوى بمشاعرها في الرمال الناعمة المتحركة إلى الأعمق.

 لا تريد أن تخوض حرب مع الاخرى بداخلها واعطائها اعذار بائسة حتى تسمح لها بالاحتفاظ بلقب عاشقة ليوم اخر، فأعظم ما في الحب عفويته وتحكمه بنا بخفة الموسيقى ماذا يتبقى ان تحكمنا نحن بقلوبنا لتطفو رغما عنها بطبول الحرب .. المقاومة في الحب تغرقه، عفويا يطفو على سطح القلب ليهبنا الحياة لا ان نحترق من اجل أن يحيا هو لنهار جديد وتموت أرواحنا تدريجيا !!

قررت أن تخترقه وتسافر اليه، طالما كانت بارعة في قراءة أعين الرجال ومعرفة ما يخبئون في قلوبهم من نظرة واحدة فقط وفى صباح يوم جميل فى مطار بيروت هاتفته لتخبره بمجيئها عله نسى الأمر فمنذ أسابيع مضت أخبرته، فوجدته متلهفا منتظرا لها وفى الطائرة بعيدا عن الجاذبية الارضية التي تفصلها عن الجنون تحررت افكارها الا من واحدة هي ملامسة يديه، كانت أصابعه جميلة كمن يعزف البيانو كانت تتأمل صوره وتحلم مع كل صورة أن هذا الكف يحتضنها بقوة ويعانق أصابعها فى صمت يملأ عالمها الداخلي بالموسيقى .

واخيرا هبطت الطائرة ووجدته فى انتظارها، هذا الرجل الذى يسكن على مسافة عشقية مدمرة للعلاقات، تنتظر مكالمته في حنين أقوى من حنين صغار الطيور لأمهم عائدة بالطعام ،اعتقدت انها ستفقد صوابها امامه وتحتضنه الا انه احتضنها اولا ليطيح بها متناسية كل هؤلاء البشر لتعلن لهذا العالم انها فى حالة عشق بدائي ينتهى بها قتيلة في احضان هذا الهمجي، لكنه سرعان ما افلتها، احتضنها بقلبه وافلتها بعقله، شيء ما في عينيه ظلا صامتا فأيقنت ان اشواقها تحتضر فهذه مقابلة لا تليق بلهفة عاشق.

 وفى خلال أيام كانت على اول طائرة للقاهرة متيقنة انه لم يكن قلبها معه يوما، كان اناني حتى في حبه لها، كان يحبها ليدلل نفسه بها، كان يعرف مدى الانسجام بينهما فأرادها لتسعده لا ليسعدها، لتنظم اوراقه و يبعثر اوراقها ومع كل عاصفة ترابية بينهما ظلت غارقة في صحراءه لأشهر متتالية تبتلع اللامبالاة كالرمال الناعمة ما تبقى له من عشق داخل قلبها.
 
وسيبقى رجلا حمل لها كل احلام العاشقين و كل خيالات الرجال وحفر اسمه على باب قلبها و لكن من منا منحه القدر الابدية في الحب، كان حبهما غير قادر على تحدى الزمان أو المكان، كانت المسافات تقتله والقرب يبعثره، فقررت أن يصبح عشقها ذكرى و ألمها ندبة صغيرة على جدار القلب فأي منطقة عشقية تلك التي كانت ستجمع يوما على ايه حال بين رجل من جليد وامرأة من نار !!
نقلا عن روز اليوسف


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع