عادل عطية

(1)    الفمتو كعب!!
عندما نحدد موعداً لمقابلة، نقول: بعد العصر، أو بعد المغرب، أو بعد العشاء!.
وعندما يسأل أحد عن الموعد المتوقع لحضور القطار، أو مغادرة الحافلة، نقول عادة: بعد شويّة!.
وعندما يسألنا أحد عن مسافة ما.. ربما نقول: المسافة قريبة ـ فركة كعب!.

ومع أن العالم النوبلي "أحمد زويل"، انتقل بالعالم من ثقافة قياس الزمن باليوم إلى ثقافة تقيسه بالفمتو ثانية، إلا أننا لا نزال نتمسك بثقافة التقريب، ولا نزال نقيسه بالفمتو بعد .. وبالفمتو كعب!...

(2)    الأبيض الأسود!!
القرش الأبيض، والكذب الأبيض، والنهار الأبيض...
كلمات تتزين بالبياض، وتتمرغ في المناسبات السوداء!
يقولون: "القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود".
وهل هناك يوم أسود من اليوم الذي باع فيه "يهوذا" سيده بثلاثين من الفضة؛ فحوّل بياض الفضة إلى سواد الخيانة؟!

ويقولون: "الكذب الأبيض" ينفع في الورطة السوداء".
وهل هناك مناسبة أكثر سواداً من الوقوع في وحل: الخداع، والخطأ، والخطيئة؟!
ويقولون، ببشاشة الصباح: "نهارك أبيض".

ولكننا نجعله مع أدنى مشكلة، أو ضيقة، أوتجربة" نهاراً أسوداً!
وسنظل: دائماً، قادرين على تصيير كل أبيض إلى أسود، حتى نستوعب الفرق البيّن بين لون العسل الأسود، ومذاقه. والكف عن اللهج ـ بدون فهم ـ: "أنا سوداء وجميلة"!...

(3)    الحرام.. الحرام!!
يا لها من مفارقة!
نبغض الحرام، ولكننا نستخدم الكلمة بولع شديد يشبه العشق الممنوع!
خذ عندك، هذه التحريمات:
"حرمنا، الحرملك، حرم الطريق، الحرم الجامعي..."..

وحتى عندما يضايقنا أولادنا، نصرخ فيهم: "حرام عليكم"!
نحن لا نعترض على الحرام الإيجابي، الذي يخضع لوصايا الله.

وانما نعترض على الحرام السلبي، أو التصوري، الذي يكاد يجعل كل مناحي حياتنا: حرام في حرام!
الحرام، الذي سخر منه شاعرنا العاميّ أحمد فؤاد نجم، في ثورة كلماته:
"ممنوع من السفر، ممنوع من الغنا، ممنوع من الكلام

ممنوع من الاشتياق، ممنوع من الاستياء، ممنوع من الابتسام
وكل يوم فى حبك تزيد الممنوعات

حبيبتي يا سفينه متشوقه وسجينه
مخبر فى كل عقده عسكر فى كل مينا

يمنعني لو اغير عليكي او اطير اليكي واستجير بحضنك او انام
فى حجرك الوسيع وقلبك الربيع اعود كما الرضيع بحرقه الفطام
حبيبتي يا مدينه متزوقه وحزينه

فى كل حاره حسره وف كل قصر زينه
ممنوع من اني اصبح بعشقك .. او ابات
ممنوع من المناقشه ممنوع من السكات
وكل يوم فى حبك تزيد الممنوعات..."..

فهذا هو الحرام.. الحرام!...