بقلم: مجدى الجلاد | الأحد ٣ مايو ٢٠١٥ -
١٢:
١٢ م +02:00 EET
مجدى الجلاد
لأننى -مثلك تماماً- أحب بلدى وليس لى وطن غيره.. ولأننى -مثل كثيرين منكم- أؤيد الرئيس السيسى ولا أقبل سوى نجاحه.. كان لابد أن أكتب هذا المقال الذى سيغضب -حتماً- بعض المحيطين به..!
لو فهموا.. لن يغضبوا.. ولو غضبوا.. سأقول لهم: اقرأوا مرة أخرى.. فثمة فارق كبير بين من ليس له فى مصر سوى مصر.. ومن يظن أنه «الوطنى» الوحيد فى مصر.. أنا أنتمى للنوع الأول.. لى أخطائى وخطاياى.. ولى نزقى وانفعالاتى.. ولى نجاحاتى وإخفاقاتى.. ولكن ليس لى فى «البيع والشراء».. وليس لى فى «النفاق» ولا «النوم المريح» بين أصابع السلطة والدولة.. لذا: صدقونى.. ما أقوله واقع دقيق من داخل «سرداب» السلطة فى مصر.. والأهم أننى لست طرفاً مستفيداً ولا متضرراً..!
هذه مقدمة تفسيرية وحتمية.. لماذا؟!.. لأن القراءة التآمرية فى بلادنا هى السائدة..!
ثمة أزمة حقيقية بين الرئاسة والإعلام.. أزمة بدأت تحت الجلد.. ثم طفحت على السطح.. وفى ذلك خطر داهم على وطن يحارب فى مائة جبهة وميدان.. والأخطر أن كل طرف -الرئاسة والإعلام- يتمسك بوجهة نظره إلى حد «التعالى» على الآخر..!
ملحوظة: حين أكتب عن «الرئاسة» لا يعنى بالضرورة أننى أقصد «الرئيس».. وحين أتحدث عن «الإعلام»، لا أحاول أن «أسلخ» نفسى عن أبناء جلدتى..!
ترى «الرئاسة» أن الإعلام -فضائيات وبرامج وصحفاً ومواقع ومقالات- ليس معها فى «المعركة الكبرى»، رغم أنها -أى الرئاسة- لم تقدم توصيفاً واضحاً لتلك المعركة: هل هى «الإرهاب بإخوانه وجماعاته المسلحة»؟! أم الاقتصاد بعثراته وأمراضه المستعصية؟!.. أم الفساد بدولته وقوانينه المتجذرة؟!.. أم الدولة العميقة «المخوّخة» والغارقة فى «الكسل والإهمال والبيروقراطية والروتين»..؟!.. أم المواطن المصرى ذاته الذى لم تغيره الثورات، ولم تصلحه التحديات؟!.. لم تقل «الرئاسة» لأحد إن لديها رؤية واضحة لكل ذلك، وإن «الشراكة فى المسئولية والمصير» تتطلب آليات أوضح لتجاوزها.. والأهم أنها لم تكلف نفسها عبء دراسة وتحليل سيكولوجية الصحفى والإعلامى الذى يتشوه دائماً بعلاقته بالسلطة وضغوطها، وانتمائه للمواطن بهمومه وأحلامه.. ففى الحالتين لا يرضى عنه أحد!
يؤمن الإعلام -ليس كله طبعاً- بأن القارئ والمشاهد والمستمع هو رأس ماله الحقيقى.. ولكنه ينجرف وراء هذا المفهوم.. وبدلاً من التعبير الموضوعى عن الشعب بجميع أطيافه، يسقط الإعلام كثيراً فى مستنقع التعبير بلغة وعقلية «المقاهى والحوارى»، وكأنه -بذلك- يقترب أكثر وأكثر من الناس.. وتدريجياً تتحول الشاشة إلى «مقهى»، ويصبح «المقهى» عنبراً كبيراً لمرضى يتكلمون دون عقل..!
«الرئاسة» غاضبة من الإعلام لأنه يبرز أزمات ومشاكل المواطنين: مياه شرب.. بوتاجاز.. كهرباء.. فساد.. تعليم.. وصحة.. غير أنها لم تسأل نفسها: أليست هذه الأزمات موجودة بالفعل، بل وتتصاعد؟!.. هل يستطيع الإعلام تجاهلها؟!.. ومنذ متى كان الإعلام فى العالم كله بعيداً عن طرح السلبيات فى أداء الحكومات؟!.
الإعلام غاضب لأن «الرئاسة» تعاملت معه فى البداية بمفهوم الشريك.. ثم سرعان ما ابتعدت وتباعدت، إلى حد التعامل معه بنظرية «الأوامر والتعليمات ورسائل اللوم» ليس من «الرئيس»، وإنما من بعض المحيطين به.. وحين أرادت «الرئاسة» تنظيم العلاقة استحدثت ما يسمى «مكتب الإعلام».. وتلك قصة أخرى: شبان وشابات حديثو التخرج والتجربة.. توجّه جميل.. غير أنهم لم يمارسوا المهنة، ولا يجيدون تحليل المضمون.. والأخطر أن «نشوة قصر الاتحادية» جرفتهم إلى التعامل بغطرسة مع إعلاميين وكتاب رأى.. وباتت عبارة «إحنا الرئاسة» تشعل غضب كبار الصحفيين والإعلاميين، خصوصاً حين تصدر من «بنوتة» صغيرة، تخرجت فى الجامعة منذ عدة أشهر.. و«البنوتة» لا تعرف قطعاً أن ثمة فارقاً بين فتح نقاش حول قضايا ومعلومات منشورة ومذاعة، وإعطاء الأوامر بلهجة فوقية حادة: الرئاسة سياسة.. والسياسة أن «تسوس» الأمر، وتحفظ المسافات، لا أن تحاول إرهاب الآخرين بـ«غضب الرئيس»..!
الرئيس عاقل وحليم وحكيم.. وهو يدرك أن الشعب المصرى بمواطنيه البسطاء ونخبته وإعلامه معه.. أو هو الذى معهم.. يتدثر بهم من فرط التراكمات والميراث الثقيل.. ويتسلح بهم وهو يحارب فى الداخل والخارج.. لذا فإن العلاقة بين الطرفين -الرئاسة والإعلام- بحاجة إلى مراجعة حكيمة، وآليات وضوابط تضمن حقوق الطرفين، واحترام كل طرف للآخر.. وليس هذا صعباً على الرئيس السيسى..!
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع