أثار مشروع الكونغرس الأميركي، الذي يقترح تسليح البشمركة الكردية والسنة، جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والشعبية في العراق، وأخذ الجدل يحتدم بين السياسيين بتصريحات متفاوتة، وكذلك الحال بالنسبة للمواطنين العراقيين من مختلف شرائح المجتمع وبدأت مواقع التواصل الاجتماعي تشهد نقاشات مطولة حامية بخصوص القرار بين مؤيد ورافض.
أصدرت وزارة الخارجية العراقية بياناً رفضت فيه مشروع الكونغرس الأميركي وقالت الخارجية في بيانها إنَّ "المشروع يعتبر مساساً بوحدة العراق ويسيء إلى العلاقات بين الولايات المتحدة والعراق"
ورفضت الخارجية بشدة في بيانها مشروع قرار تسليح البشمركة الكردية والسنّة لمقاتلة تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" مؤكدةً في بيانها أن أي "مساعدات يتم تقديمها يجب أن تكون ضمن الاحترام المتبادل بين البلدين واحترام سيادة العراق ويجب أن يكون التعامل بهذا الشأن مع الحكومة المركزية العراقية حصراً".
وأوضح البيان حرص العراق على علاقاته الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الأميركية في مكافحة الإرهاب.
اقرأ أيضا: "داعش" يتقدم بمصفاة بيجي وعفو "مشروط" عن العسكريين الفارين
لكن السفارة الأميركية في بغداد كشفت عن أن سياسة الولايات المتحدة تجاه العراق لم تتغير وأن المشروع المقدم من قبل الكونغرس بشأن تقسيم التمويل لا يعكس "سياسة الولايات المتحدة والتي تقدم الدعم للحكومة العراقية حصراً".
وكان سياسيون سنة رحبوا بمشروع قرار الكونغرس المتضمن تسليح السنة لمقاتلة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش".
وقال عضو لجنة العلاقات الخارجية النيابية ظافر العاني في بيان أصدره "نرحب بأية مساعدات عسكرية غير مشروطة تصل عبر القنوات الرسمية".
وتابع العاني في بيانه "نرحب بمشروع القرار الأميركي المتضمن تسليح الشعب العراقي لمقاتلة تنظيم "داعش" في حال عجزت الحكومة عن ذلك للحفاظ على وحدة العراق وشعبه".
ودعا العاني الحكومة العراقية إلى تسليح العشائر العربية السنية أسوة بالحشد الشعبي وسن قانون الحرس الوطني لتحصين العراق من أية تدخلات خارجية.
ولم يتوقف الجدل داخل أروقة السياسة بل تعداه إلى الشارع العراقي ومواقع التواصل التي تعج بالنقاشات المطولة من كتاب وأدباء وإعلاميين ومثقفين ومحللين، فمنهم من اعتبر القرار بداية لمشروع تقسيم العراق ومنهم من اعتبره بداية لوقف النزاع الطائفي.
وقال الناشط الحقوقي ياسين الدليمي إنَّ "مشروع القانون الأميركي جوبه بالرفض القاطع من قبل الأحزاب والكتل الشيعية بشكل واضح كونهم لا يريدون تسليح العشائر السنية ولا يريدون التعامل مع السنة على أنهم قوة فعلية على الأرض توازي الحشد الشعبي".
ولفت الدليمي إلى أنَّ "السُنّة بين مطرقة التهجير وسندان جرائم الحشد والمليشيات يريدون أي مشروع للخلاص والحفاظ على ما تبقى من أعراضهم ودمائهم التي استبيحت بحجة "داعش" وإذا كان بداية لأقلمة العراق فهو الحل الأفضل لوقف نزيف الدم والاحتقان الطائفي أسوة بكل الدول ذات الطابع الاتحادي الإقليمي".
من جانبه اعتبر الكاتب مرتضى الصالحي أن "مشروع قرار الكونغرس هو بداية لتقسيم العراق عبر تسليح السنة والأكراد بمعزل عن الحكومة العراقية أو يتجه نحو وضع أسس جديدة لتحويل العراق إلى أقاليم كردية وسنية وشيعية، والسبب هو تعنت الحكومة العراقية ورفضها تحجيم المليشيات الطائفية في الوقت الذي يعاني فيه السنّة، خاصة من انعدام التسليح الحكومي وفي الوقت نفسه تطالبهم الحكومة بمواجهة داعش رغم رفضها تسليحهم".
فيما يرى المحلل السياسي، محمد عبد الستار العبيدي، أن هذا المشروع يأتي بمثابة "وضع حجر أساس لتحويل العراق إلى ثلاثة أقاليم كردي وسني وشيعي".
ويقول العبيدي إنَّ" تحويل العراق إلى حكومة اتحادية بثلاثة أقاليم هو الحل الأمثل في الظرف الراهن، فالدماء تسيل من كل الأطراف والجميع يخسرون ولا بد من مشروع دولي لإيقاف هذه المجازر التي يقع ضحيتها المدنيون في النهاية".
ويرفض آخرون هذا القرار معتبرين إياه بداية لتقسيم العراق إلى ثلاث دويلات، مطالبين بالحفاظ على وحدة العراق وشعبه، كما يعتقد الأديب قصي الحسن موضحاً أنَّ "الولايات المتحدة منذ أن احتلت العراق عام 2003 سعت دائماً إلى تقسيم العراق، وإضعافه كونه يمثل ركيزة دولية أساسية في استقرار المنطقة ككل".
ويشير الحسن إلى أنَّه "من الصعب تقبل فكرة تقسيم العراق، ولعل اللوم كله تتحمله الحكومة العراقية التي كان عليها التعامل مع كل مكونات الشعب العراقي على أساس واحد، لكنها فشلت في ذلك بسبب السياسات الطائفية".
وهدد رجل الدين الشيعي، مقتدى الصدر، في تصريح سابق بضرب مصالح الولايات المتحدة في كل مكان رافضاً مشروع قرار الكونغرس محذراً الإدارة الأميركية ومهدداً برفع التجميد عن الجناح العسكري المتخصص بالجانب الأميركي وضرب مصالح الولايات المتحدة داخل العراق وخارجه.
وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي رفض مشروع الكونغرس المتضمن تسليح السنة والأكراد بمعزل عن الحكومة العراقية مؤكداً أن التسليح يجب أن يكون عبر الحكومة العراقية حصراً.
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.