بقلم : سليمان جودة | الخميس ٣٠ ابريل ٢٠١٥ -
٥٧:
٠٥ م +02:00 EET
الرئيس عبد الفتاح السيسي
هات كتاب التاريخ المقرر على الصف السادس الابتدائى، وحاول أن تقرأ ما جاء فيه عما حدث فى 30 يونيو 2013، وسوف يتبين لك بعدها أننا لانزال نصمم على أن نضحك على أنفسنا، قبل أن نضحك على غيرنا، وأن ما يقال عن مراجعة المناهج والمقررات إنما هو كلام شاشات، لا أكثر من ذلك، ولا أقل، وأننا لسنا جادين فى شىء!
إن المصريين فى الكتاب المشار إليه خرجوا بالملايين فى ذلك اليوم، ليس لأن الجماعة الإخوانية قد تغولت على البلد على نحو غير مسبوق، ولا لأنها أرادت ابتلاعه بكامله، ولا لأنها هددت ثوابت وطنية عاش المصريون عليها وسوف يموتون عليها أيضاً، ولا لأن محمد مرسى قد أهان كل مصرى عندما أصدر إعلاناً دستورياً فى نوفمبر 2012 أراد أن يحصن به نفسه، ليس فيما مضى من قراراته، فقط، ولا حتى فيما هو حاضر من تلك القرارات، وإنما فى المستقبل بالإجمال!.. وكانت نكتة سخيفة فى وقتها كما نذكر جميعاً!
لا.. لم يخرج المصريون فى ذلك اليوم، من ذلك العام، لأن مرسى قد أوحى لجماعة من أنصاره بمحاصرة المحكمة الدستورية العليا على كورنيش النيل، فى مشهد لم يحدث أن رأته مصر من قبل، ولا نظن أنها سوف تراه مرة أخرى!
لا.. لم يخرج المصريون، حسب الوارد فى الكتاب، لأن مرسى قد احتفل بالسادس من أكتوبر، وهو اليوم الوحيد المضىء فى تاريخنا القريب، بأن جاء بالذين قتلوا السادات، وأجلسهم فى الصف الأول من منصة الاحتفال، بينما القادة الذين حاربوا، والذين حملوا أرواحهم على أيديهم، والذين رووا رمال سيناء بدمائهم، كانوا جميعاً فى بيوتهم.. أما القتلة فكانوا فى الاحتفال!
كل هذه الجرائم وغيرها، فى حق هذا الوطن، لم تلفت نظر الذين كتبوا عن 30 يونيو لطلابنا فى السنة السادسة الابتدائية، وإنما لفت انتباههم فقط أن المصريين خرجوا فى ذلك اليوم، لأن «الأحوال الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لم تتحسن»!!.. هذا وحده، دون غيره، هو السبب الوحيد الذى من أجله خرج المصريون ثائرين بالملايين فى كل ميدان!
إن خطورة عبارة مفخخة كهذه، فى كتاب التاريخ، ليس فقط أنها لا تقول الحقيقة لطلابنا، كما حدثت على الأرض، ودون تهوين ولا تهويل، ولكن خطورتها فى أنها، أولاً، تزيف ما جرى، بطريقة فاجرة، وترويه على غير حقيقته، وتضع أسباباً مزيفة لثورة المصريين فى 30 يونيو!
خطورة إرجاع الثورة إلى ذلك السبب اليتيم فى الكتاب أن الطالب نفسه الذى يقرؤه، حين يأتى عليه يوم 9 يونيو المقبل، ويكون عام كامل قد مر على وجود السيسى فى الحكم، ولا يكون هناك تحسن سياسى، ولا اقتصادى، ولا اجتماعى فى الأحوال، فإن من حق الطالب الدارس لمثل هذا الكلام، عندئذ، أن يتساءل: لماذا لا نثور على السيسى، إذن، إذا كانت الأحوال لم تتحسن فى عام، بمثل ما ثرنا على الإخوان، عندما لم تتحسن الأحوال معهم فى عام؟!
إننى بالطبع أبرئ الوزير محب الرافعى من هذا المحتوى للكتاب، لسبب واضح، هو أن مثل هذا المنهج قد تم وضعه، وإقراره، ثم تدريسه للطلاب، قبل أن يأتى الوزير إلى منصبه بعدة أشهر، ويظل الوزير السابق محمود أبوالنصر مسؤولاً مسؤولية كاملة.
يظل مسؤولاً لأنه ظل يخدعنا ويحدثنا عن مراجعات شاملة للمناهج، فى الوقت الذى يدعو فيه سطر واحد، فى كتاب واحد، إلى الثورة على الرئيس!
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع