بقلم: القمص أثناسيوس چورچ
عندما أصدر دقلديانوس مرسومًا يأمر فيه بحرق الكنائس وتسريح المسيحيين من الأشغال ومصادرة ممتلكاتهم وحقوقهم؛ كان مارجرجس أميرًا مسيحيًا في كبادوكية؛ فاحتدّت روحه فيه شاهدًا جهارًا بإيمانه؛ حيث قام بتقطيع مرسوم الملك؛ مستنكرًا كيف يخفي خلاصه أو ينكر حياته الأبدية؟! جازمًا أنه لم يعُد عنده شيء يخافه؛ حاسبًا كل الأشياء نفاية من أجل معرفة الملك المسيح، فلا يوجد ما يُعيق شهادته له؛ ولا حتى الحياة نفسها... وهو مستعد أن يترك كل شيء؛ حاملاً صليبه عالمًا أﻱ ثمن سيدفعه نظير إيمانه الذﻱ جاهر به أمام الجميع.. برأس مرفوع ونفس ثابتة إلى فوق؛ مملوءة من حماس الفرح الذﻱ لا يُنطق به.. حيث عانى المحاكمة الظالمة والآلام الرهيبة ؛ التي واجهها بجراءة وقدوم وبوجه يشع بنور قوة سماوية؛ راكضًا نحو السماء موطن القديسين المُعَدّ.
كتب سيدﻱ الملك جوارجيوس الروماني سيرته بدمه؛ كاتبًا قصة الكنيسة بصليبها وقيامتها المجيدة؛ صائرًا أميرًا لشهدائنا وفخر تيجانها وشجعانها؛ فتمتد وتنمو وتتجدد قوة في كل صباح؛ لأن روح الله يجمعها لتنتشر من أقاصيها إلى أقاصيها؛ موحدًا صفوف خوارسها ليعلو صوت تسبيحها وتمجيدها الذوكصولوجي... وكما كان مارجرجس قائدًا وبطلاً وفارسًا مِغوارًا؛ هكذا كان ملتهبًا في محبته وثباته بصبر وشرف على آلام السجن والجلد والسحر والسُم والإغراءات والمعصرة.. مرورًا بميتات كثيرة انتصر فيها على إبليس التنين المشتكي علينا؛ منتصرًا بقوة المعونة الإلهية وبحربة الصليب المحيي؛ صائرًا مثلاً يُقتدَى به في الكنيسة عروس الحمل.
واليوم في عيده تحتفل الكنيسة بسيرة أعمال استشهاده؛ كتاج مجد على رأسها مرصع بالعذابات؛ وكوثيقة كرامة لرتبة الشهداء؛ وكقرار لترنيمة عذبة ألّفها أبناء أم الشرفاء؛ التي عبرت بحر الآلامات وحفظت بدماها الحق قويمًا؛ بعد أن خطّت على جبينها لحنًا مجيدًا صادقًا؛ امتزج بالأمانة والقداسة والسجود والشهادة؛ لتكون سجلاً حيًا ضمن تراث حي ومُعاش عبر الدهو وحتى يومنا هذا.
إن قوة الروح القدس ليست مرتبطة بالأزمنة والأوقات والمواسم؛ لأن الروح حيٌّ ويعمل بغزارة؛ وكما عمل في مارجرجس الكبادوكي الشاب الفتى الفارس؛ البهيّ الطلعة والحلو الجمال؛ يعمل الآن في الكنيسة لبناء النفوس ولتمجيد الاسم الحسن ولتشديد سُلالة الشهداء؛ حتى تتجهز وتستعد كنيستنا التي خصها الروح بالعطايا؛ ويكون مارجرجس الشهيد قائدًا لطغمة وأَلْوِيَة من الذين جازوا ويجوزون معمودية الدم.
إنك يا سيدﻱ الملك جوارجيوس بشفاعتك وطلباتك ودالتك المقبولة عند سيد وضابط الكل قد صرتَ للمأسورين محررًا ومعتقًا؛ وللفقراء وللمساكين عضدًا وناصرًا؛ وللمرضى طبيبًا وشافيًا؛ وعن كافة المؤمنين مدافعًا ومحاربًا.. اشفعْ فينا أيها اللابس الظفر مارجرجس أمير الشهداء عند الله ليغفر لنا خطايانا.
http://frathanasiusgeorge.wordpress.com/